بعض المفاهيم الشائعة لا تساعدنا.. كيف نتعامل مع الفقدان والخسارة بشكل صحيح؟
بشائر: الدمام
الشعور بالحزن والألم نتيجة خسارة شخص عزيز علينا أو شيء مهم هو جزء من الأداء الطبيعي للعواطف.
عادة ما يعلمنا المجتمع منذ الصغر أن الحياة قائمة على سلسلة من الإنجازات المستمرة، وكل أمر مخالف لذلك هو من مظاهر الفشل؛ لذلك عندما يعاني البعض من الخسارة -مهما كان نوعها- يجدون أنفسهم عاجزين عن التصرف.
وعندما يتعلق الأمر بالحزن فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا هو الموت، لكننا في الواقع نتحدث عن أحد جوانب الحياة. إن الشعور بالحزن والألم من الحوافز التي تجعل حياتنا ومشاريعنا ومستقبلنا أفضل. وقد يبدو هذا الأمر غير منطقي من الوهلة الأولى؛ لأنه يتعارض مع ما علمنا إياه المجتمع، وهذا يعني أن المشكلة لا تكمن في الأشخاص، بل في المجتمع.
جوانب متعددة للحياة
وفي الحقيقة، يبدو هذا الأمر كما لو أننا تدربنا على جانب واحد فقط من جوانب الحياة المتعددة، وهو تحقيق المزيد في كل شيء؛ المزيد من المال والنجاحات وحتى العلاقات، ولهذا السبب نشعر بالارتباك عندما نواجه الجانب الآخر المؤلم من الحياة الذي يشمل الفقدان والخسارة، وذلك وفق ما جاء في مقال نشرته مجلة “بسيكولوخيا إي منتي” (psicologiaymente) الإسبانية.
وعادة ما تتردد على مسامعنا عبارات من قبيل “عليك أن تتحمّل وتصبر”، “طلب المساعدة للضعفاء فقط”، “ستنسى ما حدث بمرور الوقت”، “إذا تغلبت على فقدان شخص ما فهذه علامة على أنك لم تحبه كثيرا”، ولكن هذه المفاهيم لا تساعدنا على التعامل بشكل صحيح مع مشاعر الحزن والألم.
الاعتراف بالحزن والألم
أوضحت المجلة أن الاعتراف بمشاعر الحزن والألم يعد أفضل طريقة للتغلب على الخسارة بسرعة، إذ من شأن ذلك أن يساعدك على تقليل مدة حزنك والحد من الألم الذي تشعر به ورسم خريطة حول المراحل التي ستضطر إلى المرور بها لتتجاوز الخسارة دون أن يؤثر ذلك على حياتك في المستقبل.
ونبهت المجلة إلى أن عواقب عدم التعامل مع الخسارة وما تولده من مشاعر سلبية بشكل صحيح؛ قد تكون مدمرة وتتجاوز ما يتوقعه الفرد، مثل الإصابة باضطرابات المزاج والإدمان وتدهور أو فقدان العلاقات الاجتماعية والأفكار الانتحارية، وهو ما سيؤثر على حياتك بأكملها.
وأكدت المجلة أن أهمية الحزن لا تقتصر على التعامل مع خسارة أحد الأحباء، بل إنه ضروري أيضا للتعامل بنجاح مع العديد من المواقف الأخرى مثل فقدان العمل وتدهور الوضع المهني والإصابة بالأمراض والتخلي عن الخطط المستقبلية والمشاريع والخسائر الاقتصادية والشعور بانعدام الأمن والتغييرات الاجتماعية العميقة التي قد نمر بها والتي لن تعود بعدها حياتنا إلى ما كانت عليه من قبل.
التعامل مع الحزن
الشعور بالحزن ليس عملية ميكانيكية أو آلية، بل يمكن أن يحدث دائما وفي جميع الأوقات، وهي مسألة شخصية للغاية. وهناك العديد من الأمور التي يجب تعلمها، أهمها أنه لا بد من المرور بعدة مراحل حتى يتم تجاوز الخسارة في النهاية.
وفي بعض الأحيان، قد يعيش الشخص هذه المراحل واحدة تلو الأخرى، أو قد تكون متزامنة أحيانا أخرى. وبطبيعة الحال، يختبر كل شخص هذه المراحل بشكل مختلف؛ لأنها عملية شخصية بعمق. وتحتاج إلى استثمار الوقت والصبر وأن تكون متسامحا مع نفسك.
وأوضحت المجلة أنه علينا معرفة الظروف الحياتية والسمات الشخصية التي تساعد أو تعيق عملية التغلب على الخسارة. وينبغي أيضا معرفة ما تعنيه كل مرحلة؛ لنعرف ما يمكن توقعه وحتى لا نتفاجأ بردود أفعالنا.
هل فكرت يوما فيما ستفعله إذا عانى أحد من دائرة معارفك أو عائلتك من خسارة؟ هل تعرف كيف عليك أن تتصرف عندما يواجه شخص تهتم لأمره موقفا لا يستطيع التعامل فيه مع حقيقة أن جزءا من حياته قد انتهى؟
من المهم أن نعرف كيفية مساعدة أنفسنا والآخرين على حد سواء للتعامل مع مشاعر الحزن. نحن لا نتحدث عن المعرفة على المستوى المهني، بل عن كيفية تقديم الدعم لشخص في حالة ضياع ومساعدته على تحديد ما هو مناسب له وما عليه تجبنه. إنها طريقة رائعة لمساعدة العائلة والأصدقاء على المضي قدما في حياتهم.