الشيخ محمد المهنا قبسات من حياته
عبدالله البحراني
سماحة العلامة الشيخ محمد المهنا (بو عبدالرضا) من أبرز طلاب الشيخ صالح السلطان. وأقربهم لنهجه وقلبه.
عمل فترة قصيرة في الخياطة، ثم امتهن الصياغة.
وتوجه لطلب العلم وخدمة المجتمع حتى نهاية حياته.1
وهذا الموضوع هو خلاصة لما تم نشره في كتابنا عن العلامة الشيخ محمد المهنا بعنوان (وقفات مع سيرة المربي) عام 1439 هـ.
تعريف بشخصيته
الشيخ محمد بن الحاج محمد بن مهنا المهنا:
من مواليد عام 1352 هـ.2
عُرفَ عن والده الحاج محمد المهنا التُّقى والورع وعشق سيد الشهداء، وهومن البكائين على مصاب آل محمد، ودائم الزياره لهم، محباً للعلماء ومجالسهم.
وهو من المعاصرين للسيد حسين السيد محمد العلي (القاضي). وكان (الأب) يعمل في مجال الصياغة مصدراً لرزقه، حتى توفي في العراق بمدينة الكاظمية في صفر عام 1376 هـ. ودفن بالصحن الحيدري في النجف الأشرف.3
اقترن (الأب) الحاج محمد المهنا بالمرحومة فاطمة بنت عبدالله الناصر (أم الشيخ محمد).4 التي عرفت بالعفة والصلاح.
وهو من محبي مجالس سيد الشهداء والقائمين عليها. وبيته مأوى لمن لا مأوى له.
انتقلت إلى جوار ربها عام 1405 هـ، ودفنت بالبقيع (رحمه الله عليها).
من سمات الشيخ (رحمه الله): التواضع للصغير والكبير وللغني والفقير. وهو يستقبل الجميع بتلك (الابتسامة الصافية). وفي بعضً من زياراتي له كنت أشعر بأنه (متعب صحياً)، ولكنه يتجلد ويصبر ولا يقطع تلك الجلسة المسائية أبداً، ساعياً في قضاء حوائج الناس قدر استطاعته.5
ولم أسمعه يوماً قد تحدث عن الآخرين بما يسيء. كما تمثل فيه إنكار الذات بأبهى صوره، فلم نعهده يتحدث عن منجزاته أو ينسب عملاً لنفسه. وقد يحدث أن أسأله عن موضوع ويفيدني بما يعرف، وأكتشف لاحقاً بأن له دوراً مهماً في إنجاز ذلك المشروع، ولم يذكر ذلك تواضعاً منه.
وهذه من سجايا الكبار.
وتجلت في حياته روح المثابرة، وذلك عندما تولى رعاية أوقاف آبائه وأجداده، ومنها سعيه لأستخراج صكوك شرعية لجميع تلك الأوقاف (وكانت تعد بالعشرات). وبذل الجهد والمال والمتابعة الشخصية في إعمارها حتى حولها لمزارع مثمرة تسر الناظرين.
وفي رأيي الشخصي يعد هذا العمل من أبرز أعماله. (للمزيد انظر كتابنا عنه: صفحات من سيرة المربي، العلامة الشيخ محمد المهنا. (ص:111).
مواقف في الذاكرة
أولا: كلمة الحق، وكانت نفسية الشيخ محمد بن الحاج محمد بن مهنا المهنا (رحمه الله) تميل إلى التسامح والصفح لما يرتبط بحقه الخاص، ولكنه ينتصر للحق مهما كان الثمن. وغالباً ما تجلب له هذه المواقف الأذى والتعدي على شخصه.
على سبيل المثال: كان هناك شخص يحترم الشيخ ويجله ويتواصل معه في الأعياد والمناسبات، ولكن لهذا الرجل خلافات مع أقاربه وأرحامه حتى وصل الملف للمحاكم. وفي أحد الليالي جاء هذا الرجل لزيارة الشيخ، وفتح الشيخ الموضوع مع الرجل، وقال له: (إنك تؤذي أرحامك. وتتسبب في ظلامتهم. وقد كنت السبب في دخولهم للمحاكم. كل هذا بسبب حطام الدنيا). وأغلظ له في القول.
وعلى إثر ذلك الحديث تأثر الشيخ صحياً ولأيام، لأن حديثه مع ذلك الرجل كان بحرقة وبألم، ولكن أثمر هذا الحديث وهذا التدخل حيث أنهى الرجل مشاكله مع أقاربه.
ثانيا: الحكمة وبعد النظر
سمعت مؤخراً بهذه القصة الجميلة، وفيها الكثير من الحكمة والموعظة، وجديرة بأن تكتب:
فقد كان هناك أخوان بينهم سوء تفاهم. وبعد فترة توفي والدهما.
وبعد الدفن وقبل الفاتحة طلب سماحة الشيخ محمد المهنا من أحد الأبناء بأن يذهب لوالدته ويحضر له مفتاح (الخزانة) الخاصة بوالده. وقام الشيخ بحفظه معه طوال مدة العزاء. وبعد الفاتحة، أعطى الشيخ المفتاح للإبن الأكبر، وأوصاه: بأن يفتح خزانه والده وبحضور الجميع (الأبناء والبنات والوالدة). ويفضل حضور بعض الأقارب مثل (النسايب). وقد نفذ الإبن الأكبر ما أوصاه به الشيخ، وهكذا سارت الأمور بسلاسة وسلام ولله الحمد.6
وهنا أتسأل: كيف توصل سماحة الشيخ لهذه الفكرة الجميلة التي ساهمت في إنهاء مشكلة قبل أن تحدث ولإبعاد الشبهة ولا سيما مع وجود خلاف سابق وعدم ثقة بين بعض الأطراف. وهذا التصرف ينم عن حكمة، وفيه الكثير من دروس الحياة.
نهاية المطاف:
انتقل إلى رحمة الله في غرة شهر ربيع الثاني عام 1437 هـ. ولم يثقل على أحد في مرضه، فقد أدخل المستشفى لأيام حتى ودّع الدنيا بهدوء.
الشيخ محمد بن محمد المهنا.
………..
هوامش:
1. هذا الموضوع خلاصة لما تم نشره في كتابنا عن العلامة الشيخ محمد المهنا (وقفات مع سيرة المربي)، 1439 هـ.
2. كتيب بعنوان (الورع التقي). أعد بمناسبة أربعين العلامة الشيخ محمد بن محمد المهنا. 1437 هـ. وكان السيد محمد بن المقدس السيد ناصر السلمان دائماً ما يذكر (أنه) والشيخ محمد المهنا من مواليد العام نفسه.
3. المصدر السابق (وقفات مع سيرة المربي). كما أن أخته (سلامة) توفيت في العراق قبل وفاة أخيها (محمد – والد الشيخ) بأسابيع. ودفنا في النجف الأشرف.
4. زوجته الثانية: المرحومة حجية بنت عبداللطيف بن أحمد المهنا (أخت الحاج عبداللطيف بن عبداللطيف المهنا – الزوار).
5. وقبل أسبوع من وفاته, كنت في زيارة لسماحته وشعرت حينها انه متعب صحياً. وجال في خاطري أن أساله. ولكني ترددت هيبة منه.
6. سمعتها مؤخراً من أحد أنجال الشيخ في 1442 هـ