أفضل التمور في مأزق
د.خليفه الغانم
من أجود أنواع التمور في العالم قديما وحديثا هي تمور الأحساء شهد لها القاصي والداني ولا سيما خلاص الأحساء الذي كان يمثل محصولا غذائيا مهما لسكان الجزيرة العربية وما جاورها وفي شتى بقاع المعمورة .
أخذت أسعار التمور في الارتفاع كغيرها من السلع مع اكتشاف الذهب الأسود وتحسن الحالة الاقتصادية في وطننا العزيز حتى عام ٢٠١٠ كان سعر المن ( ٢٤٠ كيلو غرام ) من تمر الاخلاص الإحسائي يتراوح من ٣٠٠٠ ريال إلى ٦٠٠٠ ريال يباع في سوق حراج التمور بعد صرامه من النخيل مباشرة .
لكن بعدها أخذت الأسعار في الهبوط والتدهور شيئا فشيئا حتى وصل سعر المن من تمر الاخلاص لثلاث سنوات مضت وهذه السنة ١٤٤٣ مع بداية ١/٩/٢٠٢١ يتراوح بين ٣٠٠ ريال إلى ١٠٠٠ ريال .
من هنا سأتكلم بلغة الأرقام من واقع تجربة ميدانية لزراعة التمور لمدة ٨ سنوات مع الاستطلاعات الميدانية الأخرى من أرض الواقع لزراعة النخيل .
– المزرعة التي مساحتها ١٠٠٠٠ متر مربع تستوعب زراعة بمعدل ٢٥٠ نخلة باعتبار المسافات بين النخيل من ٧ متر إلى ٨ متر .
– ثمن الأرض في المتوسط يكلف من مليون ونصف ريال إلى ٣ ملايين حسب موقعها في الرقعة الزراعية الأحسائية .
– فاتورة استهلاك الكهرباء الشهري بمعدل من ٢٠٠٠ ريال إلى ٣٥٠٠ ريال بحكم أن مضخة المياه من الأعماق وليس كما مضى المياه تتدفق تلقائيا على سطح الأرض .
– إجور عاملين شهريا يتراوح من ٣٠٠٠ ريال إلى ٤٠٠٠ ريال أضف رسوم الإقامات وتذاكر السفر .
– مضخة المياه من صيانة وغالبا إلى تبديل واخراج المواسير يكلف كل سنتين بمعدل ٣٠ ألف ريال أي ١٢٥٠ ريال شهريا .
– سيارة للمزرعة بنزين وصيانة شهريا ١٠٠٠ ريال أضف عليها قيمة السيارة .
– أسمدة وبعض المواد والأدوات الزراعية الاستهلاكية وعمارة النخيل لايقل شهريا عن ١٠٠٠ ريال .
– لهذا يكون معدل المصروف الشهري على المزرعة من ١٠ الاف إلى ١٢ ألف ريال أي في السنة ١٤٤ ألف ريال
– ومع كل هذا ستنتج هذه المزرعة بمعدل يتراوح من ١٠٠ من تمر إلى ١٥٠ من تمر أي يتراوح سعره من ٤٠ ألف ريال إلى ٧٠ ألف ريال سنويا كحد أعلى .بعد هذه المقارنة الميدانية فهل هناك جدوى إقتصادية من زراعة التمور الذي يباع كيلو التمر بمعدل ٢ ريال بينما في أسواق لمدن أخرى من مملكتنا الحبيبة يباع سعر الكيلو من التمور يتراوح بين ١٠ ريال إلى ٢٠ ريال أين يكمن الخلل وما هي الحلول المقترحة قبل فوات الآوان ونفقد من بين أيدينا أفضل منتوج غذائي عضوي أحسائي كما فقدنا الفاكهة الأحسائية من المشمش والخوخ والرمان والتوت والتفاح والعنب والبوبي وغيرها دون البحث عن الحلرل ، ومثلها مختلف أنواع الحبوب والخضار ، أضع هذا المقال المضغوط لكل من يهمه الأمر من العام والخاص لماذا نجعل سلعة التمور رخيصة مبتذلة في أيدي بعض التجار والشريطية يتحكمون في الاسعار ويجنونها بأبخس الأثمان ثم يبيعونها بأضعاف أسعارها ؟ أليس الأجدر أن نجعل السعر لمن التمر من الاخلاص الأحسائي كحد أدنى ٢٥٠٠ ريال تلتزم به ٣ جهات معنية الزراعة والصناعة والتجارة لكي يضطر التجار والشريطية يتنافسون على أسعار تزيد عن السعر المحدد من قبل المعنيين ؛ لهذا نجد كثير من المزارع تم تحويلها إلى استراحات أوأراضي سكنية ومستودعات أو مزارع مهجورة لاينتفع منها ، مهما بلغ عشق المزارع الأحسائي لنخيله لايمكن أن يصمد ويستمر وإنما سيضطر مع الحسرة لهجرتها والبحث عن مصدر رزق آخر وبعدها تذبل النخلة وتموت بينما مازال العلاج بأيدينا ، أما الكلام الاستهلاكي والإعلامي في مدح التمور الإحسائية قديما وحديثا فإنها لن تجدي نفعا ولن ترسم حلول علاجية لمشكلة عمرها قاربت ١٠ سنوات وإنما تضع تبريرات لتعبئة مقالاتها وبرامجها تعمل على تفاقم المشكلة دون البحث عن حلول عملية ، والمزارعون تتفاقم خسارتهم المادية والمعنوية سنويا . وهاهي المشكلة قائمة بين أيدي الجميع من الضمائر الحية وتستحق الحلول المستعجلة .