رسولاً من أنفسهم
مُحمّد المكي
أتدري مَن كان في الغار؟ في الغارِ مُحمّدٍ ناسكًا مُخْتَلٍ منقطعًا إلى الواحد الأحد القهار، وإذ بالنداء العظيم من أفضلِ الملائك يُنادي أفضل الخلائق بآياتِ أفضلِ الكُتب يا مُحمد قد بشّر المعبود العباد وبعثك رسولًا نبيًّا فاقرأ وقرأ ثم قرأ فأمرني إن أُنزّل عليك الفرقان تنزيلًا.
من أعماق الغار نِداءٌ مُهيب يُسمِعُ الأحياء والأموات والأجنة في بطون الأمهات؛ بُعثَ إليكم مُحمدٌ رسولٌ صادق أمين، بُعث ليُتم مكارم الخُلق العظيم ويُكمل الضياء المُبين، ليجعل النفس إلى اللهِ متصلة ساكنة آمنة مطمئنة، جعل من رسالته الإسلام السلام ، وجعل العبادة منظومة متكاملة ذات عِدة أبعاد، بُعد النُسك مع الرب وبُعد تعامل مع الخلق وبُعد في تهذيب النفس، ليتكامل الإنسان ويكون خليفة الرب المنان.
يا روحَ القدس إننا في دياجي الجهل، وهذا المبعث النبوي انبثاق نور الرسالة العظمى والسماحة الكبرى مبعثٌ بعثَ في أجسادنا وأرواحنا نورٌ فتَحيى من بعد سُجُف الظُلمة فإننا البئر المُعطلة، وتجللت أنفسنا صفاء مع أول كلمة من العلي الأعلى ” اقرأ ” ليرتقي بنا مع الملائكة ونصعد إلى القصر المَشيد عند ذي العرش مكين، فقلوبنا بالإيمان سلّمت وقرأت دون حروف وهتفت دون صوت إن الله هو الواحد الأحد، ومحمد النبي إلى الأبد
وعلي هو الوصي المنتجب.
يا أُمتي جعلني اللهُ سِراجًا وهاجًا وقمرًا مُنيرًا، فأنا أرقُّ الأرواح وأرهفها، ومظهر لطف الله، وجعلني المتصل بين الأرض والسماء، وجعلني مباركٌ أينما حللتُ أكنتُ من الأحياء أم من الأموات، قد بعثني الله إليكم رحمة ورأفةً بكم، وجعل الصلاة علَي طهارةً لأنفسكم، ليخرجكم من الظلمات إلى النور، فأُدثركم بِبُردتي محبةً وأُزمِلكم بعمامتي عطفًا، ويغنيكم الله من فضلي، وأستغفر لكم ربي فتُغفر ذنوبكم، وتستشفعوا وتتوسّلوا بي فأشفعُ لكم في قضاء حوائجكم، وجعل ابنتي من خيرة النساء، وصهري هو أفضل الرجال، وجعل من نسلي أحدَ عشرَ وصيًّا، فلا أسئلكم على ذلكَ أجرًا إلا المودة لهم.