حوارية (٧٨)
زاهر العبدالله
هل المعصومون عليهم السلام في حالة تكامل روحية اجتماعية بشرية وفكرية مستمرة ..أم أنهم بأبي وأمي كما جدهم صلى الله عليه وآله
خلقت مبرأً من كل عيب
كأنك قد خلقت كما تشاء
ومنشأ سؤالي هو:
هل كان سيد الشهداء الحسين عليه السلام في درجة أكمل وسلم أرقى يوم العاشر عما كان في درجته يوم وفاة الإمام الحسن عليه السلام؟
لأني في تتبعي البسيط فهمت أن الإمام بقي جليس الدار وكأنه كان يعد العدة والأنصار ليوم الفتح العاشورائي الذي كان على بعد عشر سنوات تقريباً.
فهل فهمي صحيح أنه يتكامل يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة صلوات الله عليه ..
*الجواب:
التكامل لا ينقضي في علم الله سبحانه في مختلف الصعد وأول المتكاملين هو النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقول الشاعر:
خلقت مبرأً من كل عيب
بلحاظ الظاهر من العيوب الظاهرية في الخُلق والخِلقة أما التكامل الأعمق فهو التكامل في معرفة الله سبحانه وهو وإن كان – أرواحنا فداه – الإنسان الكامل والأعرف بربه إلا أنه عبد من عباده يحتاج المدد والعلم والقدرة والازدياد في العلوم وكل ماقلناه في حقه صلوات الله عليه يجري لأهل بيته عليهم السلام فهم نور واحد ومن يقف عنده التكامل هو الأزلي المطلق ولايزال كذلك وهو الحق سبحانه وتعالى أما خلقه فمهما علت مراتبهم فهم فقراء إلى الله تعالى.
فالإمام الحسين عليه السلام ليس كما عبرت: يعد العدة ليصل لسلم أرقى، بل ينتظر قضاء الله تعالى وقدره ويمضي في سبيل إرادة ربه مسلماً تسليم مطلقاً كما روي عنه عليه السلام:
( رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه، ويوفينا أجور الصابرين، لن تشذ عن رسول الله لحمته، وهي مجموعة له في حظيرة القدس تقر بهم عينه، وتنجز لهم وعده، من كان فينا باذلاً مهجته، موطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإني راحل مصبحا إن شاء الله )(١)
*السائل:
بقي أن ترشدني كيف لي أن أوظف فهمي لتكامل الإمام عليه السلام في حياته …
حتى ينعكس علي في حياتي …على الجوارح والعمل بارك الله فيك؟
*الجواب:
الجواب : بسمه تعالى:
قال تعالى (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) فصلت (٥٣).
١- فالآفاق هي عمق المعرفة بتوحيد الله سبحانه كلما وصلت لقناعة تامة مقرونة بالعلم التفصيلي بأن لا فضل لوجود وجد على أن يوجد إلا بفضل محمد وآله فالكون كله بما يحويه من ذرات كبرت أم صغرت تسبح بحمده وتقدس له كما قال تعالى :
﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبعُ وَالأَرضُ وَمَن فيهِنَّ وَإِن مِن شَيءٍ إِلّا يُسَبِّحُ بِحَمدِهِ وَلكِن لا تَفقَهونَ تَسبيحَهُم إِنَّهُ كانَ حَليمًا غَفورًا﴾ [الإسراء: ٤٤]
وهي خادمة لمن خصهم الله بكرامته واختارهم لسره ومن هم مستودع لحكمته وحجج على عباده بهم فتح الله وبهم يختم لماذا؟ لأنهم علة الوجود وهم أساس كل خير ، مصداق ذلك رواية جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله: أول شيء خلق الله تعالى ما هو؟( فقال: نور نبيك يا جابر، خلقه الله ثم خلق منه كل خير)(٢)
كلما غصت في معرفة الله سبحانه وفي معرفتهم عليهم السلام فأنت توظف ما عندك من أدوات معرفيه في حياتك العامة.
٢- مراقبة النفس ومحاسبتها في كل آن وتزكيتها ما استطعت إلى ذلك سبيلا والعصمة لأهلها.
٣- تلاوة كتابه بتدبر وتفكر ورغبة في فضل الله المنثور في آياته.
٤- ارتباطك بأحد الأئمة وجعله أنيس نفسك فالهج دائما باسمه واذكره وأهد ثواب كل عمل توفق له له.
٥- التمس الدعاء الدائم من والديك إن كانا حيين وإنا كانا ميتين تعهد زيارتهما واسأل الله من فضله لهما وللمؤمنين والمؤمنات.
٦- كن من نفسك دائماً على حذر فأعطها بقدر لئلا تطغى في نعمة ربك واجعلها تشكره في السر والعلن.
٧- أكثر من قول الحمد لله على كل حال وزمان ومكان.
هذا يكفيك وإن أطلت عليك لأنك أهل أن تتغذى بذلك ولاتنسني من خالص دعائك.
*السائل:
رحم الله والديك جزاك الله كل خير في ميزان أعمالك ولا ننساكم من الدعاء إن شاء الله
بقي تعليق عندي ثم أخيرا وليس آخرا ..
بعد هذا الحديث هل يجوز القول أن ثورة عاشوراء سماوية التقدير والتدبير بشرية المعطيات وكأن سيد الشهداء أراد أن يرسم طريقا يمكن لجميع البشر السير عليه .. وكل على حسب إخلاصه وقربه من الله وسموه في درجات الكمال سوف يحصد النتائج ؟؟؟
*الجواب:
نعم أجدت التعبير تستطيع أن تقول كذلك وكل على حسب معرفته يُعبر.
*السائل:
جزاك الله كل خير .. أشغلناك، فالمعذرة.
*الجواب:
ما أحلاه من انشغال معك تذكرني به بتقصيري وإسرافي على نفسي من عظيم جرمي وإساءتي وقلة استحيائي من ربي.
*السائل: أسأل الله لك ولي ولكل المؤمنين الرحمة والمغفرة والتوبة.
*الجواب: رفع الله قدركم وأعز شأنكم.
المصادر:
(١) بحار الأنوار للعلامة المجلسي، ج ٤٤ ص ٣٦٧.
(٢)المصدر السابق ج ١٥ ص ٢٤.
(١) بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج ٤٤ ص ٣٦٧.
(٢)المصدر السابق ج ١٥ ص ٢٤.