الحاج صادق بن محمد الغانم
سلمان الحجي
شخصيتنا كانت لها بصمة واضحة في خدمة الناس، وفي قضاء حوائج المتقدمين على الوظائف بدائرته، وفي تنشيط أدوارهم ببيئة العمل. وهذه الصفة برزت لي عندما أجريتُ معه اللقاء الأول، ونشرتُ مقتطفات منه في مواقع التواصل الإلكتروني، وكثرت الاتصالات التي ترد إليّ وتطلب مني نص اللقاء. وعندما تفحصتُ الأمر اتضح أن تلك الفئة تعمق حبها له، لما شاهدت من جهود جبارة كانت سبباً لتوظيفها، أو نقلها، أو ترقيتها، أو تقديراً لظرفها. ولهذا كان سبباً في إسعادها، أو تحسين وضعها المعيشي، أو داعماً لترميم العلاقة الزوجية، أو رقي في صلتها بأرحامها أو… وبهذا العمل يكون قد جسد تفسير هذه الحكمة باحتراف «خير الناس أنفعهم للناس».
وفي المقابل كان صاحبها ذا عطاء في بناء ذاته، وفي تربية أولاده، وفي خدمة أرحامه، وفي تواصله الاجتماعي. كما أن ذاكرته تعد مخزناً ثميناً للمعلومات القيمة عن أحداث وشخصيات هامة بمجتمعه. أضف إلى أنه يتمتع بكرم النفس، وحس المواطنة، وتكيفه وتعايشه الموسع مع أطياف المجتمع المتنوع. ولا نغفل تواضعه وفكاهته وأمانته.
في يوم الأحد الموافق: 17/ 11/ 1437هـ تم اللقاء مع الحاج صادق بن محمد الغانم بمنزله الواقع في الدمام بحي المحمدية، وتم طرح بعض الأسئلة المتعلقة ببداية حياته و تجاربه المهنية، وقد افتتح الحاج صادق الغانم الكلام بذكر اللَّه عز وجل ومما قاله:
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
تشرفتُ هذا اليوم الأحد الموافق: 17 ذي القعدة لعام 1437هــ بأخ عزيز، وأستاذ فاضل لامع في المجتمع اسماً وأصلاً وفعلاً وهو الأستاذ سلمان بن حسين الحجي، فأهلاً وسهلاً ومرحباً به وبتشريفه لي بمنزلي.
وقد بدأنا بالترحيب بالحاج صادق الغانم. ومما ذكرتُه:
كانت لدينا الرغبة من فترة سابقة بأن نلتقي بالحاج صادق الغانم، وذلك للاستفادة من تجربته والتعريف بشخصيته المتميزة في المجتمع من خلال الاطلاع على سيرته الذاتية، وجهوده لخدمة مجتمعه، وله حراك متعدد، ووقفات مفيدة، والتي نهدف فيها إلى تسليط الضوء عليها إفادة لأولادنا وشباب مجتمعنا، ولهذا نرحب بالعم الحاج صادق الغانم (أبي رياض) في منزله حفظه اللَّه.
السيرة الذاتية:
الحاج صادق بن محمد بن جعفر بن حسن بن حسين بن سلمان الغانم. يوجد من يحمل لقب أسرة الغانم في الأحساء، بعضهم ينتمي للأسرة، وبعضهم يحمل هذا اللقب ولا يوجد أية روابط أسرية تشير إلى أن الأصل واحد، واللَّه العالم. وهناك من يحمل هذا اللقب بالقطيف، وهذا الفرع توجد قرائن تشير إلى أن أصولهم من الأسرة، وهذا ما أكده فحص الحمض النووي. ويقال إن أسرة الغانم ترجع إلى قبيلة بني عنزة، وبحسب ما نعرفه من معلومات تاريخية، يوجد ثلاثة إخوة أحدهم توجه إلى القطيف، وثانٍ توجه إلى قطر، وآخر توجه إلى الأحساء.
وهناك رأي آخر للمؤرخ الأديب الشاعر الشيخ محمد بن حسين الرمضان (يقول: إن أسرة الغانم ترجع إلى قبيلة ربيعة بن عبد القيس من أصول عدنانيين، وفيهم شخصية مشهورة بالقطيف، وقد حكم هناك واسمه محمد الغانم وقد قتل). كما علمنا أن فرع أسرة الغانم الذي يسكن بالقطيف، برزت منهم شخصيات تولت مسؤوليات زمن حكم الأتراك.
ومن الشخصيات البارزة المعروفة بالقطيف الحاج العقيد سعيد بن أحمد الغانم (أبو أحمد)، وهو بمرتبة عقيد.
ولوعدنا إلى تاريخ المنطقة أو ساحل الذهب الأسود فإنه يشير إلى هذه القبائل. ولا أعرف لماذا لقبنا بـ: الغانم وأحياناً يطلقون على والدي الحاج محمد الغانم بـابن غانم، وتوجد بعض الأسر المرتبطة بأسرة الغانم كـ: القضيب، والسعيد، والجطيل، والبدر ممن نلتقي معهم في النسب.
مكان الولادة:
من مواليد فريج الرقيات بمدينة الهفوف – الأحساء – بالمملكة العربية السعودية عام: 1359هـ، بمنزل والدي الذي عشتُ فيه فترة طويلة في أيام الطفولة.
الدراسة:
تعلمتُ بداية قراءة القرآن الكريم على يد المطوعة الحاجة شريفة البحراني (أم حسن وأحمد البطيان).
وتعلمتُ بداية الكتابة وإكمال قراءة القرآن الكريم عند الملا طاهر آل أبي خمسين، وكان الملا طاهر يدرّس أطفال أطياف المجتمع المختلفة، وكان يستخدم أسلوب الشدة لتشجيع طلبته على طلب العلم. ولهذا كانت لديه عصاً طويلة يضرب بها الطالب المخطئ، وأحياناً يوجهها للفرد المقصود من بعد ثلاثة أمتار، وأما في الجلد فكان يعتمد على شابين طويلي القامة لمسك الطالب المشاغب، أو الذي لم يحفظ ما طلب منه وكان يضربه على رجليه. وأتذكر ممن كان يدرس معي بتلك المدرسة: الحاج خضر البناي، والحاج جعفر البناي وهما من الطلبة الذين يمسكون الطلاب المشاغبين للجلد، فكان الحاج خضر يمسك العصا.
وأتذكر ممن درس معنا من أسر: العامر، والملحم، والشبيب. طبعاً لم أستمر بتلك المدرسة طويلاً خوفاً من عقاب الملا طاهر آل أبي خمسين.
مدرسة الحاج حبيب العبد اللطيف:
ثم انتقلتُ إلى مدرسة الحاج حبيب بن الشيخ سلمان العبد اللطيف وموقعها بفريج الرفعة الشمالية. وكان يمارس العمل في مهنة الحياكة مع أخيه الحاج محمد علي العبد اللطيف، ومن التلاميذ في تلك المدرسة: الحاج سلمان الفهيد، والحاج عبد الهادي البحراني، والشيخ حبيب بو خضر، والحاج محمد بن علي بوخضر، والحاج صالح الشمس، وكنا ندرس من الصبح إلى الظهر، وكان الحاج حبيب العبد اللطيف يعلمنا، وهو يمارس العمل بمهنة الحياكة في الوقت نفسه.
– وأتذكر موقفاً من أحد الطلاب (أتحفظ عن ذكر اسمه) بأنه كان يطلب منه الأستاذ حبيب بن الشيخ سلمان العبد اللطيف أن يقرأ سورة الفاتحة، وسورتي المعوذتين، وسورة التوحيد، وإذا أراد ذلك الطالب أن يقرأ سورة التوحيد (قل هو اللَّه أحد) يمسك لسانه ويتلعثم ولا يستطيع أن ينطق بكلمة. وفي تلك السنة توجه كل من السيد صادق الحداد، والحاج سلمان العليو، والحاج سلمان البحراني إلى العراق، وحصلت لهم أحداث جميلة لو أخذتها من لسان بطلها السيد صادق الحداد لكان ذلك أجمل.
المدرسة الأكاديمية:
في عام: 1371هـ استجابة لرغبة الوالد التحقتُ بالدراسة ليلاً، حيث في الصباح أمارس العمل بمهنة الخياطة، أنهيتُ المرحلة الابتدائية ليلاً، وأما عن جنسيات المعلمين فقد كانت تضم الجنسيات: المصرية، والفلسطينية، والأردنية، والسعودية.
مهنة الخياطة:
تعلمتُ مهنة الخياطة من الخال المعزب الحاج يوسف القضيب، ومن أبنائه الحاج عيسى، والحاج علي، والحاج حسين في مجلسهم للمخايطة، وموقعه بـ: فريج الرقيات. وكان تعليمي مهنة الخياطة بأجرة سنتين وبحسب اتفاق والدي معهم على المبلغ، إضافة إلى أن أعطى (خرجية) نهاية الأسبوع مقدارها ريال واحد.
السفرة إلى البحرين:
عرض عليّ الحاج حسين الحمود المجيء إلى البحرين للعمل هناك، وطلبتُ من الوالد الموافقة على ذلك، واتخاذ ما يلزم من إجراءات رسمية، فأسرع رحمه اللَّه في إجراءات استخراج جواز السفر لي، ثم سافرتُ إلى البحرين مع السيد محمد المسلّم وكان تاجراً، لما وصلتُ البحرين استقبلنا الحاج حسين بو حمود وأكرمنا أحسن إكرام وأعد لنا وليمة دعا فيها مجموعة من الأقارب والأصدقاء، ثم وكّل من يخرج معي في يوم ترفيهي منها التوجه إلى السينما، وشاهدنا فيلم عصافير الجنة، وبقيتُ أسبوعاً في ضيافته، ثم رجعتُ إلى الأحساء، وسرعان ما عدتُ مرة أخرى إلى البحرين مع أخذ كمية معي من: السدر، والحنا، والتمر، وتقديمها للحاج حسين الحمود، وكان الحاج الحمود يتعامل معي كابن له، ولهذا كان يسكنني في بيته، وكنتُ أخيط في مجلس مخايطة الحمود (الهيلة)، وكان يعطيني في اليوم عشرين ربية، تعرفتُ خلال تلك الفترة على الحاج منصور الرمضان بدكانهم (أخو المهندس مهدي الرمضان)، وكانت لي جلسات مع أبيه الشاعر الحاج الوجيه ياسين الرمضان، ثم توجهتُ إلى الكويت للعمل خياطاً في ديوانية المعزب الحاج عبد اللَّه العباد في حي الصوابر، ثم عدتُ إلى الأحساء.
مكتب التخليص:
فتحنا مكتباً لاستخراج دفتر الأحوال المدنية عام: 1378هـ شريكاً مع الحاج عبد العزيز المبارك وموقعه في عمارة بن عكاس بالقرب من مقر فرع وزارة المالية بالأحساء (تابع فريج الرفعة الشمالية)، وكنا نأخذ على كل تبعية: 15 ريالاً بعد أخذ المعلومات الأساسية من المتقدم للطلب. ويوجد عند ساباط القريني من يقوم بذلك ومنهم: الحاج علي الغريب، والحاج إبراهيم أبو زيد، والحاج محسن الخرس مع شريكه الحاج محمد بو جبارة. وكنا بعد أخذ المعلومات الأساسية من المستفيد من الخدمة، أبلغه بأن يراجعني بعد خمسة عشر يوماً، ثم أتوجه إلى الدمام للقاء بالمدير العام للأحوال المدنية، وخلال يومين أستلم منه حفائظ النفوس (التبعيات)، ولكن ذلك العمل لم يستمر وتوقفنا عنه لهذا السبب أو ذاك.
معرض الطوابع:
كنتُ قد فتحتُ معرضاً للطوابع العالمية للبريد في الأحساء بجوار مكتب التخليص. وكانت هوايتي المراسلة، وجمع الطوابع، وبدأتُ هذه الهواية أثناء أول زيارة إلى بغداد في عام: 1959 حيث شاهدتُ الطوابع هناك والمراسلات، فشدت انتباهي وتحمستُ لذلك، وكانت البداية عن طريق الحاج صادق الخرساني، وكنتُ أشتري الطابع بريال وأبيعه بريال ونصف، وأصبحتُ فيما بعد من هواة الطوابع والمراسلات، ولي بطاقة أشبه بالهوية تحمل عنوان: «إذا لم تستطع أن تزور بلاد العالم فدع قلمك يحمل العالم إليك» هذا العنوان الذي كنت أضعه على مراسلتي دائماً، حيث كان عنوان مراسلاتي جدّاً ذا معنى كبير. ومن خلال المراسلات تعرفتُ على شخصيات دينية بارزة، ومن ضمنهم: أبناء المرجع الديني السيد محسن الحكيم رحمة اللَّه عليهم السيد مهدي، والسيد علاء، والسيد عبد الصاحب، حيث كنتُ عندما أذهب هناك أجلس بجوار السيد محسن، وبمحضر السيد سعيد الحكيم في مجلسهم. استفدتُ كثيراً من خلال معرفتي بهم ومصاحبتي لهم بالتعرف على أندية علمية، ومكتبات مليئة بجواهر العلم، ومنها مكتبة المتنبي، ومكتبة الحلة. وأتذكر في زيارتي الأخيرة إلى العراق ذكرتُ ذلك للمرجع الديني السيد محمد سعيد الحكيم بأنني جلستُ معه في مرحلة الشباب على مائدة طعام مع السادة الأجلاء.
– بدأتُ في مكتب التخليص بفتح معرض صغير للطوابع، وبدأتُ بالمراسلات، وطلب الطوابع من العراق بحسب الكمية التي أطلبها، ثم أحوّل لهم قيمتها. فكنتُ أطلب الطوابع من صاحب معرض في العراق اسمه صادق خرساني في شارع السعدون، وكنتُ منفرداً ببيع الطوابع في الأحساء وذلك في عام: 1379، واستمر عملي ذلك حتى توظفتُ، وخلال تلك الفترة وحتى تاريخه ما زلتُ في تواصلي، وأملك الآن طوابع لها من العمر ما يقارب الخمسين عاماً.
الوظيفة:
كانت لي رغبة العمل في السلك العسكري، فقدمتُ على ذلك فرفض الطلب، ولهذا قدمتُ على وظيفة في المدرسة اللاسلكية، وتم ترشيحي على الدراسة في الاتصالات براتب: 220 ريالاً، وكان موقع تلك المدرسة قرب دروازة الخباز، ودرستُ في المدرسة اللاسلكية سنة واحدة علماً بأن مدة الدراسة سنتين، ثم عملتُ في بداية مشواري الوظيفي على وظيفة مؤقتة (مأمور هاتف) بعدها صدر تعييني كموظف حكومي رسمي بوظيفة مأمور هاتف بالمرتبة الأولى براتب: 365 ريالاً في الدمام بحي الدواسر، وبعد فترة وجيزة من العمل كتبتُ رسالة إلى مديري ملخصها (سيدي لقد فوجئتُ بمرض والدي مرضاً شديداً، وكان في حالة يرثى لها، وليس بجانبه أحد سوى والدتي الضريرة وأطفال صغار، ولا يوجد لديهم أبناء سوى أنا الابن الوحيد لديهم، وإني أحرر خطابي إليك طالباً منك العطف والرحمة بالموافقة على نقلي إلى الأحساء لأتمكن من مباشرة خدمة والدي)، وقبل الظهر جاءت الموافقة على ذلك. رجعتُ إلى الأحساء واشتغلتُ على وظيفة مأمور هاتف، في تلك الفترة درستُ المرحلة المتوسطة ليلاً بالمدرسة الابتدائية الأولى بالهفوف، وتم نقلي على تلك الوظيفة إلى فرع المبرز لمدة ثلاث سنوات، وحاولتُ أوفق بين الدراسة والعمل. بعد ذلك رشحتُ على وظيفة ملاحظ مخابرات، ونجحتُ في المسابقة، وطلب مني المجيء إلى الدمام، فتوجهتُ إلى العمل بالدمام، واستمر العمل حتى ما رشحتُ على وظيفة رئيس مخابرات، وكان الراتب يزيد عن: 1000 ريال. وكنا نشتغل سبع ساعات في اليوم، وستة أيام في الأسبوع، في الوقت نفسه بحثتُ عن عمل إضافي لتغطية تكاليف المعيشة، فعملتُ في شركة براتب إضافي قدره: 400 ريال حيث كنتُ بعد نهاية دوامي الرسمي عند الساعة الثانية ظهراً أتوجه مباشرة للعمل في الوظيفة الجزئية على وظيفة مأمور سنترال بشركة (تي سي سي)، وموقع مباشرة العمل تحت كرسي الدرج، و يستمر ذلك العمل إلى الساعة العاشرة ليلاً. وكان الجو حارّاً ولم يكن يتوفر تكييف في مقر عملي آنذاك، وادخرتُ المال واشتريتُ أرضاً وبنيتها، ثم تعينتُ على وظيفة مدير شؤون الموظفين في إدارة الهاتف، ثم مسؤولاً عن إدارة شؤون الموظفين للمنطقة كلها من سلوى إلى الخفجي.
تجربتي الوظيفية:
عملتُ في قسم المحادثات «التسجيل» في قسم المحاسبة، ومن ثم رشحتُ كمسؤول في قسم المحادثة.وفي عام: 1973م أصبحت إدارة الهاتف مستقلة عن وزارة البريد فعينتُ على وظيفة مدير شؤون الموظفين، وحصلتُ على ندب على المرتبة السابعة، على أساس انتقالنا من وزارة إلى شركة تحت مسمى: شركة سعودي تيل. فعملتُ كمدير شؤون الموظفين، وفي ذلك الوقت خدمتُ وطني وأبناء مجتمعي. وبعد فترة انتدبتُ إلى مصر لمدة شهرين قبل وفاة الوالد كعضو لجنة التعاقد مع موظفين مصريين. وبعد ذلك، وفي عام: 1400هـ بعثتُ إلى كندا مروراً باليونان وفرنسا من قبل الهاتف السعودي للاطلاع والتدريب على سير العمل هناك، وفي عام: 1401هـ فزتُ بمسابقة المرشحين لمنصب مدير، ورشحتُ كمدير شؤون الموظفين في البريد، ومن ثم توجهتُ إلى السودان مرتين للتعاقد مع الموظفين أيضاً الأولى عام: 1403هـ، والثانية عام: 1405هـ. (واستمر الأجانب يعملون في البريد لمدة 10 سنوات تقريباً إلى عام: 1416هـ ومن ثم تم استبدالهم بموظفين سعوديين بالتدرج).
– من الأمور التي ضايقتني أثناء العمل، عندما لا تتوفر وظائف متاحة بموقع عملي، ويأتيك شاب يرغب الحصول على وظيفة، وقد يحضر معه والده ويلح عليك توظيفه، وقد يستعين بوجهاء من علماء دين وتجار للواسطة، ومع ذلك لم يكن باستطاعتي فعل شيء بحكم عدم توفر الوظيفة. وهذا موقف محرج بالنسبة لي بحكم عدم مقدرتي خدمة ذلك الشاب، وربما هناك من يعاديني إلى الآن اعتقاداً منه بأني تعمدتُ عدم توظيفه. أما عن أحسن وسام حصلتُ عليه من الشباب الذين كنتُ بوابة لتوظيفهم الدعاء لي، وحسن الاستقبال، وتذكر المعروف، والشكر على ما قدمتُه لهم.
فريج الرقيات:
يبدأ فريج الرقيات من موقع منحدر فيه منازل أبناء خالي القضيب، ثم تدخل في فريج تتفرع منه فرجان كأنها دروازة، تمتد إلى فرجان فرعية، وفي ذلك الوقت لم تكن هناك مستشفيات في البلد، ولكن اللَّه يبعث لعباده الصالحين على قدر نيتهم، حيث كانت هناك امرأة من فريج الرقيات تكنى الحاجة أم علي الحمادي وهي تعمل بدور قابلة، وقد ساهمت هذه المؤمنة في تسهيل ولادة العديد من نساء المنطقة رحمها اللَّه وجزاها اللَّه خير الجزاء. ومن ناحية جهة المدخل الأيسر هناك منازل الحاج حسين المسلم، والحاج إبراهيم القضيب، وعلى اليمين منزل الحاج أحمد القضيب، ومنجرة الحسين وبعدها مدخل منزل… القطان معزب المخايطة. وتوجد براحة كبيرة تسمى براحة الرقيات أو براحة المسجد عند بوابة المسجد الجامع، ولا تزال تلك البراحة موجودة حتى تاريخه. وكان يتواجد من الأهالي من يعمل بمهن مختلفة كالحداد، والدباج، والجوّاي، والنجار، و… وأكثرهم من يعمل بمهنة النجارة، وكانت البراحة تستخدم من قبل الأهالي لربط دوابها من الحمير وغيرها. ويوجد يسار البراحة منزل الحاج علي بن حسين بن حجي الغانم، وبعده بيت الحاج موسى بن عبد اللَّه الحسين، وبيت الحاج إبراهيم الشبيب، وبيت الحاج جابر الخلف، وفي جنوب البراحة سكة تسمى سكة السماعيل تسكن بها أسر: السماعيل، والبدر، والجطيل. وأتذكر زمن الطفولة في فصل الشتاء ووقت نزول الأمطار تنحدر من تلك السكة الأمطار، ومعظمها من فريج الشريفة، ومن كثرة الأمطار كانت تغرق بعض المنازل، علماً بأنه توجد بالوعة خارج فريج الرقيات يتم عبرها تصريف المياه.
وأما عن السكة التي على اليمين تسكن فيها عدة أسر منها: الحاج محمد الغانم (والدي)، وغيره، وموقع مناجر الحسين والحسن، وفي السكة الأخرى تسكن أسر: الغانم، والسعيد، والقضيب، والحسين، والبدر، وأسر أخرى. وتوجد عين مياه قريبة من المسجد تسمى: عين صالح، وهذه العين يشرب منها أهالي الفريج بأكمله. وتوجد عين في سكة بيتنا تسمى:عين الجبلية مساحتها كبيرة، يستفيد منها أهالي الفريج، وأسرة آل أبي خمسين. وأتذكر بالقرب من الفريج يوجد سباط لأسرة بوحليقة. وبالنسبة لمطوعة الفريج فهي المطوعة: (الحاجة شريفة البحراني). ويوجد مخبز بالفريج للحاج مهدي عبد، وهو من أهالي فريج الشمالي.
فريج الكوت:
في فريج الكوت لي ذكريات كثيرة بحكم أعمال الخياطة في مجلس الحاج أحمد الحرز، بل كان بداية عملي بجهاز اللاسلكي بالكوت.
فريج الرفعة الشمالية:
كانت لي معارفي في فريج الرفعة الشمالي أكثر أيضاً بسبب أقاربي لزوجتي، ومنطقة دراستي. لفت انتباهي في أهالي فريج الرفعة الشمالية بأن الناس بسطاء أكثر من الفرجان الأخرى، وتوجد ميزة لأهل فريج الرفعة الشمالية أنهم يد واحدة في المناسبات المفرحة والمحزنة، وهذه الميزة ما تحصلها حتى عند أبناء أمينة.
– أيضاً من الذكريات الجميلة كانت مع الملا عبد اللَّه الفهيد، وفي إحدى المرات سافرنا إلى إيران «مشهد»، وكان ابنه الحاج عبد الوهاب معنا، وحينها كان الحاج عبد الوهاب عريساً جديداً، فذهب إلى مدينة الملاهي، وركب عبد الوهاب مع زوجته في لعبة شبيه بالدولاب، وعندما بدأت اللعبة بدأت بالدوران في الأعلى والتقلب، وكانا مستأنسين بما فينا عبد الوهاب وزوجته، ولكن الملا عبد اللَّه بدأ بالصراخ من الخوف عليهما، حيث كان يعتقد أنها بدأت بالانقلاب حقيقة. ولي ذكريات مع الحاج عبد الوهاب أيضاً في الجلسات، حيث إنه إنسان شعبي وبسيط جدّاً ومرح ويملك مهارة في الطرفة.
مأتم الشباب:
تأسس مأتم الشباب عام: ١٣٧٣هـ في مسجد فريج الرقيات، وأصبح مأتماً مشهوراً يأتي إليه المؤمنون في عشرة محرم للاستماع من كل الفرجان. ومن برنامج المأتم القراءة الحسينية، والعزاء، والتطبير، والضرب باستخدام القامة والصنقل وغيره، بهدف إحياء أيام عاشوراء، واستمر ذلك عدة سنوات.
– وفي إحدى السنين وعمري أربع عشرة سنة، رشحتُ أن أقرأ المقتل، وكان الخطيب الحسيني في ذلك المأتم/ الشيخ عبد الحميد الهلال، ولما توجه الشيخ عبد الحميد الهلال إلى العراق (يقيم بمنطقة الحلة) التقى بالوالد أخبره بأنه استمع لقراءة المقتل بصوتي فسعد والدي بذلك.
– وهنا قرر الوالد أن يزوجني بنت خالتي (كريمة الملا عبد اللَّه الجعفر)، وكانت يتيمة، وتحقق الزواج في شهر جمادى الأولى من عام: 1375 هـ، والذي عقد النكاح الشيخ حسين بن الشيخ علي الشبيث.
مراسم الزواج:
حيث كانت مراسيم الزواج يجهز لها قبل الزواج بشهر أو شهرين من ليلة الزفاف. ومن العادات تقوم نساء العريس وبمشاركة القريبات والصديقات بتجهيز الممروس قبل أسبوعين من الزواج، وفي ليلة الزفاف النساء كنّ يهتفن كلما مر العريس بالقرب منهن. وكان من العادات في السابق بأن أصدقاء العريس يعلمونه ويثقفونه بما ينبغي القيام به أثناء اللقاء مع زوجته. وقد رزقني اللَّه من زوجتي أربعة أبناء (المرحوم رياض، ومحمد، وغانم، وعبد اللَّه)، وسبع بنات.
أداء فريضة الحج:
في عام 1375هـ قرر والدي اصطحابي معه لأداء فريضة الحج مع الحملدار الحاج علي الناصر، وهو من بلدة المطيرفي، وكان التوجه إلى الديار المقدسة بواسطة وسيلة النقل القطار من الأحساء إلى الرياض، وكنا نركب في قطار البضائع، وأتذكر أننا ما وصلنا إلى الرياض إلا وثيابنا أصبحت حمراء اللون، ثم انتقلنا من الرياض إلى المدينة المنورة عبر استئجار سيارة، وكان في تلك الفترة بداية استخدام الريال الورقي، حيث عرفتُ ذلك لما رغبتُ شراء حاجة لي بعد زيارة رسول اللَّه وأهل بيته الطاهرين A من فريج النخاولة، وطلبتُ من أحدهم أن يستبدل الريال الفضي بالريال الورقي، رجعتُ إلى القافلة وأنا فرحان بتملكي الريال الورقي، ثم توجهنا إلى مكة وكان عدد الحجاج عشرين حاجّاً والإحرام من خيمة في الميقات، وأتذكر أن الحرم المكي فيه ممر إسمنتي يوصلنا إلى بيت اللَّه الحرام (الكعبة المشرفة)، وفي مكان السعي بين الصفا والمروة كان فيه سوق للتجارة. وكان من الحجاج من أسر مختلفة منها: البندر، والجعفر، ومعزب المخايطة الحاج حسين بوحمود أصله حساوي ويقيم في البحرين. بعد تلك الحجة حججتُ عام: 1376هـ، وفي عام: 1396هـ وكان معنا الحاج محمد البحراني، والحاج علي الهاجري، والسيد صادق الحداد في سياراتنا. وفيما بعد أصبحتُ أحج كل سنة مع السيد الغدير من بلدة المطيرفي، أو قافلة المؤمن ومقرها الدمام، ثم قافلة الدباب، ثم قافلة العدل، ثم قافلة العهد، ثم غيرتُ وجهتي إلى العراق بالأخص في زيارة الأربعين.
عام 1961م:
في عام: 1961م قبل العمل في الوظيفة عزمتُ على زيارة الإمام أبي عبد اللَّه الحسين بن علي C، وكان معي في السفرة والدتي وابن أخي و… وكان صغيراً. وبعد الزيارة في أثناء إنهاء إجراءات سفري إلى أرض الوطن، ونحن بالكاظمية، وصل لنا خبر: إن هذا اليوم هو: 14 تموز، وشاهدنا الاحتفالات في بغداد، ومسيرات الجيش الشعبي، وكان معي شخص من أسرة الحميد، وشاهدنا الدبابات والمدرعات والصواريخ، ونساء تحمل الرشاشات تسمى بالمقاومة الشعبية. فكان هذا شيء عجيب بالنسبة لنا، حيث كنا نمشي مع المسيرة في شارع اسمه شارع الجمهورية، كان قد فتح حديثاً خلف شارع الكفاح مواز لشارع الرشيد. وفي أثناء المسيرة صاح مناد تحيا القومية العربية، ومن جهة أخرى صاح آخر عاش الشعب السوري، عاش بقيادة خالد النباش، حيث نسمع النداءات بين الشيوعيين والبعثيين، وسمعنا تبادل الرصاص، فبدأ الناس بالتشتت والهروب، وهربنا معهم، ونحن نركض إلى أن وصلنا إلى بداية شارع الرشيد، فحصل من قال لنا: توجهوا عن طريق الجعيفر، وعبرنا الجسر حتى ركبنا باصاً ورجعنا إلى مقر سكننا.
الانتقال إلى الدمام:
انتقلتُ إلى الدمام مع العائلة عام: 1388 حيث سكنتُ في حي الدواسر. و من ثم اشتريتُ أرضاً في حي الخليج، وكان راتبي: 356 ريالاً يغطي سداد قرض المنزل، فعملتُ عملاً إضافيّاً كموظف سنترال في عمارات المسلم (تي سي سي) والمؤجرة على شركة سافكو براتب: 400 ريال، فأصبحتُ أعمل نهاراً وليلاً. وكان الجو حارّاً شديداً إضافة إلى جهد العمل، ولكن الحياة المعيشية والتضحية تتطلب ذلك لتغطية تكاليف المعيشة. وبحمد اللَّه استطعتُ سداد جميع الالتزامات المالية، وحصلتُ على منحة أرض زراعية والحمد اللَّه. واستمر عملي بالسنترال ما يقارب السنتين، ومن ثم انتقلتُ إلى سكن جديد بحي الجلوية، وكان الحي يسمى: مدحت باشا (الجلوية)، وبعدها انتقلتُ إلى منزلي الجديد في حي المحمدية و ذلك عام: 2003م.
– من النعم التي أنعم اللَّه علي حصلتُ على منحة أرض زراعية، وعملتُ قليلاً بالعقار، لكني لم أستمر بهدف الاهتمام بالزراعة وحب والدي لها، ومن ثم تم عرض المزرعة للبيع، وذلك عام: 1996 هـ بسبب كبر المساحة، وعدم تغطية المصاريف، وضعف سوق الخضار.
– وفي عام: ١٤١٦ هـ تزوجتُ زوجة ثانية وهي كريمة الحاج محمد بن أحمد آل أبي خمسين وأنجبت لي ابناً: اسمه أحمد وبنتاً اسمها زهراء الآن يدرسان بالجامعة.
مسجد العنود:
الثروة الكبرى التي كسبها الأحسائيون في الدمام هو مسجد العنود، حيث كان هو المكان الذي تعارف الأحسائيون فيه على بعضهم، وتعمقت العلاقة بينهم. وبدأت اللقاءات والتجمعات، وفتح المجالس، وتبادل الدعوات والمناسبات. بالنسبة لي بعتُ المزرعة الأولى واشتريتُ مزرعة أخرى، وأسستُ فيها ديوانية (جلسة أسبوعية كل ليلة اثنين يحضرها الأقارب والأصدقاء والمحبون).
حكمة:
الحياة كلها عقل وتدبير، عقلك استخدمه في الشيء الذي تريده سواء كان التجاري أو العلمي أو الثقافي أو السياسي والتوفيق له دور، ثم البيئة لها تأثير، وكذلك المجتمع مثل الشباب الذين استثمروا الفرص في أول مجيئهم إلى الدمام، ولكنهم اهتموا في بداية حياتهم بالعلم والعلم فتميزوا..
نصيحة للشاب:
لازم يكون الشاب يسمع ويسأل حتى يفرق بين الحق والباطل، المهم العقل والتدبير والتخطيط والسعي والمبادرة نحو التميز.
مرجع التقليد:
الوالد رحمة اللَّه عليه كان منفتحاً بمجتمعه بحكم ارتباطه بشخصيات بالعراق، وارتباطه بالعلماء والفضلاء منهم: الشيخ عبد الحميد الهلال، والشيخ جواد آل أبي خمسين، والشيخ باقر آل أبي خمسين، وكان أخوالي يرجعون في التقليد إلى الشيخ محمد رضا الياسين، وأنا من هذا المنطلق في مرحلة المسؤولية الدينية قلدتُ الشيخ محمد رضا الياسين، ثم السيد محسن الحكيم، ثم السيد أبو القاسم الخوئي ومن بعده رجعتُ إلى السيد السيستاني دام ظله.
وقفات متنوعة:
كان الوالد بسيطاً في تعامله، كما كان عاشقاً للإمام الحسين C، وكان من عمق ارتباطه بأهل البيت A كل بذرة يغرسها كزرع يقرأ وفاة النبي K، وينذر من نتاج الزرع زيارة الإمام الحسين بن علي C، وحتى ريع البقر يخصص منه جزءاً للإمام الحسين C. ومن كثرة سفرات الوالد إلى العراق تعرف على الشيخ جواد بن الشيخ موسى آل أبي خمسين، ومنه على الشيخ باقر آل أبي خمسين، كما كان الجد له علاقة مسبقة بالشيخ موسى آل أبي خمسين. رجع الشيخ باقر آل أبي خمسين إلى مقر وطنه، وتأزمت الأوضاع تجاهه بعد خروج الميرزا علي من الأحساء، وأتذكر في طفولتي وعمري ست سنوات كنتُ أتوجه مع والدي إلى المسجد الجامع الذي تشرف عليه أسرة آل أبي خمسين لإحياء ليالي القدر، ومنها التقيتُ بالميرزا علي الإسكوئي. وفي تلك الفترة…..وللظروف التي واجهها الشيخ باقر آل أبي خمسين أصبحت علاقته قوية مع الوالد، وكان يتردد عليه بالمزرعة من عمق علاقتهما ببعض، ولما توفي والدي جاء الشيخ باقر في أحد الأيام إلى مزرعتنا، وبعد الاستقبال اختفيتُ من نظره بعض الوقت، ولما رجعتُ إليه لاحظتُه يبكي، ظننتُ أن ذلك بسبب حشرة أو لدغة عقرب، وإذا به يقول: رحمك اللَّه يا بن غانم، وذكر لي موقفاً يقول: كنتُ نائماً بالمزرعة في أحد الأيام، وأبوك كان يتابع شؤون مزرعته في ليلة قمرية، فسمعتُ صوتاً أخافني فبدأتُ أنادي على أبيك: بن غانم، بن غانم فجاء إليّ والدك مسرعاً فأخذ بيدي، فكشف لي سبب ذلك الصوت المخيف بالنظر إلى أن بعض أشجار الخضار تمتد بعض أوراقها إلى الأرض ومع شدة الرياح أصبح يظهر منها صوت مخيف. وأتذكر أن الملا طاهر البحراني قال لي ذات يوم: (أبوك كانت علاقته وثيقة مع الشيخ باقر آل أبي خمسين، وكان مسانداً ومحامياً ومسخراً جهوده لخدمة الشيخ باقر آل أبي خمسين).
أصدقائي:
أصدقاء الطفولة الحاج عبد الوهاب بن عبد اللَّه البدر، والحاج حجي بن إبراهيم الحسين، والحاج سلمان بن محمد العليو، والسيد صادق بن السيد كاظم الحداد، والحاج محمد بن عبد الوهاب البحراني، والحاج أحمد الحرز، والحاج عبد اللَّه بن حسين الحواج، والحاج رمضان العبد الكريم. وهناك العم الحاج سلمان الهاجري (وأبناؤه: الحاج علي، والحاج ياسين، و…)، والحاج الأديب الملا محمد صالح المطر. وهناك إخوة كثر تعمقت علاقتي بهم من الداخل والخارج بأرض الوطن وخارجه. وممن أعتز بهم: عمدة القارة السيد جواد العبد المحسن، وعمدة العمران الحاج عبد المحسن العيسى، واستمرت بعد وفاته مع أولاده المحترمين، والمرحوم الحاج صادق الفهيد، والحاج علي بن عبد اللَّه الفهيد، والحاج علي القرقوش، والحاج يوسف القرقوش. وهناك ذكريات جميلة مع المرحوم الحاج سلمان بن محمد العليو، والملا محمد صالح بن الشيخ كاظم المطر، والمرحوم الحاج علي القرقوش عام: 1393هـ في رحلة إلى العراق وثقها الأستاذ الملا محمد صالح المطر في قصيدة والتي يقول في بدايتها:
سنة ثلاثة وتسعين قررنا نزور أبو الحسنين
أنا وجملة حبايب كلهم محبين
أبو إبراهيم والقرقوش والغانم…
والدتي:
والدتي الحاجة مريم بنت محمد القضيب، كانت تقرأ، وتكتب، وكانت عميدة المطوعات في الفريج.
جدي:
الجدان كانا صالحين أولهما: الحاج محمد القضيب وهو جدي لأمي، وكان ينسخ القرآن الكريم، والوفيات، ويحبك الأدوات المكتبية، والمقررات، والكتب المدرسية في المجلس الذي نخيط به بمنزلنا، والجد الآخر هو جدي لأبي الحاج جعفر الغانم، وهو من المشهورين بالقراءة وعمل الخير في الفريج (فريج الرقيات). وكان الجدان ممن يتحملان المسؤولية في حل المشاكل بين الأرحام وإصلاح ذات البين بالأخص بين الزوجين، ويبادران في تجهيز الموتى، والمشاركة في التشييع. الجد الحاج جعفر الغانم كان يعمل بمهنة الزراعة خلف والدي الحاج محمد، والعم الحاج حجي (لم يخلف ذرية). وأما والدي الحاج محمد خلف ابنتين (الحاجة غالية، والحاجة فاطمة) وأبناؤه (الحاج صادق، والحاج علي، وسلمان الذي توفي في طفولته).
الشيخ علي بن أحمد الشبيث:
إمام المسجد الجامع الذي بفريج الرقيات، وللعلم الشيخ علي الشبيث كان يسكن منطقة الشريفة، وكان يمتاز بالعمل في مهنة الزراعة، وكان المزارعون يعتمدون عليه فيما يرتبط بالوقت المناسب للنبات وغيره.
الحاج أحمد الحسين جبارة:
ممن ينشد الجلوات في الأعراس والاحتفالات، وكذلك الحاج علي القاضي في جيل لاحق له.
الحاج علي السماعيل:
كان مزارعاً وعمل في نقل الحصى، وكان أميناً يسلم النذور والأوقاف والتبرعات لحسينية العباسية.
العمدة الحاج محمد العليو:
كانت علاقتي قوية بالحاج محمد العليو، وكان وكيل ثلث بيت الملا عبد اللَّه الجعفر، وقد منح الملا عبد اللَّه الجعفر ابنته (زوجتي) عشرة أذرع من البيت. كذلك نمت علاقتي مع أهل القطيف منهم: الحاج محمد تقي آل سيف من تاروت، والسيد محمد العوامي من القطيف، والحاج عبد العظيم أبو السعود، والشيخ عبد الحميد الخطي.
الحاج حسين المسلم:
من الأشخاص الذين تعجز الذاكرة عن نسيانهم، وهو جد زوج كريمتي الحاج عبد اللَّه الجطيل، كان مزارعاً كبيراً ومشهوراً بزراعة البطيخ، ورجل قمة في الأخلاق والاحترام، وكان ثريّاً محنكاً. وكان الميرزا علي عندما ينزل إلى الأحساء يكون من برنامجه زيارة الحاج حسين المسلم. وأتذكر لهذا الرجل موقفاً نبيلاً فقد أراد المتصدون لتشييد الحسينية العباسية الجديدة (بعد شراء أرض الحسينية) جمع التبرعات للتوسعة، فبدأوا يعلنون ذلك للمؤمنين، فقال الحاج حسين المسلم: سجل عليّ (1000) ريال وكان مبادراً، فشجع غيره على الخير، ولحق به الحاج عبد اللَّه الرمضان بالتبرع بـ: 1000 ريال، والباقي حسب مقدرته هذا: 500 ريال، وذاك: 100 ريال، وحتى الريال الواحد حصل من تبرع به، علماً أن حسينية العباسية كانت في بدايتها مأتماً صغيراً، ثم توسعت بشكل تدريجي.
– وفي يوم: 3/7/2017م نحن في هذا اليوم الإثنين: 8/10/1438هـ اجتمعنا في منزل أخ، كريم، عزيز، أستاذ، معروف بالعلم والمعرفة، أستطاع أن يلملم ويجمع ويكتب عن شخصيات الأحساء، فلستُ أنا من الشخصيات البارزة، وإنما جمعني به روحه الطيبة وأنا مجتمع عنده بالمنزل فقدم لنا ما شاء اللَّه، ذو كرم وأخلاق فشكراً له وألف شكر، وأتمنى له الصحة والعافية والتوفيق في جميع أعماله فشكراً لك يا أبا محمد، وأشكر ابن العم الحاج جواد الغانم، وابن العم الحاج راضي الجبران، والأستاذ علي بن حسن القريني، وأتمنى من اللَّه أن يوفق لزيارتي بالدمام في أقرب فرصة مالحاج صادق بن محمد الغانم