الشيخ الأحمد: دعاء مكارم الأخلاق يحفّزنا لإصلاح أنفسنا وواقعنا
بشائر: الدمام
ورد في دعاء مكارم الأخلاق للإمام علي بن الحسين عليه السلام: (اللهم لا تدع خَصلَةً تعاب مني إلا أصلحتها ولا عائبةً أؤنبُ بها إلا حسّنتها ولا أكرومةً فيَّ ناقصةً إلا أتممتها)، بهذا الدعاء استهل سماحة الشيخ أمجد الأحمد حديث الجمعة والذي كان بعنوان (نحو إصلاح النفس)، بالمسجد الجنوبي في قرية أبو الحصى، بمحافظة الأحساء.
وأشار سماحته أن إحياء مناسبات أهل البيت (ع)؛ تأكيدًا للولاء والتأمل في سيرتهم، والاستضاءة بإرشاداتهم عليهم السلام؛ مستعرضاً أمثلة مرَّت في بداية شهر شعبان منها ميلاد الإمام الحسين، والعباس، وزين العابدين عليهم السلام.
ولفت أن من أساليب التربية والإرشاد التي استخدمها أهل البيت عليهم السلام أسلوب (الدعاء)؛ مشيرًا إلى أن أدعيتُهم لم تقتصر على مجرد طلب التوبة والمغفرة من الله تعالى؛ وإنما ضمّنوا هذه الأدعية مفاهيم فكرية وأخلاقية، إلى جانب التعاليم التربوية، والدروس العقائدية، والعلاجات النفسية في قالب الدعاء.
كما ذكر أن دعاء مكارم الأخلاق للإمام السجاد عليه السلام من الأدعية الرائعة التي لا تُقرأ لمجرد الحصول على الثواب فقط؛ مشيرًا أن قراءته تدعونا للتعرف على أنفسنا، وتحفزّنا لإصلاح أنفسنا وواقعنا؛ مبيِّنا أن الإمام السجاد عليه السلام بهذا الدعاء خصوصًا يشرّح النفس البشرية ويكشف عمّا يعلَق بها من أمراض أخلاقية ويضع خطة العلاج ويرسم طريق الإصلاح.
وحول مضمون دعاء مكارم الأخلاق، تناول سماحته عدة وقفات، جاءت كالتالي:
-الوقفة الأولى: يلفتنا الإمام السجاد عليه السلام إلى ضرورة الدعاء والطلب من الله أن يصلح نفوسنا، نحن ندعو الله دائما أن يزيدنا من الرزق أن يحفظنا ونطلب منه تعالى حوائج مادية كثيرة؛ ولكن من الأمور المهمة جدا أن تسأله (أن يصلح نفسك، أن يحسّن أخلاقك، أن يصلح كل ما في ذاتك من نقص وكل مافي شخصيتك من عيب؛ لأن في ذلك سعادة دنياك وآخرتك)؛ ولذا وضع الامام زين العابدين أدعيةً كاملة يركز فيها على إصلاح الأخلاق مثل: (دعاء مكارم الأخلاق – دعاؤه لوالديه – دعاؤه لولده – دعاؤه لجيرانه)
كلها تهدف لتحسين الأخلاق وأن يقتلع كل ما في باطنك من صفات سيئة.
-الوقفة الثانية: يعلمنا الإمام زين العابدين سلام الله عليه أن الإنسان العاقل هو الذي ينشغل بعيوبه فيسعى لإصلاحها لا الذي ينشغل بعيوب الناس.
-الوقفة الثالثة: الإمام يشير إلى أنه قد يكون عند الانسان عيوب لا يلتفت إليها؛ ولكن الله يعلم بها ولذا لم يسأل من الله أن يصلح عيب معين؛ وإنما كل العيوب لا تدع (خصلة) جاءت الكلمة نكرة تفيد العموم.
فالعيوب أنواع:
-عيب شرعي مثل الاستخفاف بالصلاة وفرائض الله والتساهل في عمل المحرمات.
-عيب أخلاقي مثل: الغضب والكسل وبذاءة اللسان وسوء الخلق والعجلة.
-عيب عرفي اجتماعي اذا فعلته الناس تعيبك وتنكر عليك وقد أولى الشارع المقدس هذا الأمر اهتماماً كبيرًا؛ فالإنسان الذي يقوم بعمل أو لباس يخالف العُرف العام بحيث يتسبب في الاستهزاء به وتحقيره عند الناس قد يصل للحرمه.
-الوقفة الرابعة: الإمام السجاد عليه السلام قدم ثلاث طلبات الهدف منها إصلاح النفس
لكن عبّر عن كل حاجة بتعبير مختلف.هي ثلاث نقائص في شخصية الانسان؛ الأولى خصلة تعاب مني، والطلب إصلاحها، الثانية عائبة، والطلب تحسينها، الثالثة أكرومة ناقصة، والطلب اتمامها.
وفي ختام حديثه، أوضح سماحة الشيخ أمجد الأحمد، أن إصلاح النفس البشرية يتبلور تحت عدة مستويات، أهمها:
١- الاعتراف بوجود العيب؛ فالكثير لا يعترف بأنه لديه عيوب يرى نفسه كامل وهذا يختدع نفسه لأننا نقرأ في القرآن (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء).
٢- العزم الأكيد للاصلاح؛ حيث أن البعض يعلم بوجود العيب؛ لكنه يبرر (هذا طبعي – حاولت وما قدرت- أنا شخصيتي كذا).
٣- المحاسبة الدائمة للنفس ماذا قلت؟ وماذا فعلت؟ وبالتالي تظهر لك عيوبك وتعرف أسبابها (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا).
٤- أن تتخذ صديقًا صدوقًا؛ لأنه يعرفك عيوبك (صديقي من أهدى إليّ عيوبي).
٥- انتبه للدوافع لهذا العمل السيء؛ مثلا مشكلة “الغيبة” انظر المؤثر لعله صديق – مجلس معين يحتاج تغيره أو تضبطه، أو مشكلة متابعة أفلام إباحية في وقت الفراغ.
٦- المواظبة على السلوك الحسن بالتكرار (الحلم بالتحلم).
٧- التدرج في العلاج؛ مثلًا الغضب الشديد الذي يظهر بشكل (صراخ- سب – ضرب) حاول بدايةً تسيطر على نفسك، أن لا تضرب حتى تقضي على هذه الحالة ثم بعد فترة تتدرب على ترك السب ثم تتدرب على تجنب الصراخ وهكذا.
٨- الدعاء وطلب العون من الله والصبر، قد تحتاج شهر أو سنة للعمل بكل خصلة؛ وهذا كله من صور الجهاد وهو الجهاد الأكبر.