حوارية (٧٤) أريد أن ألتحق بإحدى الاستراحات الشبابية فما نصيحتكم لي؟
زاهر العبدالله
السائل:
أستاذي الكريم أبا سجاد أريد نصيحتكم في أمر مهم قد يكون له الأثر في تغيير سلوكي وعاداتي في المستقبل.
في الآونة الأخيرة كثرت الاستراحات، وكثر مرتادوها من الشباب ذوي الأعمار والأفكار والميول المختلفة. وأنا شاب أرتاد الكثير من هذه الاستراحات، وألاحظ الاختلاف فيما يمارس فيها. فما نصيحتكم لي إن أردت أن ألتحق عضواً بإحداها؟
الجواب:
قال تعالى (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٤٩)) الحجرات
نفهم من الآية المباركة أن علينا أن نمد جسور المعرفة، ونقوي أواصر المحبة بيننا، ونعزز دور الأخوة في توادنا وتراحمنا وتعاوننا مع بعضنا دون تفريق في نسب أو لون أو قبيلة.
وهنا نقف أمام هذا السؤال، أمام أولويات وترتيب مسؤوليات وتزاحم مصالح في بعض الأحيان، ولذا نحتاج أن نركز على عدة أمور قبل اختيار الجلسة أو الاستراحة التي تريد الانضمام إليها.
١- هل هذه الاستراحة تُشكل لي إضافة؟ إما بالتأثر بما فيها من طاقات فكرية أو عملية، وإما بالمساهمة في التأثير نحو الأفضل من الناحية المعرفية والعملية؟
هذا سؤال تحتاج أن تفكر فيه بتأمل قبل انضمامك لأي جلسة أو استراحة كي تخرج بنتيجة جيدة ثم ترتب الأثر على ذلك.
٢- حدد الهدف من وجودك في الاستراحة أو الجلسة، هل هو مجرد تسلية محضة أم هو محطة للراحة والترويح عن النفس، أم هو إبراز طاقة دفينة عندك لا تخرج إلا مع هؤلاء الشباب؟
٣- هل ستراعي في هذه الجلسة أو الاستراحة حرمات الله سبحانه أم ستخالفها؟ أي: هل وجودك فيها أقرب للهوى والشهوة أم هو أقرب لله والتقوى فيما حرم الله سبحانه؟
٤- هل عندك من القابلية أن تتعاون مع أعضاء الجلسة وتتحمل نقدهم وملاحظاتهم وتتنازل عن بعض الأمور التي لم تعتادها بشرط أن تكون في دائرة المباح ولا تكون حراماً؟
٥- هل من ستكون عضواً معهم متقاربين معك في السن لكي تكونوا متقاربين في التفكير والميول والرغبات؟
هذه الأسئلة جوهرية علينا أن نجيب عليها قبل الانضمام لأي استراحة أو جلسة.
ولعظم مسؤولية اختيار الصديق والصاحب أعطى أهل البيت عليهم السلام توجيهات مهمة كميزان وقاعدة في اختيار الأصحاب وسنذكر منها:
روي عن سيد الموحدين علي عليه السلام (لا يكون الصديق صديقاً حتى يحفظ أخاه في ثلاث: في نكبته، وغيبته، ووفاته)
وقال: (الصديق من كان ناهيا عن الظلم والعدوان، معينا على البر والإحسان)
وروي عن الباقر عليه السلام (الإمام الباقر (عليه السلام): تجنب عدوك، واحذر صديقك من الأقوام، إلا الأمين من خشي الله) (١)
ثم نقوم بترتيب الأولويات ونعرف مكامن المزاحمة ما بين البيت والعمل والأسرة والعمل والاستراحة بأن يكون الترتيب كالتالي:
١- رضوان الله سبحانه وتعالى وطاعته مقدمان على رضوان غيره دون استثناء، وطاعة من خصهم الله بكرامته وهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام مقدمة على طاعة غيرهم دون استثناء.
٢- الأسرة ومسؤولياتها أولاً ثم استراحة الشباب ومسؤوليتي فيها.
٣- الأخوة والتعاون بين إخوتي في الجلسة مقدمان على هواياتي ورغباتي الشخصية، فلا أخسر زملائي لعادات اعتدتها سلبية، كأن أستولي على أجواء الاستراحة كاملة بقول أو فعل أو أن أُعرّض بأحد من أعضائها.
٤- الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالطريق الأمثل لحل مشاكل الاستراحة.
٥- اقتراح عمل برامج مفيدة بين فترة وأخرى لتعم البركة في هذه الاستراحة كجلسة استغفار، أو مجلس حسيني، أو قراءة القرآن الكريم، أو جلب شخصيات مفيدة للجلسة ترتقي بفكر الجلسة وتشجع طاقتها.
وعسى أن أكون – إن شاء الله تعالى – أفدتك والحمد لله رب العالمين.
السائل:
أحسنتم، وأحب أن أضيف إلى ماذكرتم وصية لقمان لابنه في اختيار المجالس والأصحاب:
روي عن محمد بن عيسى، عن يونس رفعه قال: قال لقمان لابنه:
يا بني اختر المجالس على عينك، فإن رأيت قوما يذكرون الله عز وجل فاجلس معهم فإن تكن عالماً نفعك علمك، وإن تكن جاهلاً علموك، ولعل الله أن يظلهم برحمته فيعمك معهم، وإذا رأيت قوماً لا يذكرون الله فلا تجلس معهم، فإن تكن عالماً لم ينفعك علمك، وإن كنت جاهلاً يزيدوك جهلاً، ولعل الله أن يظلهم بعقوبة فيعمك معهم.( ٢)
وأختم بقول الشاعر في اختيار الصاحب:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه
ففيه دليلٌ عنه بالطبع تهتدي
ولا بدع في وفق الطباع إذا اقتدت
فكلّ قرينٍ بالمقارن يقتدي
وإن تصطحب قوماً فصاحب خيارهم
لتصبح في ثوب الكمالات مرتدي
وجانب قرين السوء يا صاح صحبةً
ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
الجواب:
احسنتم وبارك فيكم وشكر الله سعيكم…….
المصادر:
(١)ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٢ – الصفحة ١٥٨٩(٢)الكافي – الشيخ الكليني – ج ١ – الصفحة ٣٩