الشيخ السمين يحذر من الانغماس بظواهر الحياة المادية
آمنه الهاجري: الدمام
أكد الشيخ محمد السمين في محاضرته العاشورائية الثامنة أن التركيز على اقتناء الممتلكات المادية، والشهرة الاجتماعية يصرف عن كل ما له معنى في الحياة، مشيراً إلى أن هذه الحقيقة مستنتجة من الضوضاء المادية التي سببتها الرسائل المعلنة عن أن السعي وراء الماديات والمظاهر هي التي توفر للإنسان مكانة حقيقية وحياة ذات معنى أصيل.
وذكر الشيخ محمد تبعاً لذلك ما أكدته مجموعة من الدراسات بأن الذين يعجبون بالقيم المادية والمظاهر الاستهلاكية وتشكل أولوية من أولوياتهم لاسيما لدى المراهقين إذ أنهم يصابون باضطرابات بأنواعها أمثال: الاضطراب السلوكي وهو ينتهك حقوق الآخرين أو قوانين المجتمع، أو العدوانية والتمرد، أو فقطان التركيز والانتباه، أو جنون العظمة، وفقدان الثقة بالآخرين.
ونوه بأته قد يقول البعض أن ما يمارسه الإنسان لا يتجاوز مقدار الحاجة الفطرية عند الإنسان من غريزة حب الطعام والتلذذ بأمور الدنيا مما أحله الله تعالى، ومن حب الجمال بجميع صوره، وتقدير الذات وغيره، ملفتاً إلى أن هذا أمر صحيح، لكن المعضلة تكمن في أنها تحولت من حاجة إلى ترف وثقافة استهلاكية، فأصبحت هدف وغاية لا طريق.
وقال: “إن الحاجة الغريزية والفطرية عند الشخص لايمكن أن يحرم الإنسان نفسه منها وهو مسلك رفضته الشريعة الإسلامية، فمثلا شهوة الفرج إن لم تنضبط وتكون في حد الاعتدال”.
وتابع: “فهذه الشهوة بيت طرفين: الافراط والتفريط، وأما من ناحية الافراط فهي تسيطر على الرجل فتجعل همه التمتع بالنساء، وهذا الطرف يؤدي بالإنسان إلى اقتحام الفواحش فلا يكتفي بما أحله الله، وتودي إلى الفسق البهيمي الناشئ من استيلاء الشهوة على الإنسان، وهو طرف رفضته الشريعة.
وأضاف بأن التفريط: ويكون من خلال العفة الخارجة عن الاعتدال، فيعف نفسه حتى عن الزواج والنكاح الشرعي، أو أنه يقصر في إعطاء الزوجة حقها الشرعي المشروع له ولها، وهو أيضا مما رفضته الشريعة الإسلامية.
ونوه بأنه تكمن الخطورة في الزمن المعاصر حينما تتحول حياتنا إلى مظاهر مادية، وليس المادية هنا فقط بمعنى المال، إنما بمعنى التعامل بكل ما أقدمه لابد أن يكون مبني على ثمرة ملموسة مادية دنيوية، هذه الثقافة باتت متغلغلة في جميع مفترقات حياتنا، ولك نماذج.
وضرب الشيخ أمثلة منها: الحرص على نقل حياتنا اليومية عبر منصات التواصل، وعرض صورة مثالية عن الحياة: ومن أهم أثاره إصابة الناس بالإحباط من وضعهم الحالي حتى يصبحوا أقل سعادة أو يفقدوها، ويشعرون بالتدني في معنوياتهم.
وأشاد بأن بعض الاحصائيات أظهرت بأن مشاهدة قنوات التواصل بكثرة تعرّض الأشخاص إلى عدم الرضا عن وضعهم المادي، وهو ما يولد الشعور بعدم الرضا عن كامل حياتهم عموماً.
وشدد بأن هذا الوضع جعل حالة الاستهلاك المادي مرتفع بشكل كبير جداً على مستوى الألبسة والأطعمة والسفريات وكافة مظاهر الحياة المادية الغير مهمة، ما أفرز مشاكل اسرية بسبب تكليف الزوج أو الأب من قبل أبنائه فوق استطاعته سعياً للوصول إلى الصورة المزيفة التي رأوها في منصات التواصل.
وتطرق الشيخ في حديثه إلى تحذير بعض المشاهير من خطورة ما يعرضونه، وحذر الزوجات والبنات من الضغط على الأزواج والآباء من أن يقعوا في شراك الخداع، فحدود المشاهير زاوية، ظهر فيها أنها تعيش حياة مترفة والواقع غير هذا.
وأكد أن هذا الانغماس في الماديات يفرز حالة نسيان الأدوار الأساسية للأبوين في تربية أبنائهم، بل يجعل الآباء يعانون من تصحيح اصطدام المفاهيم التي يتلقاها الأبناء من الأبوين من جهة ومن الاعلام من جهة ثانية.
وحذر من بروز ظاهرة الماديات والحياة الاستهلاكية، والتي بدأت تولد أفكار لم نألفها تصنف ضمن الحياة الترفية بنحو مبالغ فيه، بما فيها ما يسمى بالـ(هبّة)، مثل أن تقيم حفلا بتكاليف حتى لو لم تكن باهضه لمعرفة مثلا نوع الجنين عند الأم حديثة الحمل، أو حفل الحصول على رخصة قيادة السيارة، أو حفل بمناسبة الانفصال والطلاق من الزوج وما شابه ذلك.
ووجه الشيخ السمين كلمته للحضور في نهاية المجلس أن المشكلة تقع في غفلة الإنسان عن الحياة المادية والتي تولد في نهايتها الشعور بالملل، فقد اشترى كل ما يشتهيه، وذهب إلى ما يرغب إليه، وفي آخر الأمر يشعر بالرغبة إلى التجديد، فيبتكر أمورا لم يمارسها من قبل، ولأن المعيار عنده بعيد عن المبادئ والقيم يبتكر من دون حسبان لعواقب الأمور، حتى تصبح هذه الظواهر التزامات اجتماعية تفرض حتى على الفقير أو متوسط الدخل .