لا تدعني أم البنين
عادل السيد حسن الحسين
لَمْ أَنْسَ يَوْمَ الطَّفِّ إِذْ فِيهِ انْبَرَى
آلُ الرَّسُولِ لِكَيْ يَعِزَّ الْمُسْلِمُ
وَلَقَدْ قَضَى آلُ النَّبِيِّ وَصَحْبُهُمْ
فِي كَرْبَلَا، لِلَّهِ رُوحاً قَدَّمُوا
لَمْ أَنْسَ فَاطِمَةً وَقَدْ فَقَدَتْ بِهَا
أَقْمَارَهَا، لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ ضَيْغَمُ
نَاحَتْ عَلَيْهِمْ بِالْبَقِيعِ حَزِينَةً
وَالنَّاسُ مِنْ عِظَمِ الْمُصَابِ تَوَجَّمُوا
ذَرَفَتْ دُمُوعاً خِلْتُهَا سَيْلًا مِنَ-
الْأَمْطَارِ كَيْ يُرْوَى فُؤَادٌ مُكْلَمُ
لِلَّهِ دَرُّ عَزِيزَةٍ لِلْمُرْتَضَى
فَقَدَتْ مِنَ الْأَوْلَادِ مَنْ لَمْ يَهْرَمُوا
فَقَدَتْ شَبَاباً كُلَّهُمْ نَالُوا الْمَعَالِي-
وَالْوِسَامَ بِهِمَّةٍ لَا تُعْدَمُ
لَا غَرْوَ حَيْثُ الْأُمُّ فَاطِمَةٌ وَوَالِدُهُمْ-
عَلِيٌّ فِي الْوَغَى لَا يُهْزَمُ
يَوْمَ الطُّفُوفِ جَمِيعُهُمْ سَلُّوا السّيُوفَ-
بِوَجْهِ مَنْ ظَلَمُوا وَمَنْ لَمْ يَرْحَمُوا
مَنْ ذَا الَّذِي يَسْقِي الْعِيَالَ وَلَمْ يَذُقْ
طَعْمَ الْفُرَاتِ وَصَدْرُهُ مُتَأَلِّمُ
حَتَّى هَوَى عِنْدَ الْفُرَاتِ مُخَضَّبًا
رَسَمَ الْإِلَهُ لَهُ ضَرِيحاً يُلْثَمُ
وَالْإِخْوَةُ الْأَبْطَالُ قَد رَحَلُوا إِلَى
جَنَّاتِهِمْ وَهُوَ الشَّهِيدُ الْأَعْظَمُ
مَنْ مِثْلُهُمْ نَاحَتْ عَلَيْهِمْ فَاطِمٌ
هَلَّتْ دُمُوعًا جَارِيَاتٍ تَضْرِمُ
قَالَتْ لِمَنْ نَادَى عَلَى أُمِّ الْبَنِينَ-
بِأَنَّهُمْ قُتِلُوا وَلَمْ يَتَبَرَّمُوا
لَا تَدْعُنِي أُمَّ الْبَنِينَ فَبَيْتُهُمْ
فِي يَثْرِبٍ أَمْسَى خَلِيًّا مِنْهُمُ
يَا لَيْتَ مَوْتِي قَبْلَهُمْ قَدْ جَاءَنِي
يَا لَيْتَ نَاعِيهُمْ نَعَى مَنْ أَجْرَمُوا
ذَابَ الْفُؤَادُ لِفَقْدِهِمْ وَالْوَهْنُ قَدْ
هَدَّ الْقُوَى وَالْعَيْنُ مِنِّي تَسْجِمُ
فَبَكَتْ وَأَبْكَتْ أَهْلَهَا حَتَّى قَضَتْ
فِي دَارِهَا مَسْمُومَةً تَتَظَلَّمُ