ملخص لمحاضرات الشيخ عبدالجليل البن سعد الليلة الأولى: إشكاليات حول مركزية الإنسان
زاهر العبدالله
المرجعية تتعدد عند الإنسان وتأخذ أبعاد ولكن القلب الذي لا يعترف بالمركزية الدينية فإن يذهب إلى مركزية نفسه.
هل في الحياة مأساة ذات مركزية أم هناك تفرعات ؟
هناك عالم فيلسوف كبير قريب من عصرنا اسمه ( أونابونو ) كتب ( معنى العصيان في الحياة ) يدلل أن أعمق مأساة في الحياة الإنسان ويعتبر أبرز ما كتب وأعادها ورصدها بطريقة فكرية فلسفية. فقال: الإنسانوية تعني فيما تعني المركزية في الإنسان. حيث أن الإنسان لا يحتاج إلى مرجعية لغير نفسه وأوعز ذلك إلى وجود التقدم في الحياة فمن يطلبها هو الإنسان ذاته. وهناك صراع ثلاثي، العقل والعقل والحياة. لا يستطيع أن ينفك عنها الإنسان ولا يتقدم إلا من خلال هذه العناصر الثالثة. وكذلك الإنسان يعيش أجزاء مثل العاطفة فلا ينشدها إلا ذات الإنسان والجميل في كلامه أنه هذه الفكرة خلقت مأساة عميقة في الإنسان.
لماذا أخترنا هذا الموضوع بالذات ؟
1- أريد أن أقدم قراءة في الفكر الفلسفي بمقدار ما قرأت. فلو سألني أحدهم ماذا تبحث عنه الفلسفة؟ أقول خلاصة الفلسفة تبحث في مركزية الإنسان وخصائصها وما هو المقبول وغير المقبول منها .
2- أن نكشف عن حجم مأساة مركزية الإنسان وأثرها على ديننا وطريقة تفكيرنا وتعاطينا للأحداث. التصوير للمركزية للإنسان بعنوان المطلق يصادم مع تعاليم القرآن الكريم مثل { إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ } العصر ٢. وقال تعالى { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} الأحزاب ٧٢.
3- أدعو المنفتحين على الواقع الثقافي والتجاذب أن يراقبوا طبيعة تطور المركزية الإنسانوية مثل عصر التنوير فإن لها دلالات خاصة تريد أن تهيمن على كل شيء ولكن تصادمت كثيراً مع بعض المثقفين فتجد بعض المتحمسين يقول تحت مسيميات لا أوافق على إطلاقها أن الدين أو المذهب يتطور لأنه يستوعب المتغيرات وهذا كلام غير دقيق بل المركزية الإنسانوية كما خنقت طورت من وضعها.
4- ما هو موقف الإسلام من المركزية المطلقة للإنسان؟ ينظر أنها سلبية لأن الإنسان ضد الإنسان.
ما هي غاية الغايات للمركزية الإنسانوية ؟
هي البحث عن السعادة والبحث عن السعادة في خمس مجالات ( الأخلاق، المجتمع، الدين، الفن، العقل). وهذه السعادة يمكن يصفها الإنسان الغاية (الفتنة). ومكمن المشكلة في المركزية الإنسانوية حصرها في الرغبات الشخصية دون قيود وحدود ومن يطلب السعادة من أجل الراحة فيوهم نفسه أنه لا يوجد قيود مثل وجود حساب في الآخرة. مثال، من يريد الفاحشة يجب أن يوهم نفسه أنه لا يوجد إله يحاسبه وينظر إليه فيصدق ذلك فيرتكب الفاحشة. ولذا هناك بند من بنود الإنسانية خطير جداً وهو: لا حياة وبعد الحياة. فيلغي تأثير وخز الضمير والذنب والحساب بعد الموت فيتبع هواه .وهذا الأمر ليس جديداً بل حتى مع الإنسانية القديمة كانت تمارس ذلك بأن يوهم نفسه كما قال كفار قريش في صدر الإسلام
(إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ(٣٧)}المؤمنون.ولا يقف الأمر عند منكرين وجود الإله بل حتى بعض المؤمنين يعيش الإنسانية دون قصد. مثال: تجد البعض عندنا أزمات صحية مثل مرضى السكري إذا وضع بجانبه صحن رطب يتردد في الأخذ منه ثم يوهم نفسه فيقول الموت واحد فيتناول ما يريد وينسى أن هناك حساب وعتاب وعقاب على فعله. ولذا غاية السعادة هي فاتنة.
الجذر التاريخي
الإنسانوية كانون يعززون للمركزية الإنسانوية، مثل الديانة الأبنوشاد الهندية تعتمد على المركزية الإنسانوية بحيث ألغت القيود وتنازلت عن الإله. وكذلك الكنفوشوسية وهي فلسفة مهيمنة على الصين فأعطت تشريعات وقانونين واجتماعية دون الاعتراف بالإله.
الحضارة الرومانية ( أسميها حضارة الطرب) لوجود كثرة المسارح فيها وما يحدث من غناء وأناشيد واستخفاف وتهميش للإله و الدين حتى جاء وقت أصيب الشعب الروماني ببرود في العاطفة الدينية .وهناك فيلسوف قديم (بروترت جوراتس )أختصر لنا النزعة الإنسانوية، يقول: الإنسان هو مقياس كل شيء . مقياس ما يوجد وما لا يوجد.
تفاصيل المشكلة وحقيقتها في المركزية الإنسانوية.
الغلو في ذات الإنسان وأول صدام لها هو الإنسان ذاته. هوس الظلم عند المركزية الإنسانوية. هناك زعيم شيوعي مثل استالين كان مهوس بالظلم لدرجة أن أي واحد يختلف معه يعاقبه في التو والحظة وهناك آخر من زعماء الشيوعية اسمه ويباموتسي فكان يتفنن في القساوة وكذلك غيره. فأعطت عظماء حسب زعمهم ولكن لم يعطوا زعيماً روحياً لأنه هي التي تدوم وليس غيرهم.
ما هو تقدير المركزية الإنسانوية عند الإسلام؟
إنها مرجعية حقه لكن تعضده بجهة وتبعده من جهة بحدود وقيود منسجمة مع الدين كما أشار لها الإمام الحسين عليه السلام حين قال (إن لم يكن لدين وكنتم مما لا تخافون المعاد فكونوا أحرارا في ديناكم وانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي).