ملخص محاضرة الليلة السادسة الشيخ مرتضى الجمعة:إدارة التغيير وصناعة الإبداع
قال تعالى: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
حديثنا هذه الليلة سيكون في محاور ثلاثة:
المحور الأول: ما حقيقة إرادة الإنسان
المحور الثاني: بيان أنواع التغيير
المحور الثالث: بيان صفات الشخصية التغييرية
المحور الأول: ما حقيقة إرادة الإنسان
مما لا شك ولا ريب فيه أن الإنسان لا يمكن لوحده أن يُحدق تغييرا؟ لأنه يستحيل أن نفصل عن إرادة الله، لا في الأمر الصغير ولا الكبير، فإرادة التغيير والأفعال عند الإنسان منوطة بإرادة الله تعالى. ومن هُنا فقد يُقار علينا تساؤل… ماهو الربط بين إرادة الله وبين إرادة الإنسان؟ وبعبارة أوضح، من هو الفاعل الحقيقي في الواقع والخارج هل الإنسان أم الله ؟ من هو الذي يحقق القيام والقعود والكلام في الخارج ؟ وللإجابة على هذا السؤال لدينا عدة نظريات ولكننا نكتفي بنقل نظريتين:
النظرية الأولى: نظرية المتكلمين “علماء العقائد” حيث يقولون: إن الفاعل الحقيقي في الواقع الخارجي هو الإنسان. والدور الإلهي إنما هو بمثابة المادة التي يستند عليها الإنسان من أجل إحداث التغيير في الواقع الخارجي. فالذي يفعل الكلام أو القيام أو القعود هو الإنسان ولكن مستندا في تحقيق هذا الفعل إلى الله تعالى. وهُنا ننقل شرحا من كلام السيد الخوئي “قدس” من كتابه البيان في تفسير القرآن حيث يذكر مثالا توضيحيا لهذه النظرية فيقول: لو أن عندنا إنسانا مشلول اليد وأراد الطبيب أن يحرك يد ذلك المشلول فجاء الطبيب بسلك كهربائي وأوصل ذلك السلك في الطاقة الكهربائية ثم ضغط على زر الطاقة الكهربائية. الطاقة الكهربائية الآن تعمل ولكن هل حصلت حركة لليد؟ حتى الآن لا .. لماذا؟ لأن صاحب اليد المشلولة بعد لم يرد أن يحركها… اليد إنما تتحرك إذا أراد صاحبها أن يحركها إلا أن هذه الحركة لا يمكن تتحقق إلا إذا كانت الطاقة الكهربائية مشغلة ومفعلة. فيقول عليه الرحمة أن أفعال البشر في الخارج تماما مثل هذا المثال، الذي يريد أن يعمل ويفعل هو الإنسان ولكن لا يمكن له أن يقوم ويقعد ويتكلم …إلخ إلا بعد أن يأخذ المدد من الله سبحانه وتعالى. وهذه النظرية تختصرها الآية: إنا لله وإنا إليه راجعون. وقوله تعالى: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
النظرية الثانية هي نظرية الفلاسفة: حيث مال إلى هذه النظرية السيد محمد حسين الطباطبائي حيثُ يقول الفلاسفة: نحن لا نقول كما يقول المتكلمون بأن القيام والقعود …إلخ في الواقع الخارجي إنما هو من فعل الإنسان والله بمثابة المادة التي يستند عليها الإنسان حتى يحقق ذلك الفعل. وإنما نقول بأن الفاعل الحقيقي هو الباري عز وجل. فالذي يحقق القيام والقعود وكل الأفعال في الخارج هو الله عز وجل. والسؤال الآن الذي يُطرح على الفلاسفة: ما هو دور الإنسان في ذلك؟ قالوا: الإنسان ما دوره إلا مساعد لتحقيق هذه الأمور في الواقع الخارجي. وللتوضيح: فالفلاسفة يقولون حتى يتحقق فعل في الواقع الخارجي لابد من توفر شرطين: ١– المقتضي “ما منه الوجود“. ٢– الشرط “ما به فعلية الوجود” … وللتوضيح: لنأخذ مثلا هذا الضوء الموجود أمامنا في المأتم المبارك، حتى يكون موجودا لا بد من توفر هذين الشرطين: فـ “المُقتضي” هو الطاقة الكهربائية و “الشرط” هو الجسم فلا يمكن أن يكون لدينا ضوء إلا بوجود كلا الشرطين معا، فلا يمكن أن يكون هُنا ضوء بطاقة بدون جسم يحتويها ولا يكون هناك ضوء في جسم بدون طاقة تمده. وبالربط في موضوعنا فالفلاسفة يقولون: الفعل البشري في الواقع الخارجي إنما هو ببركة ما منه الوجود، ببركة المقتضي وهو الله سبحانه وتعالى. فإذا أراد الإنسان أن يقول فإن الله يستطيع أن يجعله يقوم بذلك. وإذا أراد أن يتكلم فإن الله يستطيع أن يجعله يتكلم … ولكن عليه أن يحقق شرطا، وما هو ذلك الشرط؟ هو أن يريد أن يقوم أو يريد أن يتكلم أو يريد أن يجلس …إلخ فالشرط هنا بمثابة الجسم. فإرادة الإنسان عند الفلاسفة إنما هي بمثابة شرط مساعدة لتحقيق الأفعال الخارجية في الخارج.
المحور الثاني: أنواع التغيير
النوع الأول: التغيير الثقافي
النوع الثاني: التغيير النفسي
النوع الثالث: التغيير العملي
يستحيل أن يتحقق في الخارجي العملي تغيير عملي ما لم يتحقق التغييران الأوليان وهو التغيير الثقافي والنفسي. وللتفصيل: فالتغيير الثقافي لا يتحقق إلا إذا كنت مقتنعا بثقافة التغيير ومن دونها فلن تستطيع أن تتغير ولا تغير. فلا بد أن تقتنع بالثقافة التغيرية على مستوى النفس، والفكر، والأسرة …إلخ حتى تستطيع التغيير. فإذا اقتنع الإنسان تأتي المرحلة الثانية وهي التغيير النفسي، فلا بد أن تقدح شرارة التغيير في داخل الإنسان حتى يحصل عليه. فالقناعة نحو التغيير لا تكفي أن تكون قناعة على مستوى الثقافة دون وجود إيمان النفسي محفز على التغيير. فبعد اكتمال هذين الركنين يأتي الدور على التغيير العملي. لذلك هناك كلمة لطيفة في هذا الباب حيثُ يقولون: وعي كل مجمع بثقافته. فإذا أردتَ أن تنظر إلى أي مجتمع من المجتمعات هل أنه مجتمع واع فانظر إلى مثقفيه ومفكريه ورواده من الجنسين.
المحور الثالث: صفات الشخصية التغييرية
وهُنا ننقل كلام علماء النفس الذين قسموا الشخصية إلى مجموعة من الأقسام، ونكتفي بذكر قسمين: ١– الشخصية الروتينية النمطية الكلاسيكية. التي لا تحب أن تتغير، من دون أن تقوم بأي دور فاعلي، فقط تأكل وتنام، تجلس وتنام … إلى فلا تريد أن يرتقي المجتمع لأنها شخصية خاملة. فيومها كأمسها وغدها كيومها. وهذه الشخصية تماما كما ورد عن النبي ص وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: من تساوى يوماه فهو مغبون.
٢– الشخصية الإبداعية التغييرية: فهذه الشخصية دائمة الارتقاء فلا ترضى أن يبقى يومها كأمسها. فحينما تتعلم معلومة هذا اليوم فإنها تتوق لتعلم معلومة أخرى في اليوم التالي، شخصية تريد أن تتحرك تريد أن ترتقي بروحها و فكرها وعاطفتها. شخصية تريد دائما أن تُطرو في علاقاتها مع المحيط القريب منها كالزوج والزوجة والأب والأم والأولاد والإخوة والأهل والأصدقاء وأبناء المجتمع جميعا. شخصية تُحب الكمال وتسعى إليه بشكل دائم مستمر.
ومن هُنا فهذه دعوة ترتكز على أن نقوم جميعا بتطوير أنفسنا وتثقيف شبابنا ثقافة أهل البيت عليهم. وأن نكون واعين مستعدين لكل التغييرات الحياتية السريعة القادمة، وأن نكون أصحاب همة واحتراف في تقديم ونشر علوم أهل البيت ع للعالم أجمع. كما كانت شخصيات أصحاب الحسين ع لما فيها من الإبداعية التطورية التي صرفتها في طريق الله وطاعة أهل البيت ع. فساهمت في تغيير التاريخ وصناعة ثورة فكرية يتكلم الجميع عنها من تاريخ استشهادهم إلى يومنا هذا وإلى الغد وما بعده.
اللجنة الإعلامية بالحُسينية العلوية ببلدة الجبيل في الأحساء