الشيخ عبدالمحسن النمر: الإسلام قدم لقاحاً يقي من انهيار الكيان الأسري
مالك هادي: الدمام
“يمر كيان الأسرة هذا اليوم بمرحلة حساسة في ظل التغيرات العالمية، والمحلية، والاجتماعية التي يتعرض لها المجتمع المؤمن بالخصوص في كيانه الأسري” بهذا استهل سماحة الشيخ عبدالمحسن النمر حديث الجمعة في مسجد المصطفى بحي المحمدية في الدمام.
وحذر الشيخ النمر مما خرج في الآونة الأخيرة من المطالبات التي خلطت بين ما هو صحيح وسليم وإيجابي في مسيرة الإنسانية، وبين ماهي مزالق ومهاوي لا ندري إلى أين ستأخذ البشرية، فقال: والتي منها المطالبة بحقوق المرأة، والمساواة بينها وبين الرجل والمرأة، وعلم الجنس الإنساني، ودعوات لملكية البدن وحرية تصرف الإنسان فيه، وامتدت هذه الأمور إلى أن الأمم المتحدة أنشأت كياناً خاصاً لمتابعة شؤون المرأة في عام 2010 م تحت مسمى كيان الأمم المتحدة للإنسان بين الجنسين وتمكين المرأة.
وأكد سماحته بأن هذه المطالبات نشأت في أجواء لا تعطي أي جانب للدين والروح والآخرة، بل همها الاستجابة لرغبات الإنسان في حياتها المادية، فقال: فلم تنشأ لتعالج الإنسان من حيث هو كيان له وجود وكيان وارتباط، وإنما من حيث مطالبات هنا، واستجابة لرغبات هناك.
وركز النمر على مستوى التأثير على الكيان الإيماني، فقال: فلا يخفى ما انجرفت إليه الإنسانية عامة، والمجتمع الإيماني خاصة، وما انعكست عليه هذه الأمور من حالات تمزق داخل الأسرة. فقد أصبحت الأسرة كياناً فارغاً، لا يحمل قيمة ولا معنى.
وتساءل سماحته عن كيفية تحصين الشريعة للكيان الأسري وما هو اللقاح الذي قدمه الإسلام كعلاج واقٍ قبل حصول هذه الانحرافات؟
فقال: هو ما أسس له القرآن في الحياة الزوجية (المودة والرحمة) فهو الإطار الذي تسير فيه الأسرة، وقد أُسيئ فهم هذه الأسس، فقد ظن البعض أن المودة والرحمة بأن تعيش الأسرة أجواء الراحة والاستقرار دائماً، وهو فهم خاطئ، فلا بد من وجود النزاعات والاختلافات وغيرها في كل علاقة بين طرفين أو أكثر.
فما يؤكد عليه القرآن الكريم أن حياة الأسرة بكافة وجوهها وظروفها لا بد أن تكون في حدود المودة والرحمة، حتى مع الاختلاف فيعالج ضمن هذا الحد.
وذكر الشيخ النمر “الصلح” كأحد أساليب معالجة الخلافات والنزاعات الأسرية ضمن حدود المودة والرحمة، فقال: نبه القرآن إلى أن النفس البشرية مجبولة على جلب المصالح الشخصية للنفس والانتصار لها، ففي حال الاختلاف ستتحرك نفسك على ما يعود عليها بالمصلحة، وتغمض العين عن الأخطاء التي تقع فيها.
ومن جانب آخر حذر سماحته من كل مظاهر تهييج الرجل ضد زوجته، والزوجة ضد زوجها مما يخلق العداوة بينهما، فقال: من قبيل مفردات المجتمع الذكوري، وظلم الرجل التاريخي للمرأة، وأن النساء متمردات، ولا تريد الاستجابة لزوجها، فهذه اتجاهات خاطئة تحول العلاقة بين المرأة والرجل من علاقة حسن ورعاية للحقوق إلى علاقة منازعة ومغالبة، وهو أخطر صورة تقع فيها الأسرة.
كما شدد على صفة الصبر في العلاقة بين الزوجين في حال الاختلاف أو الوقوع في الخطأ أو الظلم، وهي من المعالجات الودية التي تحفظ للعلاقة الزوجية كيانها، والصبر هو السر في حفظ كيان الأسرة.