حوارية (٧٠) الاجتهاد سهل يسير لماذا تنكرونه على من يدّعيه
زاهر العبدالله
مقدمة:
الاجتهاد في الدين وبذل غاية الوسع في استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها التفصيلية له مقومات مهمة.
ويكون الاجتهاد سهلاً إذا كانت له هذه المرتكزات في ذهن طالب العلم في عدة أمور:
١- إذا اعتقد أن الاجتهاد عبارة عن مراحل اعتيادية يجتازها مثل أي طالب جامعي في السلك الأكاديمي (ابتدائي ومتوسط وثانوي وجامعة) ثم يتخرج فيتوظف بشهادته الجامعية، فكذلك الحوزة العلمية لها مراحلها من مقدمات وسطوح وبحث خارج، ثم يكون مجتهداً، فإذا اجتاز هذه المراحل الدراسية يستطيع أن يتوظف بوظيفة مرجع إن صحّت هذه العبارة.
٢- الاجتهاد سهل إذا رأى طالب العلم الأحكام الواضحة الظاهرة التي تُسمى بالضروريات واليقينيات في الشريعة الإسلامية، ولا شبهة فيها ولا تحتاج إلى مزيد عناء بحث أو تدقيق، كوجوب الصلاة والصيام والحج وغيرها، فيقول بناءً على ما وصلت من أدلة عقلية ونقلية فتكون الصلاة واجبة والصيام واجباً، وأن الأعمال من الغيبة والكذب وشرب الخمر والزنا محرمة لا يجوز فعلها.
٣- الاجتهاد سهل إذا جمعت بين آراء المجتهدين المختصين ورأيت ما يذهب إليه أكثرهم في الرأي
وبنيت رأيك على أشهر الآراء.
٤- الاجتهاد سهل إذا لم يَختبر أحدٌ طالب العلم ولم يباحثه، وإن باحثه فإن ذلك من النادر، ولم يدرس طويلاً ليأخذ الخبرة الكافية والنضج المعرفي الكافي الذي وصل إليه من نتائج ليرى قوة رأيه ودحضه لإشكالات الغير عليه ولم يُشهَد له في الأوساط العلمية.
فبهذا كله ولا تتم كل هذه الأمور غالباً إلا باجتماعها وليس بتفرقها أو بعدها الزماني والمكاني .
٥- الاجتهاد سهل إذا فقد العالم التقوى والورع والتأمل ومزيد الاحتياط والبحث العميق والدقيق وأنه سيقف بين يدي الله سبحانه ويُحتمل أن يكون بفتواه افترى على الله كذباً فلا يجد لنفسه عذراً بين يديه سبحانه وتعالى إما عن قصور أو تقصير.
حينها يكون الاجتهاد سهلاً.
أما إذا كان الاجتهاد بمعناه الحقيقي، الذي من ركائزه التقوى والخوف الشديد من الله وأنه لا يفتي بغير علم وبذل غاية الوسع في استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها التفصيلية،
والجلوس المستمر تحت كرسي الدرس والتدريس والمباحثة والمناقشة والمطالعة المستمرة والتعليق والتأليف والتقرير ويُشهد له في الأوساط العلمية فيصبح مشهوراً بينهم، عندئذ يصبح ذلك وإلا فلا ..
وحتى لو أصبح مجتهداً فإن مقام المرجعية الدينية ومنصب الفتيا لا يمكن أن يناله أي أحد؛ لأنه ليس كل مجتهد يُقلّد، فهناك شروط يجب توافرها ومنها الأعلمية وغيرها من الشروط الأخرى.