الصداقات والدراما
أمير الصالح
يشاهد ملايين الناس عبر شاشة التلفاز قصص الدراما بشكل يومي منتظم بدافع الفضول لمعرفة التطورات المشوقة و الجديدة في القصة المعروضة عبر المسلسل اليومي . و لكل ذوق من قصص الدراما نوع من المشاهدين . من الناس من يتذوق القصص الرومانسية أو الحزينة او الكوميدية او المرعبة او الخيالية او الجنائية او المغامرات او المعرفية … الخ . وكمقدمة اورد تعريف كلمة دراما اقتباسا من احد المواقع الرقمية المختصة . الدراما هي فن مسرحيّ يُؤدّى على المسرح، أو التلفزيون، أو الراديو، وهي مصطلح يُطلق على المسرحيات والتمثيل بشكل عام،كما تُعرف على أنّها حدث، أو ظرف مثير، أو عاطفيّ، أو غير متوقّع، وتُعرف أدبياً على أنّها تركيب من الشعر أو النثر يهدف إلى تصوير الحياة، أو الشخصية، أو سرد القصة التي عادةً ما تنطوي على الصراعات والعواطف من خلال الحدث والحوار المُصمّم عادةً للأداء المسرحيّ.
من اكثر قصص الدراما الواقعية في مجتمعات الشرق الاوسط هي دراما الاصدقاء مفرطي الحساسية اي أصحاب التشره الكبير و المزاج المتقلب في المودة و الكراهية . و لعلي ابدأ هنا بحركات بعض اولئك الصعاليك في المجالس العادية حيث ازدواجية تفاعلهم في الاستقبال و الايحاء بالتنازل عن مكانه في مجلس ما لفرد اتى متاخرا دون شخص آخر كناية و اظهار ازدراء بشخص على حساب شخص آخر . و العجيب انك ترى ذات الشخص ، صاحب حركة الاستقبال المفتعل به استقبال مبجل لشخص دون شخص اخر ، يولول و يشتم ان وقعت ذات الحركة عليه و نكاية به. و الاغرب انه ينسج من خياله دراما عديدة ملونه بالوان قرس قزح . فتارة يروي قصص على انه ضحية مجتمع فاقد الاحساس به ، و تارة يروي قصص بانه مفخرة الكوميديا المفقود، و تارة يتحدث عن فضله في ابراز فلان و علان من الناس.
و الجرار على الحبل من التصرفات و الاستفزازات و الدراما القصصية. و شخصيا دونت ملاحظاتي على جملة من الناس و صارحتهم كما صارحهم غيري على انفراد للاقلاع عن تلكم الدراما البائسة. البعض منهم يستدرك سلوكه و البعض الاخر يصدق فيه القول ” غير موقع جبل و لا تغير طبع ” .
في عدة ثقافات عالمية و محلية، تسمع و تقرأ ملايين النصائح التي تحذرك من الاصدقاء السلبيين تارة و توجهك للالتصاق بالاصدقاء الاذكياء ( الايجابيين ) تارة ثانية و تحثك نصائح بلزوم الصمت حيثما تكون في تارة ثالثة و نصائح تكثر من التزام الجلوس منفردا مع النفس و تذم مخالطة الناس !
قد تسمع البعض يقول : كون علاقة صداقة مع أشخاص أكثر ذكاءً ، فهم لا يأخذون الأمور على محمل شخصي ، فمع الاذكياء تكون دراما أقل.
و يقول آخر النقيض لذلك :
تسكع مع كل الناس . في بعض الأحيان، يكون الأشخاص الذين يبدون أذكياء فرصًا أفضل للاستمتاع بقضاء بعض وقت المرح او الرياضة معهم و لكن ليس كل الوقت. الا ان تجنب سماع الدراما مع بعض الاصدقاء لا يجعلك ذكيًا و مميزا في التعرف بالتجربة على انواع الشخصيات من حولك . بل احيانا كثيرة يجعل الابتعاد عنهم اي اصحاب الدراما تشعر بانك وحيدًا لا سيما في المجتمعات الثرثارة او المنغلقة . فالواقع الذي نعيشه يتطلب منك ان تكون صديقًا حقيقيًا بناء على قيمك و قناعاتك انت و ليس شخصا آخر يتبنى قيم اخرى سعيا لارضاء فلان و علان . بالمجمل ، مع امتداد عمر الصداقة بين اشخاص معينين ، سيكون أذكى وأغبى شخص قابلته على الإطلاق هو ذلك الذي اُبتليت بقضاء وقت اطول من عمرك معه و لم تجد بديل عنه منذ زمن بعيد لكسلك او لضحالة تجاربك. و الحال هكذا فلا يحق للسخص عمل دراما و قصص مؤثره عن علاقته بذلك الصديق .
و يطرح شخص ثالث رأيه بالقول ؛
أنت أكثر سلامًا مع نفسك و ستكون افضل معها و يمكنك صياغة او مراجعة الأفكار الجيدة التي تصنعها لذاتك و قد تؤثر تلكم المراجعات الصافية على مستقبلك دونما تأثير من الاخرين.
و يطرح شخص رابع القول :
ان كان الكلام من ذهب فالصمت من فضة . التزام الصمت هو شعار القول الرابع ليقين صاحب هذا الرأي بانه لا الكلام ينفع و لا الكتابة تنفع و لا الخطابة تنفع !!!
محصلة هذا الكلام ان تم تفعيلها لمدد طويلة ستكون الوحدة و الفردانية individualism ، ان لم تعالج الامور اولا باول ، هي سيدة الموقف . و لكون الفردانية لها تبعات ثقيلة اجتماعيا و اقتصاديا و روحيا و نفسيا و عاطفيا فلابد من تمحيص الامور لفرز الجيد من السيئ في الاراء السابقة و منها اطلاق الاجراءات التالية على المستوى الفردي لكل من يهمه الموضوع ؛
– لن يساعدك اصحاب الدراما ممن تصنفهم اصدقاء في تسهيل الأمر عليك. لذا ، توقف عن مصاحبة اصدقاء الدراما و الغير ضروريين في حياتك لجعل حياتك اكثر هدوء و سلمية و اكثر راحة بال و اقل اكتوار داخلي و احتراق ذاتي و اكثر انتاجية.
– من الجيد ان تصنع قيمة لنفسك بحيث ينجذب الاصدقاء المميزون لعقد علاقة صداقة بك و من الفطنة حينئذ التمييز بين الغث من السمين و المصلحجي من الكفوء .
– من الجيد تعلم فنون التركيز و التطنيش عند سماع اي قصة من اي شخص كان لتعرف متى تركز ومع من تركز و متى تطنش و من تطنش حتى في عالم التواصل الرقمي
أكتفي بهذا القدر و اتمنى لكم حياة مع أصدقاء صدوقين وأوفياء إيجابيين.