في الجزائر عائلات تطلق منافسات قرآنية بين أبنائها في رمضان
بشائر: الدمام
تتعالى أصوات الأحفاد في منطقة ولاد فايت بالضاحية الغربية للعاصمة الجزائر بقراءة القرآن ويبدأ السباق بإعلان الجد ذلك ليتحول البيت إلى مدرسة قرآنية يحفّظ الكبير الصغير ويقرأ الصغير على الكبير
“يا أحفادي أوصيكم بالقرآن في رمضان” هي الجملة التي ظل يكررها الحاج محمد صالح (73 عاما) على أطفال العائلة من أولاد بناته وأبنائه في الاجتماع الذي تعودت عليه الأسرة في اليوم الأول من شهر رمضان المبارك.
وأعلن الجد رسميا في الأول من الشهر الفضيل انطلاق مسابقة حفظ وقراءة القرآن بين أحفاده، ويعتبر أن المواظبين على ذلك هم الأبطال، ويقول في خطابه لهم “شهر رمضان يرتبط بالشعائر يا أولاد، فعليكم بالاجتهاد، وما خاب من اجتهد”.
يجتمع الأحفاد في حلقة يتوسطها جدهم يستمعون “للخطبة التي يلقيها عليهم”، ويتداولون على طرح الأسئلة، ولا يدخر بدوره جهدا على الرد عليها.
وحتى وهو ممسك بحفيدته الصغرى دينا -التي لم تتجاوز السنتين والتي لم تنطق بعد إلا بعض الكلمات- يحاول تعليمها بعض الجمل من القرآن وعدد من الأدعية التي تستصعب التلفظ بها، يدخلها في جو المنافسة التي بدأت تظهر حماستها مباشرة بعد الإعلان عن انطلاقها
سباق الثواب
يسمي الحاج محمد صالح -رب عائلة رشيديو- هذه المنافسة “سباق الثواب”، مشيرا في حديثه للجزيرة إلى أن “تكريس بعض العادات الطيبة لن يكون إلا في الصغر، وهذا دورنا الذي نعمل عليه”.
ويقول “لا يمكن أن نحث شابا بالغا على قراءة القرآن أو ممارسة الشعائر المستحبة في الشهر الفضيل إذا لم يكن قد رضعها من ثدي أمه أو تلقاها وهو طفل، فالعبادات هي عادات نكتسبها، وكلما أورثناها لأحفادنا على صغر ضمنا عدم اختفائها مع الوقت”.
البيت مدرسة
وتتعالى أصوات الأحفاد وسط الحي الشعبي في منطقة ولاد فايت بالضاحية الغربية للعاصمة الجزائر بقراءة القرآن، ويبدأ السباق منذ أول لحظة يعلن فيها الجد ذلك، ليتحول البيت إلى مدرسة قرآنية يحفّظ فيها الكبير الصغير، ويقرأ فيها الصغير على الكبير.
بصوته المرهق ونبرة الحماسة وبعينين أتعبتهما السنوات يحاول الجد محمد صالح شد انتباه أحفاده كي لا يغفلوا عما يقوله لبرهة واحدة، يحاول استخدام الطرق التحفيزية، ويوزع على المعفيين من الصيام العصير والحلوى حتى لا يخرجوا من الحلقة.
يقول الجد محمد صالح إن التعليم الديني الصحيح يبدأ من المنزل، ويشير إلى أنه “يجب ألا نترك أبناءنا خاما بين يدي المجتمع أو أي رجل دين قبل أن نكون قد غرسنا فيهم أصول السماحة والإنسانية والحب واحترام الآخر والمعاني السامية التي يحملها الإسلام”.
“لا يفرق الطفل بعقلة الغض الطري بين ما هو صحيح وما قد يكون مخالفا للطريق المستقيم، لذلك هنا يكمن دور الأسرة في وضع أبنائها في محيط ديني صحي” كما يؤكد الحاج صالح.
تحفيظ القرآن
وتتمسك العديد من العائلات الجزائرية بتحفيظ أبنائها القرآن والحرص على قراءته لهم، خاصة في الشهر الفضيل، ويعتبر البعض هذه العادة من القيم التي شكلت “مناعة جيدة” لأبناء الجيل الجديد من هذه الأسر ضد أي أفكار متطرفة أو متشددة قد تسوّق لهم من بيئة أخرى.