أخطاء تعليمية وتربوية في التدريس الصفي
د. أحمد جميل عايش
هذه قراءة موجهة تتضمن عرضًا لبعض ما يقع فيه المعلم من أخطاء تعليمية وتربوية في إدارته للموقف التعليمي التعلمي داخل الفصل، والأخطاء من منظور النظرة الشمولية لماهيِّتها؛ إما أنْ تكون سلبية النظرة؛ فيتعَمُّد المعلم ارتكابها تجاهُلا لتأثيرها على العملية التعليمية التعلمية، وإما أن تكون إيجابية النظرة؛ فيقع فيها عن غير قصد، ليس تجاهُلا لتأثيرها، بل بسبب ضعفٍ أو غيابٍ في التأهيل والخبرات، فيتداركها ويعمل على تلافيها في تعامله مع أبنائه الطلاب.
انعكاسات الأخطاء في العملية التعليمية على سلوك المعلم
إنَّ النتيجة الطبيعية لتعمُّد ارتكاب الأخطاء أو حتى الوقوع فيها عن غير قصد هي التعثر في قيادة الموقف الصفي، والتعثر في إدارة عقول المتعلمين؛ فتبدأ شواهد الفشل في إدارة الفصل بالظهور تباعًا حتى تصل إلى درجة الانسحاب التعليمي لكل من المعلم والمتعلم، فتبدأ مظاهر عدم الرضا عن الأداء الصفي للمعلم تظهر لدى الطلاب على شكل سلوكات سلبية متنوعة داخل الفصل وخارجه، وبالمقابل قد يؤدي ذلك بالنسبة للمعلم إلى ما يسمى بالاحتراق الوظيفي “إحساس عالي بالتعب والإرهاق يصحبه مشاعر بالإحباط والإرهاق الذهني والانفعالي مع حالات من التذمر وعدم الرضا عن المستوى الوظيفي والإنجاز الشخصي مع تدهور في العلاقات البينية قد تمتد إلى الأسرة” الذي يدفعه إلى سلوكات إدارية وتربوية وتعليمية غير متزنة تكون عواقبها وخيمية على المنظومة التعليمية والتربوية في المدرسة.
إنَّ النظرة الإيجابية إلى تلك الأخطاء تقتضي فهم فلسفتها ثم الاعتراف بوجودها مع الرغبة المنهجية في معالجتها، أمَّا المكابرة والتعنصر للفكر وادعاء الكمال فلا تأتي بخير.
بعض الأخطاء في العملية التعليمية والتربوية التي يقع فيها المدرسون
هذه سلسلة من الأخطاء التعليمية والتربوية الأكثر شيوعًا عند الممارسين للتدريس، أو من يقع على عاتقهم تربية الأبناء وتعليمهم، التي نأمل أنْ نكون عقلانيين في الاعتراف بوجودها مجتمعة أو منفردة لدى السواد الأعظم من المعلمين القدامى والجدد، لعلنا بذلك نحقق مفهومنا المنهجي للتنمية المهنية التي غايتها التطوير والتغيير والتحسين؛ وأنَّ عدم الاعتراف بوجود هذه الأخطاء يعني بشكل جلي انحسار دور المعلم بتقديم المادة الدراسية متجاهُلا أدواره الأخرى المرتبطة بقدرته على التأثير وتحقيق النتاجات وإحداث التغيير الإيجابي في السلوك لدى المتعلمين، فما سنذكره من أخطاء هي ممارسات لا بدَّ من تلافيها، ونصل إلى تصويبها لنكون قادرين على ممارسة أدوارنا الإنسانية كمعلمين.
الإصرار على التمسك بالقديم من الأساليب التدريسية والتربوية : التركيز على الإلقاء والتلقين والطرق التي تخالف الاتجاهات الحديثة .
تجاهُل الرقي العقلي والاجتماعي للطالب ، بما في ذلك تجاهُل مركز الطالب في فصله : استبدال مقولة : ” إنزل إلى مستوى الطالب ، إلى مقولة : الارتقاء إلى مستوى الطالب ” ، هذا يعني القدرة على فهمه وإحداث التغيير الإيجابي في شخصيته.
الإرباك الصفي: الوقوع في مصيدة المواقف المحرجة لضعف التخطيط الشمولي للحصة ، فغياب أو ضعف استشعار الدقة في التخطيط ، وصحة التنفيذ يُسَبِّب الفوضى الشاملة، ومن ذلك الانتقال العشوائي من نشاط إلى نشاط أو من هدف إلى آخر .
تجاهُل أهمية أنْ يكون القدوة الحسنة للطلاب شكلا ومضمونًا: يشكل المعلم بأفعاله وأقواله ومخبره ومنظره منهاجًا خفيا لطلابه ؛ فإمّا أن يكون مثلا للخير ، وإمّا أنْ يكون مثلا لغير ذلك .
تجاهُل التعرف إلى خصائص نمو الطلبة النمائية وخاصة في المرحلة الثانوية ، وأهمها الاعتزاز العالي بالذات وضعف الثبات الانفعالي والميل إلى المرح داخل الفصل ، وصعوبة الانصياع لسلطة الآخرين .
السخرية والنقد والعقاب للطالب في المرحلة الثانوية بقصد أو دون قصد .
تجاهُل فنيات عرض المحتوى التعليمي للطالب في المرحلة الثانوية : كنْ فنانا في عرض وتسويق سلعتك
تجاهُل تشجيع الطلبة على المناقشة وإبداء الرأي تذرعا بالوقت
عدم تحيُّن الفرص في الأخذ بأيد المتعثرين دراسيًّا أو تربويًّا
تكرار التغاضي عن مشكلات تظهر كظاهرة لدى طالب أو أكثر كالنوم أو نسيان الكتب …الخ .
إهمال ضبط متغيرات مؤثرة في الموقف التعليمي كالإنارة والتدفئة والتهوية والمناخ النفسي …الخ .
إهمال ضبط فوضى ( مَيْمَعة ) الأسئلة الصفية ، كعدم إعطاء الطالب المجيب فرصة كافية للتفكير في السؤال والانتقال السريع لطالب آخر مما يدفع الكثير من الطلبة للإجابة العشوائية بدون تفكير خاصة المتفوقين من الطلاب ، فقبول الإجابة الجماعية تُضيِّع فرص غير المتفوقين ؛ فيعتادون الصمت في ظل مَنْ يستأثر بالإجابة جماعيًّا .
افتراض أنَّ طلاب المرحلة الثانوية هم أكبر مِنْ عبارات الإطراء أو جمل التحفيز المباشر أو على كرّاسات التدريب وأوراق الاختبارات .
النديِّة في ردود الأفعال عند التعامل مع أخطاء الطلاب أو هفواتهم
تجاهُل التعامل السليم مع الواجبات الصفية أو المنزلية، عرض الإجابة الأفضل إجراء أكلَ عليه الدهر وشرب وأصبح من الماضي .
إهمال التنظيم الجيد للسبورة، والتغاضي عن أخطاء كتابية متكررة، سبورة الفصل مرآة الأداء المنظم، وشاهد على الاحتراف الصفي ، ولغة صامتة تعبِّر عن جهدك ومهاراتك وتنظيمك خلال الحصة.
سيطرة اللهجة العامية على لغة الحوار الصفي
الوقوع في مصيدة الحماس الزائد لدى المعلم؛ فيتلاشى دور الطالب كمحور للعملية التعليمية التعلمية ليستأثر المعلم بالنصيب الأكبر من وقت الحصة، النتيجة سلبية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
بدايات متشابهة لكل الحصص دون تغيير أو تطوير أو تشويق ، تكريسًا لمفهوم الخدمة وليس الخبرة في التدريس.
تجاهُل فهمنا للخطأ، ضع لنفسك مفهومًا واضحًا لمعنى الخطأ السلوكي، وتأكد أن ما صَدَر عن الطالب هو خطأ يستحق المعالجة العاجلة أو الآجلة : ليكن لديك قواعد سلوكية واضحة ومحددة وغير تعجيزية، ولا تقلل من مكانة الطالب، ولا تتجاهل خصائصه النمائية ، ولا تتعارض مع الاتجاهات التربوية الحديثة.
الوقوع في مصيدة اللازمة الحركية (تكرار حركة جسدية بشكل مبالغ فيه: مثل لمس الأنف أكثر من مرة أثناء الحصة) أو اللفظية (تكرار كلمة أو عبارة بشكل مبالغ فيه: قوله : يعني، فاهم علي..الخ من الكلمات المكررة بعد كل جملة لأكثر من مرة أثناء الحصة) بما يثير سخرية الطالب وتعليقاته.
الصراخ وفقدان السيطرة الانفعالية : لاعتقاد أنَّ بهما يُضبط الطالب، لا بل سيزيد الموقف تفاقمًا.
المواجهة العنيفة لمعالجة الخطأ: مَهِّد وقدِّم لتلك المواجهة بما لدى الطالب من رصيد من الإيجابيات ثم تصرَّف بحكمة، وإن استطعت تأجيل التصويب فافعل، والتأجيل لا يعني التغاضي.
تجاهُل التغافل والتماس الأعذار: إن استطعت تلمُّس الأعذار فافعل ولا تتردد، ثم تصرَّف بحكمة.
التعامل بالاستهتار أو اللامبالاة مع الجوانب التالية من شخصية الطالب في المرحلة الثانوية:
ارتفاع معدل الحساسية للمثيرات الانفعالية
الاندفاعية العالية في التعامل مع المواقف الاستثنائية
التذبذب المزاجي
الحساسية العالية تجاه النقد والعقاب والتجاهل
الرغبة في المعارضة والتحدي لمن هم أكبر عمرًا أو أعلى مستوى أو سلطة كالمعلم والوالد والأخ الأكبر
طاقة كبيرة مع ضعف في خبرات ضبط النفس واستشعار المخاطر.
أستاذ مشارك في الإدارة التربوية