ذبول الياسمين
(رواية هادئة، كُتبت تفاصيلها بالإخلاص، وانتهت بذبول الياسمين)
..
هكذا هي الحياة، فالدنيا مزرعة الآخرة!
هي الشجرة التي تتلقف ابن آدم عارياً من زبارج الدنيا سوى من خرقة بيضاء، تتلقفه ضعيفاً عاجزاً مكروباً، وتهبه الثمر الذي قد علّقه على أغصانها في الدنيا، فإما ثمر حلو ناضج يانع نبت من الاندكاك في العمل الصالح، وتوجيه الطاقة لكل نشاط صُبّ لوجه الله، أو زقوّم مرّ شائك تنخلع له القلوب، جزاءً وِفاقا.
وفي سجل الصالحين قصّة كُتبت فصولها بـ( حيّ على خير العمل)، وأحداثها: (قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة) ، (سبّح اسم ربك الأعلى)، (واستغفروا الله إن الله غفور رحيم)، ويذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض، وقل اعملوا فسيرى الله عملكم..
كتبتها فتاة فاطمية زينبية تقبلها ربها بقبول حسن.انطلقت (لينا) في عالم السرد من منبت حسن، وتربية صالحة، فتشرّبت حب العلم مذ نعومة الأظفار، واكتسبت من البيت لين الطباع، وهدوء النفس، ودماثة الأخلاق.
كانت صفحة نقاء اختطت على خارطة المجتمع، فتركت بصماتها النافذة تتكلم بلسان عملها الصالح.
وشقت طريقها بسلوك درب العرفاء، تمضي الليل ووسادتها كتاب علم تقلّب صفحاته، أو بحث تنجز فصوله، أو سجادة صلاة تبلها بدموع الخشوع، وتحضن نسيجها بسجود صلاة الليل.
وتمضي النهار في ربوع الدرس وبساتين طلب العلم، حتى حصدت ثمار ثلاثة عشر عاماً من السعي والتحصيل والبحث الدؤوب بعداً اجتماعيا للولاية تأهلت من خلاله لرتبة الأستاذية، فلم تأبه برتبة ولا بمنصب، وتماهت مع عملها الاجتماعي والتطوعي والجامعي، وعلى يديها الطاهرتين ترعرعت ( مشكاة ونور) ، و(الدورات الثقافية) التي تشهد على تحمّل الأمانة ورعاية المسؤولية حق رعايتها.
لينا
القصة التي ختمها رحيل الياسمين، وتفجّع القلوب المكلومة، وفقد الخسارات..
كانت حمامة بيضاء انغمس ريشها الناصع في نهر القداسة، نفضت عن كاهلها حب الدنيا، وارتدت لباس الزهد والخشوع والتخفف من أغلال الدنيا، وقدمت أقدس أنموذج للفتاة المؤمنة الموالية الصالحة العاملة لله..
فالسلام عليها يوم ولدت، ويوم ودّعت .. ويوم تقوم للحياة بين يدي الله