رب الأسرة ورب العمل
أمير الصالح
كلمة الرب ترد في عدة موارد في اللغة العربية، ومنها على سبيل المثال رب العالمين ورب الأسرة ورب العمل. وكلمة رب تحمل معانٍ عديدة، ومنها الراعي والموجد والمالك والمهيمن والواهب والمتفضل والمنشئ والمُربي والرحيم والعظيم والمُنعم، ومن الآيات القرانية الواردة في كتاب الله بهذا الخصوص والأكثر ترتيلًا:
(الحمد لله رب العالمين)
ولعل من جميل المشتركات اللفظية بين كلمة رب (إله) ورب الأسرة ورب العمل هو إنشاء سياقات جميلة في استزراع واستنطاق وتوظيف المشتركات الأخلاقية والوجدانية والرحمة في التعاملات البشرية-البشرية.
فكم هو جميل أن يتخلق رب الأسرة باخلأق الربوبية مثل الصفح والغفران والمساعدة والإرشاد وحسن الاحتضان والدعم المستمر والحب المتدفق لأفراد أسرته. وكم هو جميل أيضًا أن يتخلق رب العمل بأخلاق الربوبية في نطاق الإرشاد والتوجيه والمساعدة والصفح وجميل النصح وحسن الاحتضان لكل أفراد العمل لكي يتم صنع الأفضل منهم.
تعلمنا من القرآن الكريم بأن رب العالمين (الله جل جلاله) يحنو على جميع خلقه ويتودد إليهم ويرغبهم للأعمال الصالحة ويفتح لهم أبواب المغفرة ويوزع هباته ورحماته وعطاياه ونعمه ورزقه لهم بجميع ألوان أطيافهم ومللهم ونحلهم وأعراقهم. كل ذلك وقع ويقع تفضلًا منه ورحمة وجميل ربوبية. ويمد الله جل جلاله أولئك وأولئك بكل الخير وسبل القوة تفضلًا منه ورحمه وعدلًا، ليرى أي منهم أحسن عملًا في الأرض للخلق. والواجب من رب الأسرة الذكي أو المتذاكي أن يتخلق بأخلاق رب العالمين في كل مامن شأنه أن يجذر تقارب أفراد الأسرة والمجتمع ويمنع ما قد يُفرق الشمل ويساعد ويوجه ويتودد ويحذر ويعدل ويخطط لصنع الأفضل من أفراد أسرته. وكذلك رب العمل الذكي والمتذاكي في مكان عمله، عليه أن يتخلق بأخلاق رب العالمين في حسن المعاملة وتحفيز العمال ونصح الكسالى واستنهاض همة الغافلين لكي يسعوا جميعًا نحو الأفضل.
جملة اعتراضية:
هناك من يطلب الله أن يرزقه ولد أو أكثر، ولا بد له أن يسعى ويهيئ له/ لهم المكان ووسائل الحياة الكريمة، لا أن يرميهم في الشارع، ويخلق هو وابناؤه ظواهر وسلوكيات غير محترمة ويكونوا عالة على مجتمعهم وأبناء دينهم. وفي ذات الوقت ترى ذلك العالة يتشدق ليل نهار بأنه من أبناء عائلة الفلانية أو …أو… .
انتهت الجملة الاعتراضية.
معظم الناس يبحث عن مدرب أو قائد أو ملهم له في الحياة ليستلهم منه أساليب التربية والقيادةالحكيمة والفاعلة. والكل منا يبحث عن مختصر القول ونافعه وجميل مصاديقه على أرض الواقع ليطبقه في مسيرة حياته. والحمد لله رب العالمين، كان وما يزال الله رؤوف بكل خلقه وبكل عباده. ويعلمنا ويتفضل علينا بنماذج الأنبياء والأولياء الصالحين لرسم خريطة الطريق الناجحة وتوضيح الأهداف الحقيقية العالية في حياة كل فرد منا ويستشهد: بمتى وأين ولماذا نفعل ما نفعل أو نقول مانقول. وجدير بنا أن نستثمر كأرباب أسر كامل شهر رمضان المبارك من كل عام لترسيخ مفهوم سلوك رب الاسرة الصالح والقدوة الناجحة ونكسب الأبناء بدل أن تكسبهم تطبيقات التواصل الاجتماعي.
لعله من المُعيب اجتماعيًا في بعض المنازل وفي بعض أماكن العمل أن يكون هناك بعض أرباب أُسر وأرباب عمل هم أصل الانشقاق ومنبع التمزق وينبوع الفتن ومصدر إنتاج أبناء سيئين للمجتمع وعمال فاسدين في أماكن العمل بسبب سوء التربية منهم للأبناء أو كثرة التقريع الصادر عنهم أو التفريط والإهمال في التسامح عند صدور أخطاء متكررة من أبنائهم والتجاوز منهم عند انعدام الذوق من عمالهم وتغاضيهم عند اختراق خطوط السلوك الحميد من أبنائهم . ومن المُعيب أيضًا أن يكون بعض الآباء وبعض منتحلي صفة الأب وبعض رجال التربية وبعض الأطباء وبعض الموظفين بئس القدوة لمن حولهم وهم المنفرون للناس من حولهم والمُزهدون لغيرهم في القيم التي ينتمون لها بسبب سوء سلوكهم.
من الجميل أن يعقد كل رب أسرة مراجعة شاملة لأساليب تعاطيه وتعامله مع أبنائه وإدخال تحسينات وتطويرات بين فترة وأخرى ليضمن كسب أفئدة أبنائه مع الأخذ بعين الاعتبار حمايتهم من كل أصناف الشر الواردة من العالم الواقعي والافتراضي.