هل يستغني المنبر الفكري عن التغذية الراجعة؟ البرفسور القضيب والشبيب يجيبان
بشائر: الدمام
يشهد المجتمع خلال موسم عاشوراء تفاعلا واضحا وملموسا بين الجمهور المستمع والخطيب المحاضر من على المنبر. ويتجسد هذا التفاعل بالتواصل المباشر في الجلسات الحوارية التي يعقدها معظم خطباء المنبر الفكري في ختام الموسم العاشورائي ليجيبوا على أسئلة المستمعين ويستقبلوا ملاحظاتهم وانتقاداتهم.
وفي حديث خاص لصحيفة بشائر حول التواصل الفعال خلال الجلسات الحوارية التي يعقدها معظم خطباء المنبر الفكري في ختام محاضراتهم العاشورائية، تحدث البروفسور الدكتور علي القضيب قائلا: “أركان التواصل بين الخطيب والمستمع أربعة أساسية وهي: المتحدث (المرسل) والمستمع (المستقبل) والرسالة المراد نقلها والوسط الذي من خلاله تتم نقل الرسالة” ثم أردف مؤكدا على ركن من نوع آخر وهو “مهارة الخطيب من حيث لغة الجسد والايماء ومستوى الصوت وتنوع أسلوب الالقاء”.
وفيما يخص التغذية الراجعة، قال القضيب: “تعد التغذية الراجعة مقياس أداء للخطيب والمتحدث فمن خلال التغذية الراجعة يتم قياس مدى استيعاب الجمهور للمحاضرة، وقدرة الخطيب على ايصال المعلومة وبدونها تعد دورة الاتصال ناقصة”.
واستعرض صور التغذية الراجعة وآلياتها قائلا: “قد تكون التغذية الراجعة من خلال سؤال الخطيب المباشر للمستمعين عما فهموه أو من خلال أسئلة المستمعين للخطيب واستفساراتهم وملاحظاتهم”.
وشدد القضيب على ضرورة تغليف التغذية الراجعة بالذكاء العاطفي لتحفيز عملية التواصل، فقال: “من الواجب ابداء الإطراء للخطيب لأنه بذل الجهد الكبير لإعداد المحاضرة فيجب على المستمع توخي الحذر وعدم خدش مشاعره”.
وختم القضيب حديثه بالقول: “التواصل الفعال طريق ذو مسارين في اتجاهين متوازيين من وإلى الخطيب مرورا بالمستمع. ومن خلال التغذية الراجعة الناتجة من التواصل الفعال يتعرف الخطيب على نوعية وثقافة مستمعيه فيتمكن بعدها من تناول مواضيع ترتقي بالمجتمع وتتلاءم مع طموحاتهم. وفي الوقت نفسه تجدد التغذية الراجعة التحدي للخطيب من أجل تطوير الخطاب ليس فقط فيما يتعلق بالمحتوى بل أيضا بالكيفية والكمية”.
وفي السياق ذاته، قال الناشط الاجتماعي بدر الشبيب: “إن المسؤولية الملقاة على الجمهور كبيرة جدا ولا يصح تحجيمها أو تقزيمها أو إهمالها، إذ يمكنها أن تكون المؤثر الأول لرقي الخطاب والخطيب، ومن ثم المجتمع”. وحول هذه المسؤولية قال: “على الجمهور ممارسة حقه في النقد البناء لما يتلقاه، وذلك من أجل ترشيد الخطاب المنبري ليكون أكثر قدرة على الصمود والمنافسة في ساحات المنابر الثقافية، بخاصة مع اتساع دائرة المتلقين لتشمل العالم كله تحت فضاء الانترنت الذي لا تحده حدود”. واستطرد موضحا: “إن من أول أساسيات النقد البناء، التركيز على نقد الأفكار بعلم وموضوعية، والبعد عن الشخصنة وتصيد المثالب أو اختراعها”.
و وجه خطابه للخطباء فقال: ينبغي على المنبريين الذين يتعرض خطابهم للنقد أن يحتفوا بمنتقديهم، ولا يجدوا في صدورهم غيظا من النقد”.
ختاما، دعى الشبيب عموم أبناء المجتمع إلى: “تشجيع تنمية حالة النقد الواعي، وإيصال النقد لمن يهمه أمره، وعدم الاكتفاء بالامتعاض أو حبس النقد في دوائر ضيقة جدا بحيث لا يصل لمن يعنيه ذلك، فلا يحدث النقد أثره”. وأكد على ضرورة: “تقبل التنوع الطَّيفي في الخطاب المنبري؛ من منبر تقليدي جدا إلى آخر حداثي جدا، ومن منبر العقائد إلى منبر السيرة والتاريخ إلى منبر الفكر والتحليل إلى غيرها من التشكيلات التي ينظمها عقد الحسين عليه السلام، وتجمعها الرغبة في تقديم رسالة الحسين بأساليب وطرق مختلفة”.
جدير بالذكر أن معظم الجلسات الحوارية تعقد عادة في الليلة الثالثة عشر من شهر محرم الحرام لمدة ساعتين تقريبا. ولكن في بادرة رائدة، يعقد الشيخ محمد العبيدان برنامجا خاصا خلال ثلاثة عشر جلسة نقدية لمحاضراته العاشورائية ويستضيف في كل جلسة ناقدا فيعرض ورقته النقدية ويناقشها لمدة ساعة ومن ثم يتقدم الحاضرون بمداخلاتهم وملاحظاتهم وأسئلتهم.