هذا ماجنته يدي
أنور أحمد
أتذكر ذلك اليوم بدقة، كيف أنسى تلك اللحظات التي غيرت مجرى سفينة حياتي! ولم يحمِني صعود الجبل من الغرق، وابتلعني طوفان الغضب. ذلك اليوم الحادي عشر من الشهر العاشر من السنة، الساعة السابعة
بعد أن ودعت الشمس صدر السماء حل الظلام،
وكأنها أول العلامات لحلول مايكره عقباه.
اهتزت أغصان الأشجار وأرتعدت أوراقها من موجة الهواء البارد الذي كساها، وأنا بدوري احتميت من البرد بكنزتي الصوفية. خرجت للتنزه في هذه الأجواء الجميلة التي ننتظر وصولها كل سنة بشوق ولهفة، نعد لاستقبالها خططاً لتنظيم الرحلات وتجهيزاتها.
خرجت من المنزل ذاهباً للقاء الأصدقاء. كنا قد تواعدنا أن نجتمع عند محل تجهيز الرحلات.
وصلت قبلهم بنصف ساعة، دخلت إلى المحل المقصود.
وأنا أتفحص البضاعة المتنوعة المرصوصة على الأرفف، أتنقل عبر ممرات المحل الصاخب بتميزه. وأنا في غفلة أتفحص جودة بعض المعروضات سقطت على رأسي حقيبة مخصصة للرحلات، كان من بجانبي يحاول الوصول إليها، فسقطت على رأسي. اشتعلت غضباً وأنا شاب في الثانية والعشرين من العمر. صرخت في وجه الشاب الذي أبدى أسفه عن حادث غير مقصود، ولكنني لم ألجم سراج غضبي فضربت الرجل. وبينما كنت أحمله بيدي والرجل يدفعني للخلف لا يريد الدخول في شجار
خرجت والغضب يتطاير من عيني.
وعند باب المحل
استقبلني أصدقائي الذين وصلوا حسب اتفاقنا المسبق، فوجدوني بهذه الحاله وفي نظراتهم علامات الاستفهام!
أخبرتهم بما حصل ولم يكونوا أصدقاء حقيقيين فلم يحاولوا تهدئتي أو يبادلوني النصح كي لا أرتكب الحماقات
بل زادو على النار وقوداً أشعلت بركان الغضب
لأفجر هذا الغضب الخارج عن السيطرة تحت وطأة التشجيع من أصوات شيطانية بضرورة الانتقام، وتلقين هذا المعتدي درساً لا ينساه.
والتقيت بالرجل مرة أخرى وبادرته بضربات عديدة على رأسه بآلة حديدية كانت بيدي حتى وقع مغشياً عليه.
والآن دخل في سبات الغيبوبة، وأنا سجين حماقتي وأصدقاء السوء ! هذا ما جنته يدي وسوء اختياري لأصدقائي.