توقدت يا جرح
جاسم المشرف
ويبقى الحسينُ انتفاضةَ عزٍّ/مناراً يجددُ فينا اليقين
وجمرةَ حُزنٍ تهيجُ اشتعالاً إذا ما تهبُّ رياحُ الحنينْ
يفيضُ علينا مِنَ القلبِ حبَّاً
مِنَ الوجهِ نوراً
مِنَ الفكر أسمى معاني التسامي
إليهِ تُيَمِمُ كُلُّ الدروب
بهِ يهتدي الحائرُ المستكين
وما زالَ مَرسى لِكلِّ الجراحِ لِكلِّ الدموعِ
وما زِلتُ أبكيهِ رمزاً ودينْ
إذا ما أردتُ طريق الحسين
غَدا صاحباً في امتدادِ الطريقْ
غَدا مؤنِساً إنْ فَقدتُ الصديقْ
غَدا زورقاً مُنقِذاً للغريقْ
ولو بَلَلَ الدمع عيني ووجهي
رأيتُ بريقاً مِنَ الخُلدِ يشجي فؤاداً وقلباً يَتوقُ إلى الخالدينْ
سَمعتُ التأوهَ مني صدىً
مِن تأوُهِ كُلِّ الوجود
وحيثُ اقشَعَرَتْ أظِلةُ عَرشِ الإلهِ عليهِ
يُجَمِعُ كُلَّ مآسي الوجودِ كقطرةِ بَحرٍ
يهيجُ افتجاعاً على ذلك الثأر في العالمين
وينفرطُ الدمعُ دُرَّاً وَدُرَّاً
وتنشجُ روحي نشيجَ الثُكالى
تَئِنُّ مِنَ العُمقِ حتى أقاصي المدى وأمشاجُهَا بينَ ماءٍ وطينْ
وأنسى الوقارَ وكُلَّ اعتبارٍ وأحياهُ لوناً تَدَرَجَ حتى تغشى الوجودَ إحمراراً تسرمَدَ في الكونِ للوالهينْ
بصدري هُنَا مَجلِسٌ للحُسينْ
خيامٌ خيولٌ رِماحٌ سُيوفٌ هجيرٌ عُطاشى
نجومٌ شموسٌ مناحةٌ حزنٍ ونعي
وصدرٌ هو العرشُ فوقَ الهجير
رَقاهُ خَسيسٌ، وَصوتٌ يَوُجُّ “أما من معين”
°°°
توقدتَ يا جرحُ حتى انصهرتُ وما عدتُ أعرفُ مَن ذا أكون؟
ألا أيُّها الجرحُ هَلَّا غَفوتَ
قليلاً مِنَ الوقتِ عَلِّي أراهْ
لَعلِّيَ أمسحُ بعضَ دماهْ
وأروي الشفاهْ
أجسُّ له النبضَ عِندَ الوتينْ؟
ألا أيها الريُّ ماذا دهى الدَّهرُ حتى تموتَ من العطشِ المستبدِّ
وتُشعلَ حُزناً عميقاً طويلاً تشظى ولا يستكينْ