إجابة الدعاء تحت قبّة الإمام الحسين (عليه السلام)
الشيخ مرتضى الباشا
السؤال:
نسمع كثيرًا عن استجابة الدعاء تحت قبّة الإمام الحسين (عليه السلام)، فماذا نفعل لا سيما في وقت الزحام، بحيث لا يمكننا الوصول إلى تحت القبّة؟
الجواب:
أولاً: دلّ على استجابة الدعاء تحت قبّة سيد الشهداء (عليه السلام) العديد من الروايات، ومن ذلك:
أحمد بن فهد في عدة الداعي قال: روي أنّ الله عوّض الحسين (عليه السلام) من قتله أربع خصال: جعل الشفاء في تربته، وإجابة الدعاء تحت قبّته، والأئمة من ذريته، وأن لا تعدّ أيام زائريه من أعمارهم. [وسائل الشيعة 14: 537].
ثانيًا: ورد في روايات أخرى أن استجابة الدعاء عند قبر الحسين، دون تقييد بالقبّة، ومن ذلك:
أ. عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) وجعفر بن محمد (عليه السلام) يقولان: إنّ الله عوّض الحسين (عليه السلام) من قتله أنّ الإمامة من ذريته، والشفاء في تربته، وإجابة الدعاء عند قبره، ولا تعد أيام زائريه جائيًا وراجعًا من عمره [وسائل الشيعة 14: 423].
ب. روي عن الإمام الصادق (عليه السلام: من زار قبر الحسين وهو يعلم أنّه إمام من قِبَل الله مفترض الطاعة على العباد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، وقَبِل شفاعته في خمسين مذنبًا، ولم يسأل الله عزّ وجلّ حاجة عند قبره إلا قضاها له [وسائل الشيعة 14: 415].
ج. روي أنّ الصادق (عليه السلام) مرض فأمر من عنده أن يستأجروا له أجيرًا يدعو عند قبر الحسين (عليه السلام) فوجدوا رجلاً فقالوا له ذلك، فقال: أنا أمضي، ولكن الحسين إمام مفترض الطاعة، وهو [أي الإمام الصادق] إمام مفترض الطاعة! فرجعوا إلى الصادق (عليه السلام) وأخبروه.
فقال [الإمام الصادق]: هو كما قال، ولكن أما عرف أنّ لله تعالى بقاعًا يستجاب فيها الدعاء فتلك البقعة من تلك البقاع [وسائل الشيعة 14: 537].
الحاصل من الروايات:
لدينا طائفتان:
الطائفة الأولى: تقول: استجابة الدعاء (تحت قبته).
الطائفة الثانية: تقول: استجابة الدعاء (عند قبره).
والظاهر أن المراد منهما واحد، وليس المقصود من (تحت القبة) هو خصوص القبة الذهبية السامية المعروفة حاليًا. فإنّ قبر الإمام الحسين ظل بدون بناء ولا قبة فترة من الزمن، فهذه الخاصية الإلهية لا تتقيد بالقبة المادية وجودًا وعدمًا. مضافًا إلى أنّ الله تعالى أجود وأكرم من تخصيص هذه الفضيلة بأمتار قليلة فقط.
ومن الاستعمالات العرفية، يقال (هذا الأمر حصل تحت قبة المجلس) مع أنّ المجلس لا توجد فيه قبّة مادية، والمقصود (تحت ظلال ورعاية وحماية المجلس).
وربما يقال أنّ المراد هو قبة السماء من عند قبره حتى شعاع منتهى البصر في الأفق وتلاقي السماء والأرض.
إذن، الشفاء في تربة الإمام الحسين، وإن كانت بعيدة عن القبر الشريف، ولكن التربة الملاصقة للقبر لها مزيد خصوصية.
وكذلك استجابة الدعاء عند قبر الإمام الحسين، وإن كنت بعيدًا، ولكن الاقتراب من القبر الشريف له مزيد خصوصية.
لا ريب لا سيما في أوقات الزحام الشديد، تزداد دائرة (عند قبر الحسين) اتساعًا أكثر فأكثر، ففي زيارة الأربعين المليونية تصبح كل كربلاء (عند قبر الحسين) وهي (قبته) أيضًا كما ذكرنا آنفًا، بل لعل الحشود تغطي مساحة أكبر من كربلاء بكثير، وتصبح كلها (عند القبر، وتحت القبة)، فلاحظ ما قاله العبد الصالح الشيخ بهجت في كتاب (الرحمة الواسعة: 191- 192)، بل قال الشيخ بهجت (بمجرد أنّ الشخص بدأ يتقرّب من قبر الحسين (عليه السلام) يصدق عليه أنه عند قبر الحسين).
توضيح كلام الشيخ بهجت: بمجرد أن يتحرك الإنسان من بلده، قاصدًا زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) فقد دخل في ضيافة الإمام، ودخل تحت عنوان (عند قبر الحسين).
وفي الرواية الشريفة (من بات عند قبر الحسين (عليه السلام) ليلة عاشوراء لقي الله ملطخًا بدمه يوم القيامة) المصدر: كامل الزيارات: 173.
ومن أراد الحصول على هذه الفضيلة، لا يلزمه أن يبقى داخل الحرم طوال ليلة عاشوراء، بل من بات في المضيف أو الفندق مثلاً في كربلاء ليلة عاشوراء، فقد صدق عليه (بات عند قبر الحسين) فتأمل جيدًا.
بقي سؤال:
نسمع كثيرًا أنّ مجالس العزاء على الإمام الحسين (عليه السلام) هي قبب الإمام الحسين، ويستجاب تحتها الدعاء، فهل يوجد دليل على هذا التعميم للفكرة؟
والجواب على ذلك:
لا شك أن مجالس الذكر ومجالس أهل البيت (عليهم السلام) مواطن يحبها الله تعالى، ولها العديد من المميزات مقارنة بغيرها من الأماكن.
أما هل هي داخلة في مراد المعصوم من الأحاديث المتقدّمة في صدر المقال، فهذا لا يحضرني حاليًا جواب عليه.
وكان الشيخ بهجت (أعلى الله مقامه) يقول: (عندما تريدون الذهاب إلى مجلس العزاء، وسألوكم إلى أين أنتم ذاهبون، لا تقولوا إنكم تريدون الذهاب إلى مجلس العزاء، بل قولوا (نريد أن نذهب إلى كربلاء)).
فالشيخ بهجت (رحمه الله) كان يرى (مجالس العزاء) (قطعة من كربلاء).