فهرسة المكتبات
عبدالله بن علي الرستم
تُعد فهرسة المكتبات من الأشياء المهمة، ذلك أنها تساهم في التعرّف على حجم المكتبة ومحتوياتها، وكذلك تساعد في التعرّف على أشياء كثيرة، كطبعات الكُتب، وتواريخها، ومعرفة أسماء دور النشر التي كانت حاضرة في الساحة الثقافية ثم اضمحلّ دورها، ونحو ذلك من المسائل المهمة في هذا الشأن.
يقول الدكتور/ أحمد بنبين: إن أقدم ما وصلنا من فهارس القدماء “شذرات من الفهرس الببليوغرافي الذي وضعه الشاعر اليوناني كاليماخوس” في القرن الثالث قبل الميلاد لأهم خزانة في العصر القديم وهي مكتبة الإسكندرية. وهذا ينم عن أن الفهرسة مهمة منذ زمن متقدم، وقد حظيت كثير من المكتبات العامة بعناية كبيرة من حيث الفهرسة العلمية والفنّية؛ لأنها تساعد الزائر على معرفة ما تحتويه المكتبة من كتب، على خلافه في افتقاد المكتبة فهرسة فنية، حيث يصف السيد/ أحمد الحسيني المكتبات الخاصة أو الصغيرة “التي ليس لها فهرس مدوّن فني وليس لأكثرها تنظيم ولم تحظ بعناية مالكيها أو القائمين بشؤونها، بل أكثرها لم يعلم أحد بما فيها من التراث، بل وجدتُ بعض المالكين لا علم لهم بما في حوزتهم من الكتب والنفائس؛ لأنها وصلت إليهم بالإرث من آبائهم وأجدادهم أو اشتروها بغير وعي تبجحاً بأنهم يملكون مخطوطات … إلخ”. والمكتبة بدون فهرس يصعب التعرّف على ما فيها من كتب.
وبحسب متابعة قاصرة، فإن بعض الأعلام حينما ينتقل إلى بارئه مخلفاً وراءه مكتبة كبيرة أو صغيرة، فإن مآل تلك المكتبة إلى البيع العشوائي، أو شرائها من قبل جهة حكومية، أو نحو ذلك، ما هو ملحوظ في هذه المكتبة بعد البيع لا أحد يعلم بماذا تحتوي المكتبة!! وأعداد الكتب التي فيها، ونوعيتها وطبعاتها وتارة مخطوطاتها وغير ذلك مما له صلة بهذا الأمر، في حين أن الأمر الذي أراه في غاية الأهمية أن تلك المكتبة أياً كان مصيرها أن يُعمل لها فهرسة خاصّة قبل البيع؛ لكي تساعد من يريد التعرّف على ما فيها من نفائس، أو معرفة مصادر المعرفة عند صاحبها، وذلك من خلال نوعية وطبيعة الكتب المقتناة لهذا العَـلَم.
نعم، حظيت بعض المكتبات بفهرسة فنية، لكن الفهرسة اقتصرت على الكتب المخطوطة ولم تتم العناية بالكتب المطبوعة، وأهمية فهرسة الكتب المطبوعة، ذلك أن بعض الكتب المطبوعة بقيت في عالم النُدرة، وحريٌ بها أن تنال العناية بفهرستها، من جهة أخرى إن بعض أصحاب المكتبات له عناية بأمور أخرى، وهي: تحديد تاريخ ومكان الشراء، أو تحديد طريقة حصوله على الكتاب بالإهداء أو بالإرث، ولعل كثيراً منهم كتب سعر الكتاب، وبعضهم يعتني بكتابة بعض الحواشي أو الفوائد بداخل الكتاب، هذه الأمور مما تسهم في معرفة الشخص وكيفية عنايته بمكتبته، وهذه العملية التي ذكرتها تساعد الباحث الذي سيقرأ حياة صاحب المكتبة من خلال مكتبته وتصنيفها وفهرستها وغير ذلك من الأمور ذات الصلة في هذا الأمر.
وأحمل أسفاً شديداً على كثير من المكتبات التي بيعت قبل أن تنال فهرسة أو على دراسة لها أو دراسة مالكها من خلال مكتبته عن طريق التعرف على محتوياتها والمسائل التي ذكرتها أعلاه.