بُنَي.. بُنَيَّتِي ماذا تعني لكم حقوقكم؟
طالب المطاوعة
هل هو أخذ حقكم كما قررته المنظمات الدولية والمجتمعات غير الإسلامية؟ أو كما سنَّه وشرَّعه بلدكم و وطنكم؟ أو كما تفهمونه وتفسرونه وتتمنوه أنتم ولو كان بالقوة وبدون أخلاق وأدب؟ أم ماذا؟
يلحظ في الآونة الأخيرة وخصوصا مع موجة الإنفتاح بوسائل التواصل الاجتماعي، وتداخل الثقافات، والإطلاع على تقاليد المجتمعات الأخرى، وازدياد المطالبة بالحقوق والحريات وسن القوانين الحامية للأسرة وللأطفال من التحرش وحفظ حقوقهم وغيرها، إنَّ بعض الأولاد والبنات فهموا من كل ذلك، أنه من حقهم الطبيعي أن يطالبون بحقوقهم حسب ما يفهمونه ويتمنونه هم، وتناسوا أنهم في بلاد له هويته وتقاليده، وأنه في مقابل الحقوق واجبات، وفي مقابل الحلال والحرام أخلاقيات، وفي مقابل الثقافات والدعوات غير الإسلامية والوطنية هوية وعادات إسلامية.
فلكل مجتمع هويته وعاداته وتقاليده. وهذا أمر طبيعي، فلربما لا تتقبل تلك المجتمعات الأخذ بهويتنا وثقافتنا وعاداتنا.
أنا لست ضد كل ما ذكر بعاليه، بل من الداعين للحقوق والحريات والمدافعين عنها، ونحمد الله تعالى أنّ بلادنا تتجه في هذا الصدد بالإتجاه السليم والصحيح؛ بل هناك ضرورة لتكامل الثقافات وتبادل التجارب والخبرات، والإستفادة من كل المستجدات والمعطيات.
نعم للأولاد حقهم الشخصي و الاعتباري، والاحترام والتقدير والحرية التي لا يتجاوزون فيها القانون ولا حقوق الآخرين. بل أتصور أن أولادنا وبناتنا مازالوا متمسكين بدينهم وعاداتهم الوطنية والمجتمعية، وما حدث وما شاهدناه من حالات عنف، فهو حالة طبيعية مع كل تحوّل وتطور ونمو للمجتمعات مادام في نسبه البسيطة جداً، وإن آلمنا وآذانا وأزعجنا مثل ذلك.
كلامي فقط وفقط عن الفهم الخاطئ عند بعض أولادنا وبناتنا الذين فهموا وفسروا أنه عندما أطالب بحقوقي يعني عادي أدوس على أخلاقي وواجباتي تجاه أهلي وعائلتي ومجتمعي و وطني بقدماي وأضرب بهم عرض الحائط.
فتجد الولد أو البنت عندما يطلب منهم أبواهما التقيد بالعادات والتقاليد الدينية والاجتماعية والوطنية من لباس وغيره، أو الإمتناع عن الخروج من البيت للتمشية مع صديقه، أو عدم التأخر في العودة للبيت أو ما سواها. تجدهم يردون عليهما ويقولون من حقنا أن نطلع والزمن تغير والناس كلها تطلع وتسهر، ولربما قال بعضهم والقانون يحفظ لنا حقوقنا وسأشتكي عليكما.
ومن قال لكم أنه ليس من حقكم ذلك؟ لكم كامل الحق نعم، ولوالديكم عليكم واجبات من السمع والطاعة.
فهل القانون يقول يجب عليكم أن لا تتخلقوا بأخلاق الدين مع والديكم، ولا تكون لكم هوية اجتماعية و وطنية! ؟
فعندما تقررون السفر لبيت الله الحرام في عمرة مستحبة ويطلب منكم والديكم التأجيل أو مرافقة أحد أصدقائكم أو محارمكم، لا يعني ذلك الشك والريبة أو الإستنقاص منكم أو منع حق من حقوقكم الطبيعية، والتي سنها لكم الشارع المقدّس وحفظها لكم القانون.
فلربما قصدا بذلك خدمتكم وتسهيل أموركم أو خوفهم وخشيتهم عليكم من التعرض لمضايقة(خوف الوالدين الطبيعي)، وإن كفل لكم الشارع المقدّس والقانون ذلك، لكنهما لن يمنعا حدوث الضرر، وإنما القانون سيردع ويقلل نسبة وقوعه.
ناهيكم أنَّ في سماع كلام والديكم توفيق وبركة، ففيه استجابة لكلام الله سبحانه وتعالى. بل وجدنا أن أكثر الشباب توفيق في كل شؤون حياتهم، أولئك الذين وفقوا لطاعة والديهم وإن خالف رغباتهم وتوجهاتهم.
ثانيا: هناك فرق بين الحلال والحرام والحقوق والوجبات والأخلاق.
فلا يعني ذلك أن تأخذ حقوقك بلا أخلاق، وبالتنمر عليهما، ولا بالنظر الحاد لهما، ولا بإحراجهما أو نهرهما ولو بالتأفف بكلمة* أف *، ولا بالخروج والدخول دون علمهم وإخبارهم.
۞ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23)
وكلامنا كله كيف تطالبون بحقوقكم وتتناسون أخلاقكم؟ فهل عقوق الوالدين من الأمور المحبذة؟ ألا تخشون وتخافون من غضبهم عليكم؟ وفي غضبهم غضب الله، وفي غضب الله نار جهنم وعدم توفيق لا بالدنيا ولا بالآخرة.
أكرر عليكم يا أحبتي ويا أعزتي وذخري وقرة عيني.
تنبهوا جيدا لأهمية طاعة الوالدين والاسترشاد بقولهم وإن كنتم تشعرون أنكم كبرتم واستقللتم أو تزوجتم وتعلمتم وأنكم فاهمون و واعون وناضجون.
ففي تقديم رضاهم على رضاكم بركة وتوفيق، وفي تجاهلهم قلة بركة وهم وغم وكدر ونكد وعدم توفيق.
فإذا كنتم تبحثون عن السعادة الدنيوية والأخروية والتوفيق بحياتكم، فأنصحكم بأخذ حقوقكم باللتي هي أحسن كما كفلها لكم الشارع المقدس، وحفظها لكم القانون، و بالكلمة الطيبة وبالحسنى، وبالسمع والطاعة.