رحلة العلا السياحية

أحمد الحمد

رحلة العلا السياحية برفقة العائلة مؤخرا تعد من افضل رحلاتنا السياحية في داخل المملكة.
فلقد تنقلنا خلال هذه الرحلة في شمال وغرب المملكة ابتداء من مدينة حائل ثم العلا وبعدها تبوك مرورا بضباء ثم بلدة مقنا لننتهي بعدها الى مدينة جدة ومن ثم المدينة المنورة.

سمعنا كثيرا عن مدينة العلا ، ولكن من يسمع ليس كمن يرى ، ولقد تفاجئنا بمدينة اقل ما يقال عنها انها متحف اثري طبيعي مفتوح لكثير من الحضارات مما يزيد عن اربعة الاف سنة ابتداء من حضارة ديدان وحضارة لحيان وحضارة معين وحضارة الأنباط وانتهاء بالحضارة الاسلامية ، حيث تنقلك المدينة الى رحلات متعددة عبر الزمن لهذه الحضارات المختلفة والتي استوطنت المنطقة لوفرة الماء فيها ولموقعها الجغرافي على طريق التجارة المسمى بطريق البخور حتى انها اختيرت كمحطة رئيسية على طريق سكة حديد الحجاز التركي.

وعلى صغر المدينة ، الا ان فيها من الطبيعة الخلابة مايدهش العقل ، فهي مدينة زراعية خضراء تكثر فيها اشجار النخيل والفواكهة والخضروات حيث تقع في وادي القرى الكبير والتي تحيطه الكثير من الجبال المترامية الاطراف والتي تاخذ اشكال وتكتلات فنية ساحرة وكل جبل له قصة جمالية وحضارية مستقلة ، واضافة الى جمال الشكل والالوان لجبالها ، فهناك الكثير من النقوشات مكتوبة على اغلب جبالها للحضارات المختلفة التي تعاقبت على المنطقة منذ تاريخ القدم والى يومنا هذا.

ولو تحدثنا عن مدائن صالح في منطقة الحجر لوحدها لكفى ، فقد يضن البعض ، كما كنا نعتقد ، ان مدائن صالح عبارة عن جبل واحد لقبر احد العضماء والذي يسمى بالقصر الفريد والذي يعد أهم مقبرة في الحجر حيث سمي بهذا الاسم لتفرده في جبل ضخم لوحده ، كما نشاهده في اغلب الاعلانات والدعايات عن المدائن ، بينما المنطقة تضم 127 قبرا منحوتا في الجبال مشابها للقصر الفريد وهذا ما لم نعرفه سابقا وكل قبر لشخصية مرموقة ذكرا كان او انثى وقد اكتشفى اخر قبر سنة 2014 لأحدى النساء من مملكة الأنباط بما فيه رفات لم تمس.

مما شد اعجابنا كثيرا اثناء زيارتنا لمدينة العلا هو الاعداد المنظم من قبل هيئة السياحة سواء للأماكن السياحية او للأرشادات والتعليمات او للبنية السياحية التحتية ، ولكن ما اعجبنا أكثر هو اعداد كوادر وطنية متمكنة لأدارة تلك المواقع السياحية حيث وجدنا الكثير من الشباب والفتيات من ابناء الوطن ممن تم اعدادهم الأعداد المهني الجيد لأدارة تلك المواقع السياحية والتحدث عنها بثقة كبيرة وبلغة طليقة وباسلوب جذاب وبأداب عالية وبتمكن معرفي عميق تشد اعجاب المستمعين لهم اشد الأعجاب.

افضل الاوقات لزيارة مدينة العلا هو ما بين شهر اكتوبر الى مارس حيث الاجواء الباردة والفعاليات والانشطة السياحية الكثيرة ، ولذلك على من يرغب زيارة مدينة العلا ، فعليه الحجز المبكر للسكن وللأماكن السياحية حيث ان كلاهما متاح على مواقع في الانترنت.

لربما من المفيد الاستعانة بالمرشيدين السياحين المتواجدين بالمنطقة ، ولقد وجدناهم ايضا معدين اعدادا مهنيا راقيا حيث التعامل الراقي والخدمات المميزة والمعلومات الوفيرة ، ولقد استفدنا من الاستعانة باحد المرشيدين السياحين في اختيار السكن المناسب اضافة الى وضع برنامج سياحي متكامل بما يتناسب مع وقتنا وطاقاتنا.

اضافة الى مدينة العلا ، فقد زرنا باقي المدن المذكورة اعلاه ولربما تاتي تبوك بالمرتبة الثانية بعد العلا وعلى وجه الخصوص وداي الديسة والذي وجدناه معلم سياحي طبيعي ساحر لما فيه من الجبال الجميلة والواحات الخضراء والمياه المتدفقة والتي لا تتوقف من تغذية واحات الوادي حتى في الصيف ، اما في الشتاء وكما قيل لنا ، فالوادي تكثر فيه التخييم من الكثيرين المرتادين له سواء من اهل المنطقة او سياح الداخل بل وحتى من مواطني دول الخليج وذلك لوفرة المياه بل حتى تساقط الثلوج في اغلب السنوات والتي غالبا ما تتحول الى سيول تضيف على جبال الوادي بعدا اخر.

الحديث عن جمال شمال المملكة لا يمكن حصره في مقال واحد لما تتمتع به تلك المناطق من جمال الطبيعة واجواء معتدلة ، مما يجعلها منطقة جاذبة للسياحة حيث لا يملك من يزور تلك المناطق الا ان يقف مسبحا وذاكرا لله عزوجل على ما ابدع وخلق من هذا الجمال الغير متناهي ، مصداقا لقوله تعالى (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ * فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِر).