رسالة عرفان إلى الأخ الكاتب والباحث سلمان
إبراهيم بوخمسين
لفت انتباهي في إحدى قراءات المجلس الحسيني لهذا العام في جامع الرسول الأعظم بمدينة المبرز، استدلال الخطيب الشيخ سمير المطوع لأحد كتابنا البارعين الأحسائيين وهو سلمان الحَجي بفتح الحاء، عمن ينادي بأهمية ” فلترة” الملحمة الحسينية ضمن سؤال من الأسئلة التي وجهها كاتبنا إلى سماحة آية الله السيد محمد علي العلي “قدس سره” الواردة في كتاب ذكرى آية الله السيد محمد علي العلي سيد الشعائر للكاتب الباحث م. عبدالله البحراني.
لقد أعجبني هذا الموقف من سماحة الشيخ وأثلج صدري بأن يتواجد هنا في ساحتنا من يهتم بقراءة مصنفات لأدبائنا وكتابنا المحليين.
في الحقيقة أن أخي سلمان الحَجي قد أثرى المكتبة الأحسائية بكتب قيمة، وقد أغدق عليَّ بمجموعة منها، على سبيل المثال لا الحصر:
– كتاب ” أمالي الرمضان بقلم سلمان ” الذي جاء نتاج خمسين جلسة توثيق مع المرحوم المؤرخ الحاج جواد الرمضان، حيث استخرج منه كماً هائلاً من المعلومات التي تناولت الإنسان والبيئة والمكان والزمان التي تعد كنزاً للباحثين.
– وكتاب ” شخصيات ناجحة ” الذي تناول فيه ثمانية عشر “18” شخصية من المهندسين والدكاترة وغيرهم ” نقلوا فيها خلاصة تجاربهم وعصارتها ” كما قال أمير المؤمنين في التجارب علم مستأنف”، والكتاب موثق بصور الشخصيات.
– كتاب ” غيض من فيض ” من ذاكرة المؤرخ الأديب محمد بن حسين الرمضان” أبي سمير، واستخدم فيها الأسلوب ذاته الذي انتهجه مع أخيه المؤرخ الحاج جواد الرمضان، وهو كتاب غني بالمعلومات عن كثير من الشخصيات، وعصارة تجارب شاعر وأديب كبير أغنى الساحة الأدبية بالمؤلفات المفيدة، وكذلك هذا الكتاب موثق بالصور.
– كتاب ” آباء وأجداد ” الجزء الثاني ويحكي عن اثنين وعشرين ” 22 ” لقاء مع شخصيات من كبار السن من نخب المجتمع من علماء دين، وخطباء، ووجهاء، ومثقفين، وأكاديميين، وغيرهم من أصحاب الخبرات والتجارب والتحدي والإنجاز مع من كانت لهم بصمة في اختصاصهم، أو في مواقع العمل، أو في الساحة الاجتماعية، والكتاب موثق بالصور أيضا.
– كتاب ” بني معن وما جاورها في ذاكرة الشيخ يوسف الشقاق ” الذي تناول فيه كاتبنا الحَجي المعلومات الشفاهية التي أدلى بها الشيخ يوسف الشقاق في فصول تسعة، أولها السيرة الذاتية للشيخ يوسف الشقاق، وثانيها أسرة الشقاق، وثالثها بلدة بني معن، ورابعها مواقف وتحليلات، وخامسها مقتطفات، وسادسها شخصيات علمية، وسابعها شخصيات متنوعة، وثامنها قالوا فيه وآخرها الهوامش.
– وآخر ما تفضل به عليَّ الكاتب كتاب ” أعلام وشخصيات أحسائية ” التي تناول فيه تسعة وعشرين “29” شخصية علمائية واجتماعية، ويعد هذا الكتاب القيم مرجعاً للباحثين عن المعلومة ويعد أيضا كشكولاً ضم الكثير من المعلومات العلمية والأدبية والاجتماعية.
والطابع الغالب على هذه الكتب هو جمع المعلومة شفاهياً، ثم توثيقها والتأكد منها، ثم تدوينها. ولقد بذل الأستاذ سلمان جهداً كبيراً يشكر عليه. فأنه الدخول في قلوب الناس وأخذ المعلومة منها فن لا يقدر عليه ولا يجيده كل أحد، حيث أنه يحتاج إلى كاريزما خاصة، وشخصية مرحة وبسيطة ومحببة. كما أنها تحتاج إلى صبر طويل، وتأنّّ، وإلى ترحال من مكان إلى آخر، واختيار الشخصية والزمان المناسبين للقاء وأخذ المعلومة. إن كاتبنا الجميل يملك كل تلك المقومات والكاريزما والخصائص المطلوبة لمثل هذا العمل.
إن الأستاذ سلمان قد أراح الكثير بأسلوبه المنفرد الذي وفر المعلومة، واستخرجها من قالب مخبوء إلى قالب مقروء، مُطّبِقا قول أمير المؤمنين عليه السلام:
الْعِلْمُ عِلْمَانِ: مَطْبُوعٌ وَمَسْمُوعٌ وَلاَ يَنْفَعُ الْمَسْمُوعُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَطْبُوعُ.
أن تفرغ شريطاً واحداً لمددة 45 دقيقة يحتاج منك أياماً، وقد جربت أنا هذا العمل أثناء كتاباتي، فما بالك بهذا الكم الهائل من المعلومات. كما أن أخذ المعلومات من صدور الناس مهمة شاقة، ولكنها في الوقت نفسه مهمة للتاريخ والأجيال، لأن هذه الشخصية وتلك الشخصية متى ما رحلت أخذت معلوماتها معها إن لم تستخرج، وقد ذكرني عمل سلمان هذا بكتاب اسمه: ” مت فارغاً ” لكاتب أمريكي هو تود هنري الذي استلهم فكرة كتابه، فيقول: أثناء حضوره اجتماع عمل عندما سأل مدير أميركي الحضور قائلاً: ما هي أغنى أرض في العالم؟ فأجابه أحدهم: بلاد الخليج الغنية بالنفط. وأضاف آخر: مناجم الألماس في أفريقيا. فعقب المدير قائلاً: بل هي المقبرة! نعم، إنها المقبرة، هي أغنى أرض في العالم؛ لأن ملايين البشر رحلوا إليها ” أي ماتوا ” وهم يحملون الكثير من الأفكار القيّمة التي لم تخرج للنور، ولم يستفد منها أحد.
كم أنت كبير يا سلمان فلقد حفظت للأجيال القادمة هذا الكم من المعلومات المفيدة.
وعلى الرغم من إهدائه لي هذا الكم من الكتب التي كان من الواجب رد الجميل بكلمة شكر أو رسالة عرفان، والحق يقال أن ذلك لم يكن إغماضاً مني في حق أخينا سلمان، ولكن أردت أن تحين الفرصة لأقدم للأعزاء وجبة تعريفية دسمة في طبق واحد عن كاتبنا الجميل سلمان الحَجي وإنتاجه، راجياً منه تقبل رسالة العرفان هذه.