الملف السري الخطير جداً
جواد المعراج
إن الشريعة الإسلامية تهدف إلى تقريب القلوب والنفوس بين المتخاصمين، والإصلاح بين الناس، نظراً لما تحمله الخصومة من تأثيرات خطيرة جداً على الحاضر والمستقبل بين الأطراف المتعاركة، وخاصة لو كانت عنيفة فهي تورث الكذب والنفاق وشهادة الزور والإدعاءات الباطلة، حيث يصبح كل طرف من الأطراف المتنازعة يمارس معارك خادعة من أجل تحقيق مصالح ومآرب خاصة.
والخصومة العنيفة بقدر ما تورث الكذب والنفاق فهي كذلك تسلب الإنسان الراحة والطمأنينة النفسية، بل وتزرع القلق والخوف الشديدين بين الأطراف المتاخصمة، وبالتالي يصبح كل طرف يعمل على تصيفة حسابات الآخر (الانتقام والتحايل).
ثم بعد ذلك يريد كل طرف يظهر أن لديه الحق وهو في حقيقة الأمر يدعي ذلك، من أجل أن يحافظ على المصالح الخاصة به ويصفي حسابات الآخر على حساب الانتقام وإثارة الضغوطات النفسية ومشاعر الخوف والتوتر.
وعند استمرار الخصومة العنيفة لفترة طويلة وخاصة لو كانت لعدة سنوات دون العمل على (إصلاح ذات البين) يؤدي ذلك لتدمير الاستقرار النفسي للمجتمع وزعزعة الثقة بين الناس وانتشار المعارك وثقافة الكراهية والأنانية، ولهذا يأمر الله عز وجل والشريعة الإسلامية بالإصلاح بين الناس عن حسن نية، حتى يتم تدعيم التماسك النفسي للمجتمع وحماية الأفراد من الميل للقناعات والسلوكيات والأفكار المنحرفة.
وللتعامل مع الخصومة العنيفة يتطلب تكتماً شديداً (كتمان الأسرار بدقة) نظراً لخطورة انتشار ثقافة الخصومة العنيفة على نطاق واسع، التي تجعل كل طرف يسعى للنيل من الآخر بطرق مباشرة أو خفية تستمر لفترة طويلة من الزمن في حال عدم العمل على التكتم بين فترة وأخرى لاحتواء الملف السري الخطير جداً.
إصلاح ذات البين يعد عامل مهم جداً للحفاظ على الاستقرار النفسي والتعامل مع الخلافات العنيفة بصورة إيجابية، فالخصومة تترتب عليها خسائر كبرى، فكل شخص يعمل بطريقة خفية أو مباشرة على حساب استبعاد القلوب والنفوس، وذلك نتيجة الحفاظ على المصالح والأطماع الشخصية.