الدماغ المعرّض للضغوط النفسية مقرون بقلب مكسور
المترجم: عدنان احمد الحاجي
النشاط المتصاعد في الدماغ، الناجم عن ضغوط نفسية، مرتبط باحتمال الإصابة بأمراض القلب النادرة و في بعض الأحيان المميتة، وفقًا لبحث نُشر في 26 مارس 2021 في مجلة القلب الأوروبية.
الدراسة وحدت أنه كلما كان مستوى النشاط أعلى في الخلايا العصبية في منطقة اللوزة الدماغية في الدماغ ، كلما كان تطور (ظهور) الحالة المعروفة باسم متلازمة تاكوتسوبو (TTS) أسرع. يطرح الباحثون اقتراحًا مفاده أن التدخلات لخفض مستوي نشاط الدماغ المرتبط بالضغط النفسي يمكن أن يساعد في الخفض من مستوي احتمال الإصابة بمتلازمة تاكوتسوبو TTS. هذه العلاجات قد تشمل العلاجات الدوائية أو أساليب أخرى لتقليل الضغط النفسي.
متلازمة تاكوتسوبو TTS، والمعروفة أيضًا باسم متلازمة “القلب المكسور”، تتميز بضعف مؤقت مفاجئ في عضلات القلب مما يتسبب في انتفاخ البطين الأيسر للقلب من الأسفل بينما يظل عنقه ضيقًًا، مما يخلق شكلًا يشبه مصيدة الأخطبوط اليابانية ومنه أخذ اسمه. منذ أن تم تشخيص هذه الحالة النادرة نسبيًا لأول مرة في عام 1990، أشارت الأدلة إلى أن المتلازمة تنجم عادةً عن نوبات من ضائقة انفعالية / مشاعرية شديدة، كنوبات الحزن أو الغضب أو الخوف أو ردود الفعل على أحداث سعيدة أو بهيجة (مبهجة).
يعاني المصابون بهذه المتلازمة من آلام في الصدر وضيق في التنفس، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى نوبات قلبية وربما إلي موت. تُعتبر متلازمة تاكوتسوبو أكثر شيوعًا عند النساء منها عند الرحال، حيث 10 ٪ فقط من الحالات تحدث عند الرجال. (2)
اللوزة هي عضو في الدماغ تتحكم في المشاعر / الانفعالات والتحفيز والتعلم والذاكرة. كما أنها لها دخل في التحكم في الجهاز العصبي اللاإرادي وتنظيم وظائف القلب.
تشير الدراسة إلى أن النشاط العصبي البيولوجي المتصاعد المرتبط بالضغط النفسي في اللوزة ، والسابق بعدة سنوات على حدوث متلازمة تاكوتسوبو، قد يلعب دورًا مهمًا في تطورها (ظهورها) وقد يتنبأ بتوقيت حدوثها. النشاط العصبي البيولوجي المتصاعد المرتبط بالتوتر النفسي في اللوزة قد يهيئ الشخص للاستجابة لضغوط نفسية حادة تصل ذروتها بالإصابة بمتلازمة تاكوتسوبو ، كما قال الدكتور أحمد توكل، المدير المشارك لمركز أبحاث تصوير القلب والأوعية الدموية في مستشفى ماساتشوستس العام وكلية الطب بجامعة هارفارد في مدينة بوسطن في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي قاد الدراسة.
لقد تعرفنا أيضًا على وجود علاقة مهمة بين نشاط الدماغ المرتبط بالضغط النفسي ونشاط نخاع العظام لدى هؤلاء الأشخاص. هذه النتائج توفر معًا نظرة ثاقبة عن آلية محتملة قد تساهم في “اتصال القلب بالدماغ”.
في الدراسة الأولى التي فحصت مسوحات (تصوير) الدماغ باستخدام التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني / التصوير المقطعي المحوسب (PET-CT) لتقييم نشاط الدماغ قبل الاصابة بمتلازمة تاكوتسوبو ، حلل الدكتور توكل Tawakol وزملاؤه بيانات من 104 شخصًا بمتوسط عمر بلغ 68 عامًا، 72 ٪ منهم من النساء.
خضع المرضى لفحوصات الأشعة في مستشفى ماساتشوستس العام في مدينة بوسطن في الولايات المتحدة الأمريكية بين عامي 2005 و 2019. كذلك خضع معظمهم للفحص لمعرفة ما إذا كانوا مصابين بالسرطان ، كما استخدمت عمليات المسح (التصوير) الدماغي لتفييم نشاط خلايا الدم في نخاع العظام. قارن الباحثون 41 شخصًا أصيبوا بمتلازمة تاكوتسوبو بين ستة أشهر وخمس سنوات بعد عمل المسح الدماغي ب 63 شخصًا لم يصابوا بالمتلازمة. كانت الفترة الفاصلة بين عمل المسح الدماغي ، وبداية الاصابة بمتلازمة تاكوتسوبو، والمتابعة الطبية الأخيرة أو الوفاة كانت بمتوسط مدة قدرها 2.5 سنة ل 104 مريضًا.
وقال الدكتور توكل: “مناطق الدماغ التي لديها مستوى نشاط أيضي عالٍ تميل إلى أن يكون مستوي استخدامها أعلى. وبالتالي ، يشير مستوى النشاط العالي في أنسجة الدماغ المقترنة بالضغط النفسي إلى أن هذا الشخص لديه استجابة أكثر نشاطًا للضغط النفسي. وبالمثل، فإن مستوى النشاط العالي في نخاع العظام يعكس زيادة في أيض نخاع العظام. مسوحات (تصوير) ال PET / CT تنتج صورًا تعكس توزيع أيض الجلوكوز. وبالتالي ، فإن صور الدماغ تعطي خريطة للنشاط الأيضي للدماغ: فكلما كان مستوى هذه القيم أعلى، كلما كان مستوى النشاط مرتفعًا في مناطق الدماغ تلك.”
وجد الباحثون أن الذين أُصيبوا في النهاية بمتلازمة تاكوتسوبو TTS كان لديهم نشاط اللوزة الدماغية المرتبط بالضغط النفسي العالي في المسح الدماغي الأولي (يقاس كنسبة نشاط اللوزة إلى نشاط مناطق الدماغ المضادة للضغط النفسي) مقارنة بالأفراد الذين لم يصابوا بمتلازمة تاكوتسوبو TTS لاحقًا. علاوة على ذلك، كلما زاد مستوى الإشارة الصادرة من اللوزة ، كلما زاد مستوي احتمال الإصابة بمتلازمة تاكوتسوبو. من بين 41 مريضًا أصيبوا بمتلازمة تاكوتسوبو TTS ، كان متوسط الفاصل الزمني بين الفحص والاصابة بمتلازمة تاكوتسوبو 0.9 شهرًا (أي 27 يومًا)، بينما متوسط الفاصل الزمني بين الفحص والمتابعة الأخيرة للمريض أو وفاته بين مجموعة التحكم المكونة من 63 شخصًا كان 2.9 سنة (34.8 شهرًا) .
“من الجدير بالذكر أنه من بين 41 مريضًا الذين أصيبوا بمتلازمة تاكوتسوبو، أُصيب أعلى 15٪ من أولائك الذين لديهم أعلى مستوى نشاط في اللوزة الدماغية بمتلازمة تاكوتسوبو TTS خلال عام من تصوير / مسح أدمغتهم ، في حين من كان لديهم نشاط أقل قد أصيبوا بمتلازمة تاكوتسوبو بعد عدة سنوات” كما قال الدكتور توكل:.
وقال الدكتور توكل إن الدراسات في المستقبل يجب أن تبحث فيما إذا كان الحد من نشاط الدماغ المقترن بالضغوط النفسية يمكن أن يقلل من فرص تكرار متلازمة تاكوتسوبو بين المرضى الذين عانوا من المتلازمة سابقًا.
“تضيف هذه النتائج إلى أدلة التأثير الضار لبيولوجيا الضغوط النفسية على جهاز القلب والأوعية الدموية. تؤكد مثل هذه النتائج على الحاجة إلى مزيد من الدراسات على تأثير الحد من الضغط النفسي أو التدخلات الدوائية التي تستهدف مناطق الدماغ هذه على صحة القلب. في غضون ذلك، عند مصادفة مريض يعاني من ضغوط نفسية مزمنة وعالية، قد يفكر الأطباء بنحو من المعقولية في احتمال أن يؤدي تخفيف الضغط النفسي إلى فوائد لصالح جهاز القلب والأوعية الدموية “.
العملية التي يؤدي من خلالها الضغط النفسي إلى إحداث متلازمة تاكوتسوبو ليست مفهومة جيدًا ولكنها قد تتضمن آلية يشترك فيها أجهزة organs متعددة تبدأ بتنشيط أنسجة الدماغ الحساسة للضغط النفسي. نشاط الدماغ هذا بدوره يؤدي إلى العديد من الأحداث الأخرى ، بما في ذلك افراز هرمونات التوتر النفسي وتنشيط الجهاز العصبي الودي واطلاق الخلايا الالتهابية، والتي كل منها يمكن أن يساهم في الاصابة بمتلازمة تاكوتسوبو.
محدودية الدراسة تتمثل في أنها كانت دراسة بأثر استعادية / رجعي (3) وحيدة المركز (يعني أُجريت في عيادة / مستشفي معين، 4) تتكون أساسًا من مرضى مصابين بالسرطان ، وهو عامل معروف من عوامل خطر الاصابة بمتلازمة تاكوتسوبو، والذي قد يحد من قابلية تعميم هذه النتائج. لم يستطع الباحثون من قياس التغيرات اللحظية في نشاط الدماغ استجابة لحدث من أحداث الضغط النفسي الذي أدى إلى متلازمة تاكوتسوبو، وبالتالي لم يتمكنوا من إثبات علاقة سببية مباشرة بين الضغط التفسي والمتلازمة. كما لم يتمكنوا من قياس التغيرات في النشاط في مناطق أخرى من الدماغ ، والتي يمكن أن تلعب دورًا أيضًا.