التعامل بمسؤولية مع سلوك التنمر
جواد المعراج
يعد سلوك التنمر من السلوكيات التي قد تسبب أمراضاً واضطرابات نفسية وعقلية للفرد المتنمر، وللطرف الآخر الذي تم التنمر عليه وخاصة عند كثرة ممارسة هذا السلوك الخطير، ويعد شكلاً من أشكال الإهانة والإيذاء بمختلف الأساليب المتعمدة التي تكون من قبل فرد واحد أو مجموعة تجاه فرد أو أطراف معينة تكون في الغالب ضعيفة من الناحية النفسية والفكرية والاجتماعية.
قد يمارس سلوك التنمر في المدارس أو الأماكن العامة أو مكان الوظيفة أو الديوانيات وغيرها من أماكن أخرى، فهذا السلوك منتشر بشكل كبير بين فئة المراهقين والشباب والشابات، فهناك فئات معرضة لخطر الإصابة بالأمراض النفسية والسلوكية والعقلية في مختلف الأمكان، من هذه النقطة على كل شخص مسؤول وجهة مسؤولة أن تهتم بهذا الجانب وتعمل على تعزيز ثقافة الصحة النفسية في أمكان الدراسة والعمل والأماكن العامة بطريقة مكثفة، من أجل تقليل انتشار هذا السلوك الخطير الذي قد يسبب وفاة للإنسان الذي تعرض للتنمر، فإن هناك من يتعرض للإيذاء اللفظي أو الجسدي باستمرار، وبعد ذلك يؤدي به الأمر إلى التفكير في الانتحار لدرجة الوصول لحالة الوفاة، أو الإصابة بالاكتئاب الذي يستمر لفترة طويلة من الزمن، فهو يجعل المتنمر عليه يشعر بالخوف والقلق وينعزل ولا يتواصل مع من حوله بسبب الضغط النفسي الشديد الذي يتعرض له.
– أسباب التنمر:
ومن الأسباب المعينة التي تجعل أفراد معينين يميلون لإستخدام هذا السلوك هي:
(1)وجود تاريخ عائلي سلبي(ضعف اهتمام الأسرة بالأبناء في فترة الصغر).
(2) وجود سوابق انتحارية (التفكير في الانتحار)، بمعنى آخر أن من يتعرض للتنمر قد يصبح في فترة الكبر إنساناً عدوانياً وناقماً على المجتمع لأنه كان ضحية للتنمر في فترة الصغر، وهذا يجعل الشخص في فترة المستقبل لا يستطيع تحمل المسؤولية والسيطرة على انفعالاته ومشاعره، بسبب ما واجهه من مواقف سلبية وصدمات في الفترة السابقة.
(3) ضعف الجودة من جانب تعزيز ثقافة الصحة النفسية بين أفراد المجتمع، فهناك مجتمعات معينة لا تهتم بجانب الصحة النفسية والتوعية وغيرها من جوانب أخرى تصب في مواجهة التنمر الاجتماعي والإلكتروني.
(4) ضعف الشخصية، فالشخص المتنمر لديه شخصية مهزوزة لأنه لا يستطيع السيطرة على الانفعالات الخاصة به، وبهذا يلجأ لتفريع المشاعر السلبية التي في داخله، وذلك من خلال إيذاء وتعنيف واستفزاز من حوله، حتى يسد الشعور بالنقص والإنهزام النفسي.
– كيفية التعامل مع الشخصيات المتنمرة:
بطبيعة الحال يواجه الإنسان في الحياة العامة شخصيات متنوعة ويوجد فيها فئات سلبية أو إيجابية، والشخصية المتنمرة يصعب التعامل معها ولكن بالطبع هناك أساليب معينة للتعامل مع كل شخصية في هذه الحياة، من هنا سأذكر نقاط معينة تساعد وتجعل الشخص الذي يتعرض للتنمر (شخصية قوية) وهي:
(1) الاتصاف بحالة الهدوء: عندما يقابل الإنسان (الشخص المتنمر) في مكان معين، فإنه يجب عليه أن يسيطر على الانفعالات والمشاعر السلبية الخاصة به (كالقلق، والاحباط، والتوتر، وغيرها من مشاعر سلبية أخرى)، فالشخص المتنمر يعمل على التركيز على السلبيات والجوانب النفسية لدى الآخر كي يقع في الفريسة، وبهذا يستغل نقاط الضعف النفسية لديه، من أجل أن يشعر بالضعف تجاهه فيقوم باستغلاله نفسيا.
(2) السيطرة على الغضب عند اللحظة التي يمارس فيها المتنمر سلوك الاستفزاز: والمقصود بذلك أن المتنمر يمارس سلوك الاستفزاز من أجل أن يثير مشاعر الآخر فيقوم بالتفاعل معه ليشعر بالغضب والضجر، وذلك كي تصدر منه ردة فعل معينة فيقوم بإهانته أمام الآخرين، من هذه النقطة يجب السيطرة على حالة الغضب عند هذه اللحظة.
(3) تعلم ممارسة الأساليب التي تساعد على الدفاع عن النفس: فمثلاً عندما يتعرض إنسان للتعنيف اللفظي بشكل مباشر في مكان معين من قبل المتنمر، يجب أن يتعامل معه باتباع أساليب شخصية ثقيلة ومتوازنة، إضافة لإستخدام الوسائل التأديبية لكي يرد عليه ويتم إسكاته وردعه، من هذه النقطة أنت لم تعطه المجال الذي يهدف للاستغلال الجسدي الذي يصل إلى الاستغلال الخطير وهو التحرش النفسي والجنسي، من خلال التلامس غير اللائق في أمكان جسدية معينة وحساسة أو عن طريق استخدام نظرات وألفاظ تعرض للتحرش.
– تحمل المسؤوليات الأسرية والاجتماعية:
إن على الفرد والمجتمع والآباء والأمهات أن يتحملوا المسؤولية، وأن لا يستهتروا بهذا الأمر، فكم من شباب وفتيات وشابات ومراهقين أصبحوا/أصبحن ضحايا للتنمر وبعد ذلك في فترة المستقبل والكبر وصلوا لحالة الاتصاف بالشخصية الهشة والضعيفة فيتم إظهار سلوكيات معادية للمجتمع والانعزال عن التواصل مع الناس بسبب الشعور بالخوف واليأس، كل ذلك بسبب قلة الاهتمام بالأبناء وعدم نشر وتعزيز الثقافات الإيجابية في مجتمعات معينة، ونضيف على ذلك عدم تنمية مهارة التواصل والتفاهم بين أفراد المجتمع.
أسأل الله تعالى أن يحفظ ويوفق الجميع.