الشيخ السمين ..يضع الطلاق العبثي تحت المجهر
رقية السمين: الدمام
“للأسف أصبح الطلاق اليوم ظاهرة بارزة في المجتمع بل تطور الأمر عندنا فتحول إلى ما يسمى بالطلاق العبثي الذي يصيب الشباب والفتيات حديثي الزواج، فأصبح متساهلاً به لا يحسب لعواقبه أي حساب، وتكمن خطورة الطلاق في كونها نذير لهدم الكيان الأسري وانه هذه الظاهرة تخلف تبعات نفسية واجتماعية تنعكس على طرف الزوج والزوجة والابناء”.
بهذا حذر سماحة الشيخ محمد السمين من ظاهرة الطلاق “العبثي” في محاضرته المعنونة بـ (أنين الأبناء: أبي لماذا طلقت أمي؟) من على المنبر العاشورائي في ليلته التاسعة بمأتم لجنة مناسبات بسيهات.
واستعرض الشيخ السمين أبرز أسباب الطلاق على النطاق الاجتماعي والذي يكمن في التهيئة النفسية للطرفين قبل دخول عش الزوجية، والاختلاف في بيئة كل عائلة وعملة تدخلها في حياة الزوجين، قائلاً:” كثير من حالات الطلاق تقع نتيجة تدخلات الأهل المستمرة بغير وجه حق في حياة الزوجين”.
وعلى النطاق الشخصي وضع سماحته أبرز أسباب الطلاق تحت المجهر إذ أنها تمر بعدة مراحل تبداء بالنخر في أساسات الزواج حتى تضعفه وتهدمه، أولها النقد الدائم وقال:” النقد الدائم بمثابة خطر يهدد الحياة الزوجية، لاسيما إذا كان خال من الحلول “، كذلك التفسير السلبي ويتمثل في عدم التماس الأعذار للأخطاء التي تحصل أثناء العلاقة، فيعتقد الطرفين أو طرف منهما بأن الآخر يحمل له نوايا عدائية، وهو ما يؤثر على الثقة بين الزوجين، وتنتج هذه المرحلة حالة البعد عن الحوار والكلام بين الزوجين.
وألفت الى أن أحد أسباب شيوع الطلاق مؤخراً هي غياب ثقافة التعامل مع المشكلات وافتقار الزوجين إليها وتصعيد الخلافات، قائلاً:” من الطبيعي أن يقع بين الزوجين خلاف وقد يستمر فترة معينة، لكن هل يعني ذلك الحياة الزوجية وصلت إلى النهاية؟”، ويقابله السبب الآخر الانسحاب السلبي من الحياة الزوجية: المتمثل في الهروب وتجنب المعارك والمواجهة وهو بديل أكثر إيلاماً إذا كان خالياً من التعابير، كالهجر في الفراش، أو النوم خارج المنزل، أو خروج الزوجة من بيتها إلى بيت عائلتها.
كما أكد أن التحقير والاستهزاء والتلفظ أحد أسباب الطلاق والذي قد يصل بين الطرفين إلى خلق بيئة عنيفة وانتقامية وقال:” التلفظ بما يشير إلى عدم التربية الصالحة، هو ما يفقد الآخر الشعور بعدم الاحترام والتقدير ما يشحن النفوس بين الزوجين وقد يصل الأمر إلى الضرب إنتقاماً بسبب التحقير”.
ومن هذا المنطلق دعا سماحة السمين الى التروي ودراسة الآثار التي يخلفها وقوع الطلاق على حياة كل فرد بالأسرة مسلطاً الضوء على معاناة الزوجة في صعوبة التكيف الاجتماعي:” والاضطراب السلوكي لديها، كاتخاذ العزلة خوفا من مواجهة الناس، والشعور بالاغتراب الاجتماعي، ابتعاد النساء المتزوجات عنها خوفا أو تشاؤما منها”.
وتابع:” كما قد يعكس عليها ذلك شعور فقدان الأمان، والتركيز والتشتت، جراء ازدياد مسؤولياتها كـ تحمل تربية الأطفال وتلبية احتياجاتهم من أجل تعويض فقدان الأب وتغير دورها الاجتماعي”.
وأوضح أن الطلاق العبثي من شأنه أن يزج بالزوج نحو قرارات متهورة نتيجة الشعور بالفشل كـ سرعة اجراء زواج آخر دون اختيار دقيق إنما لمجرد اثبات الرجولة التي يشعر أنها زعزعت بتخلي الطرف الآخر عنه، وفي النهاية غالباً ما ينتهي الزواج الآخر بالفشل أو ازدياد العبء المادي، أو الدخول في صراعات عائلية داخلية لاسيما إذا كان الزواج من الأقارب، والذي قد يصل إلى مستوى قطع العلاقة بين بيوت وأسر وعوائل.
فيما أنذر الشيخ السمين من حلول الطامة الكبرى على الأبناء الطرف الأكثر تضرراً في حال وقوع الطلاق وقال:” سيخلف افتراق الأبوين شرخاً كبيرا في حياة الأبناء التربوية، العاطفية، والاجتماعية، فلكل من الاب والام دوره الذي يصعب على الآخر أن يقوم به وهي سنة الحياة وهذا من شأنه أن يولد لدى الأبناء اضطرابات سلوكية مختلفة، كـ قلقهم من المستقبل وفقدان الأمان، القلق العاطفي والشرود الذهني والشعور بالنقص وعدم الرغبة في مخالطة الآخرين”.
وحذر سماحته من استخدام الأبناء سلاح للانتقام بين الزوجين، بالنيل من أحد الوالدين ووصفه بأوصاف تهز من ثقة الأبناء اتجاه ذويهم، لما ينتج عنه من مشاكل وضغوط نفسية للابناء أبرزها سوء تقدير ونظرة دونية للذات الشعور باللوم والذنب، وقال:”بعض الأطفال يشعرون أنهم سبب في طلاق أبويهم”.
جدير بالذكر أن سماحة الشيخ محمد السمين تطرق في محاضرته الى أن الطلاق قد يكون في بعض الحالات علاجاً وحلاً لمشكلة اسرية، فهناك حالات لا علاج لها فيها إلا الطلاق، والذي لأجله شرعه الله تعالى.