قراءتي في كتاب (شخصيات ناجحة)

علي الوباري
حين نقرأ قصص النجاح فإن أكثر ما يهم القارئ أسباب وعوامل النجاح عند الناجحين، وللنجاح عدة مجالات. ومن الخطأ حصر النجاح في العلم والعمل وريادة الاعمال.
النجاح هو تحقيق الاهداف أو ما تصبو له النفس بدءاً من الحلم، وينتهي بتحقيق ما سعى إليه الفرد، وليس شرطاً كل ما تمناه يتحقق.
هناك نجاح الهوايات التلقائية والمواهب المدفونة التي تدفع بالشخص نحو إبرازها، وتحقيق رغبته وهوايته لا شعوريا، وتبدأ بهواية وشغف وتنتهي بأعلى الإنجازات. وربما يكون هذا النوع من النجاحات قد انتهى نسبياً بسبب ما فرضه سوق العمل، ومتطلبات الشركات، وطبيعة الحياة التي تفرض عليك مستوى معين من المعيشة، فنحن نعيش في واقع طغت عليه الماديات وتعددت مطالبه الاستهلاكية.
إن المتنبي الذي اشتهر بموهبته الشعرية الفريدة، وشكسبير الشاعر وكاتب المسرحيات لم تمت عبقريته، ونجيب محفوظ الروائي الذي تباع رواياته الإبداعية، ومثل هذه الطاقات الكامنة التي تتفجر عند الموهوب عفوياً، ولكن لم نعد نراها على الأقل بالعالم الثالث، باستثناء بعض هوايات الرياضة التي يمارسها الشخص ويتميز بها.
نحن بعصر المهارات التي تحددها لك الشركات متعددة الجنسيات ومدربو التنمية الذاتية الذين يصممون لك ما يناسبك في النجاح والتميز. تحطمت بعض قيود الإبداع، ولكن استحدثت قيود اقتصاد السوق التي توجهك نحو أهداف لااستثمار الموجه للاستفادة من مهاراتك في تضخيم الأرباح ورأس المال، فالنجاح عند ديل كارنيجي:
“لا يمكن تحقيق النجاح الا إذا أحببت ما تقوم به “، وعلامات النجاح عند المؤلف والمدرب التحفيزي براين تريسي هي راحة البال والشعور بالراحة والسكينة، يحمل طاقة إيجابية للتغلب على ما يواجهه مع المجتمع، والاكتفاء بقدر من المال لا تجعله يلجأ إلى غيره، وتكون خطط نجاحه متوافقة مع القيم الاجتماعية.
النجاح ما يشعر به الشخص نفسه ويتذوق حلاوته. وكثير من الناس رأوا في أنفسهم النجاح بجوانب معينة، ولكن هناك نجاح تشارك فيه الناس، وينعكس نجاح الناجح على مجتمعه ووطنه ويذكر بين الناس بأنه ناجح، وآثار نجاحه واضحة وبصماته منقوشة ويتردد اسمه بعطائه ومبادراته وخدمته لمجتمعه.
الشخص الناجح من يحقق الاستقرار النفسي والتصالح مع الذات ويشعر بالاقتناع والرضا عن ما وصل اليه.
النجاح الشخصي هو التحكم الداخلي والسيطرة في إدارة الحياة واستثمار الإمكانات وتوجيهها نحو الانجاز.
يؤمن الناجح بالثقة، وأن لديه القدرة على تجاوز الصعاب والتغلب على الظروف الخارجية المعرقلة، ويؤمن بأن لديه طاقات كامنة ومرونة في التعامل مع ما يصادفه من متاعب، ويتخلص من الاعتقاد بالحظ السيء، وأنه رهين البيئة الخارجية المحبطة، ويتجاوز الفرد فكرة “النجاح نتيجة الصدفة والحظ وأن ليس لاجتهاده أي تأثير في النجاح”.
البيئة الاجتماعية المهتمة بالتربية السليمة والمهتمة اقتصادياً تكون سبباً للنجاح، وعلماء التربية والنفس يؤيدون هذا الاعتقاد، ولكن الخطأ الكبير هو إيمان بعض الأشخاص بعجزهم عن ما أنجزه غيرهم خصوصاً الأجنبي.
والمجتمع كذلك قد يظلم الموهوبين بتحديد مجالات النجاح وحصرها في العلم والاقتصاد والرياضة، مما أفقد المجتمع بعض المبدعين، ولم تسلط الأضواء عليهم لأن عناوين نجاحاتهم إبداعاتهم لا تهم المجتمع.
للأخ العزيز الأستاذ سلمان كتب عديدة تحفظ ذاكرة الاحساء القديمة والحاضرة، فهو يهتم بمن هم في الظل بالرغم من إنجازاتهم الشخصية وخدماتهم للمجتمع.
لكن كتاب (شخصيات ناجحة) الذي ضم ١٨ شخصية ناجحة بمختلف المجالات يتكون من ٣٣٥ صفحة، إن هذا الكتاب اعتبره مميزاً حيث يتناول شخصيات نجاحها على المستويين الاحسائي والوطني. إن اختيار سلمان لهذه الشخصيات بكتابه ليس بمعاييره فقط بالرغم من معرفته بهم عن قرب، ولكن أحاديث المجتمع الحاضن لهم يؤكد نجاحهم، وهذا لا يعني حصر النجاح في هؤلاء، فهناك الكثير من مختلف الاختصاصات ناجحون، وما تزال الأحساء تقدم المبدعين على مستوى الوطن وخارجه.
بالرغم من أني لخصت الكتاب على شكل نقاط في أكثر من٢٠ صفحة، فإن كل شخصية تحمل خصائص نجاحها ومميزات مسيرتها المهنية والاجتماعية وبعضهم اشترك بقواسم مشتركة ربما انشرها فيما بعد.
من خلال قراءتي لكتاب شخصيات ناجحة استنتجت هذه الملاحظات المتواضعة وربما غيري يكتشف ما هو أفضل وأعمق:
⁃ كان لديهم إصرار وتخطيط مسبق للنجاح، وليس نجاحهم ناتج من الحظ.
كان منهم من قدم إلى الأحساء من بيئة تعليمية نظامية متقدمة وثقافة حديثة، وكان لديهم وعي أكثر بأهمية التعليم والسعي وراء النجاح والتفوق والتميز
⁃ وقلة ممن ذكر واجهه التعثر والإخفاق والفشل في حياته، وكانت محطات دفع وتحفيز للنجاح
⁃ الشخصية القارئة والمعبرة عن نفسها بالكتابة تختلف بالنجاح عن الشخصية التي لا تهوى القراءة.
⁃ الشخصية القارئة التي تكتب، أجادت التعبير عن نفسها وعن مواطن نجاحها.
⁃ الشخصية القارئة المثقفة خططت ووضعت أهدافاً في مسيرة حياتها لتصل لما تريده بخطوات مدروسة.
⁃ الشخصية التي تعبر عن نفسها بالكتابة نجحت أيضاً في توجيه رسالتها للقراء للاستفادة من تجاربها.
⁃ الشخصية التي كتبت سيرتها ليس على شكل مقابلة ركزت على نقاط النجاح والعثرات.
⁃ هناك شخصيات ناجحة لذاتها ولأسرتها، ولكن نجاحها لم ينعكس على المجتمع
⁃ شخصيات ناجحة وصاحبة مبادرات تجاوزت حدود الوطن مرتبط نجاحها بالمجتمع وتقديم الخدمات.
⁃ شخصيات ناجحة في عدة مجالات، وقسمت محطات نجاحها حسب مراحل عمرها ومناصبها.
⁃ شخصيات تجاوز عطاؤها ذاتها وأسرتها الخاصة وقدمت للمجتمع والوطن.
⁃ شخصيات ناجحة لديها آثار النجاح ستبقى حتى بعد موتها مثل المبادرات الاجتماعية والثقافية وتأليف الكتب.
⁃ شخصيات ناجحة ارتقت إلى مستوى الفكر والتخطيط الإستراتيجي فهي باقية بآثارها.
⁃ شخصيات انتقلت من وظائف حكومية وشركات كبرى إلى وظائف بشركات أصغر وأسست مشاريع ناجحة لدرجة الابداع.
⁃ شخصيات ناجحة بسبب تطوعها ومبادراتها وليس بسبب نجاحها الشخصي وتحقيق أهدافها الذاتية فقط.
⁃ شخصيات ناجحة أجمع على نجاحها غالبية أفراد المجتمع ولا يختلف أحد في تميزها.
⁃ غالبية الشخصيات الناجحة المختارة عرفهم المجتمع بتطوعهم وخدمتهم للمجتمع أولاً، ثم بانجازاتهم الشخصية الخاصة.
⁃ بعض الشخصيات الناجحة شكل العامل الوراثي الناجح من الآباء والأجداد فيها قوة ضغط لمواصلة مسيرة النجاح.
⁃ بعض السير الذاتية للناجحين بها شهادات الأصدقاء والإخوان تشتت التركيز في محطات النجاح.
كتاب “شخصيات ناجحة” مفيد والشخصيات التي تضمنها الكتاب تستحق التوثيق، ولكن ياحبذا من الأخ العزيز (بومحمد) في الكتاب القادم خصوصاً فيما يتعلق بالناجحين أن يطرح أسئلة محددة ومشتركة لكل المجموعة الناجحة بحيث يعرف القارئ أهداف ومشاريع الناجح، وخططه، وأسباب النجاح.
شكراً لك ( أبا محمد)* على كتبك المفيدة الأحساء والوطن لما تحتويه من معلومات ثرية ومفيدة.
…….
*سلمان حسين الحجي