الشيخ الأحمد يكشف عن برنامج متكامل لموسم رمضاني ناجح
بشائر: الدمام
(أيها الناس إنه قد أقبل إليكم شهرُ الله بالبركة والرحمة والمغفرة شهر هو عند الله أفضل الشهور وأيامُه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامة الله أنفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة وعملكم فيه مقبول ودعاؤكم فيه مستجاب)
بهذا استهل الشيخ أمجد الأحمد خطبة الجمعة يوم أمس، في الحسينية الجعفرية بأبوالحصى بمحافظة الأحساء، والذي كان بعنوان( نحو موسم رمضاني ناجح)؛ لافتاً أن رسول الله (ص) كان يهيئ المسلمين لاستقبال شهر رمضان؛ في آخر جمعة من شعبان؛ ليعرّف الناس أنَّ شهر رمضان هو شهرٌ استثنائي ليس كبقية الشهور.
ووصف شهر رمضان بعدة مسميات فهو شهر الله شهر البركة، وشهر الرحمة، وشهر المغفرة، وشهر الاستغفار، و شهر القرآن، وشهر التوبة، وشهر الطهور، وشهر التغيير، وشهر المحبة، وشهر القرب من الله تعالى.
وقال: لا يمكن للإنسان أن يتعاطى مع هذا الشهر بما يجب أن يكون إلا إذا تعرَّف على حُرمَتِه ومكانته ومنزلته؛ فكلما تعرَّفت على مقام الضيف ومكانته ازداد اهتمامك به واحترامك له؛ ولهذا النبي (ص) كان يلقي هذا الخطاب على المسلمين في استقبال شهر رمضان.
وأشار عبر حديثه، أن الخطبة تتحدث تفصيلياً في عدة محاور:
الأول: الحديث عن خصائص شهر رمضان وبيان حُرمته وعظمته
فقال: (أيها الناس إنه قد أقبل إليكم شهرُ الله بالبركة والرحمة والمغفرة شهر هو عند الله أفضل الشهور وأيامُه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامة الله أنفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة وعملكم فيه مقبول ودعاؤكم فيه مستجاب …..أيها الناس إن أبواب الجنان في هذا الشهر مفتحة فاسألوا ربكم أن لا يغلقها عليكم وأبواب النيران مغلقة فاسألوا ربكم ألا يفتحها عليكم والشياطين مغلولة فاسألوا ربكم أن لا يسلطها عليكم)
الثاني: أسباب التوفيق للاستفادة من عطاءات هذا الشهر
الدعاء – والنية الصادقة – والقلوب الطاهرة
حيث قال (ص): “فاسألوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة أن يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه فإن الشقي من حُرِم غفران الله في هذا الشهر العظيم)
وهنا نصيحتي للأحبة أن يقرأو دعاء الإمام زين العابدين في استقبال شهر رمضان.
الثالث: البرنامج العملي للناجحين والرابحين في شهر رمضان
يجب على الإنسان المؤمن أن يضع له برنامجاً متكاملاً لكي يغتنم كل ساعات بل كل لحظات هذا الشهر؛ وإلا فإن العشوائية توقِعُه في فخ السُرَّاق الذين يسرقون الوقت والروحانية ويصرفون الإنسان عن الإقبال على الله إلى الانشغال بالسهرات العابثة أو الاستغراق في الطعام والشراب أو الوقوع في أسر المسلسلات والأفلام حتى ينتهي الشهر المبارك وهو في غفلة فلا يكون نصيبه من شهر رمضان سوى الخسارة والحسرة
وأشار أن رسولُ الله (ص) طرح لنا برنامجا شاملا من خلال الخطبة تتكون من عدة عناصر:
أولاً: البرنامج العبادي؛ فهذا شهر العبادة والطاعة بمختلف صورها وأهمها:
١- الصيام
ولكي يصوم الإنسان صياماً واعياً لابد من:
أ- معرفة فقه الصيام لكي يكون صومُه صحيحاً
ب- معرفة الحكمة من الصيام التي أشار لها النبي (ص) في خطبته فقال: ” واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه”.
ج- احترام فريضة الصيام وعدم التساهل والعبث به فبعض الناس يتجرأ في نهار رمضان على الإفطار المتعمد استجابةً لشهوته الجنسية مثلاً ويظن أنّه لا يُطلب بغير الكفّارة وهي أمر متيسّر؛ إلا أنَّ هذا تصوّر خاطئ لأنه قد ارتكب بإفطاره عملاً محرّماً يكسب به الإثم فعليه التوبة الصادقة والاستغفار قبل أن يسأل عن المفارة.
٢- أداء الصلاة الواجبة في أوّل وقتها
حيث قال النبي (ص) في خطبته: “ومن أدّى فيه فرضاً كان له ثواب من أدى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور”.
فإن لم تكن صلاتك طوال العام في وقتها فعليك أن تعزم أن تصلي كل صلاة في أول وقتها وليكن هذا برنامجك
وإن كُنتَ تصلي جميع الصلوات في وقتها فعليك أن تحرص في هذا الشهر أن تؤدي الصلوات جماعة فإن صلاة الجماعة من أفضل الأعمال المستحبة التي تقرّبك إلى الله.
٣- الإقبال على النوافل
قال النبي (ص): (ومن تطوّع فيه بصلاة كتب الله له براءةً من النار).
ضع في برنامجك صلاة نافلة تواظب عليها من نوافل الصلوات الخمس أو صلاة الغفيلة – أو صلاة الليل – أو صلاة جعفر الطيار أو غيرها.
٤- تلاوة القرآن
عن النبي (ص): (ومَن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر مَن ختم القرآن في غيره من الشهور).
خصص وقتاً ثابتاً لتلاوة القرآن ولا تجعل الأمر عشوائي حتى تلتزم بالتلاوة يومياً
٥- الأدعية الرمضانية
وأفضل الساعات للدعاء أوقات الصلوات وعلينا أن نغتنمها
في خطبة النبي (ص): وارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلواتكم فإنها أفضل الساعات ينظر الله عز وجل فيها بالرحمة إلى عباده يجيبُهم إذا ناجوه ويلبيهم إذا نادوه ويعطيهم إذا سألوه ويستجيبُ لهم إذا دعَوه).
٦- الأذكار
اجعل لسانك رطباً بذكر الله ومن أفضل الذِكر الصلاة على محمد وآله
وعنه (ص): (ومن أكثر فيه من الصلاة علي ثقل الله ميزانه يوم تخف الموازين)
ثانياً: البرنامج الأخلاقي
ورد في خطبة الرسول (ص) في استقبال شهر رمضان.
١- (أيها الناس من حسَّن منكم في هذا الشهر خلقه كان له بذلك جوازا على الصراط يوم تزل فيه الأقدام).
فكما تتقرب إلى الله بالصلاة وتلاوة القرآن كذلك تتقرب إلى الله بحسن خُلُقِك فإن حسن الخلق عبادك، وعليك أيها المؤمن أن تركّز على خصلة في شخصيتك تصلحها انظر هل أنت مبتلى ببخل او انانية او حسد او غضب واعمل على اقتلاعها من نفسك.
٢- ( ومن كف فيه شره كفَّ الله عنه غضبه يوم يلقاه)
٣- (ومن خفف في هذا الشهر عما ملكت يمينه خفف الله عليه حسابه يوم يلقانه)
علينا أن نتعامل برفق مع هم تحت أيدينا من الخدم والعمّال
ثالثاً: البرنامج الاجتماعي
نقرأ في خطبة النبي (ص) برنامج اجتماعي للمؤمن في شهر رمضان ومنه:
أ- افطار الصائم
فقال (ص): “من فطّر صائماً مؤمناً في هذا الشهر كان له بذلك عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه”.
لأن هذا عمل ينشر الألفة والمحبة بين الناس
ب- صلة الارحام
فقال (ص): “ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه”
وهنا نشير إلى أمرين مهمين:
الاول: أن صلة الرحم ينبغي أن لا تقتصر على مجرد السلام والزيارة وإنما تكون بتفقد حاجات الأرحام وتقديم يد العون لهم.
الثاني: علينا أن ننقي قلوبنا من الشحناء وخصوصا مع الأرحام فيجب أن تكون صلة الرحم فوق الاختلافات الفكرية أو الشخصية أو المالية وأن نلوث قلوبنا بالكراهية والقطيعة للأرحام، والقاطع لرحمه يحرمُ نفسه من العطايا الإلهية في شهر رمضان .
ورد عن النبي (ص) في حديثه عن ليلة القدر:
“إن الله نظر إليهم -أي لعباده- في هذه الليلة فعفى عنهم وغفر لهم الا اربعة فقالو ومن هم؟ فقال مدمن الخمر والعاق لوالديه والقاطع الرحم والمشاحن”
عن الامام الرضا (ع): “إن الله يعتق في ليلة القدر بعدد من أعتق في رجب وشعبان ورمضان الا رجل بينه وبين اخيه شحناء فيقول الله انظرو هذين حتى يصطلحا).
٣- اكرام اليتامى
فقال (ص): ” وتصدقو على فقرائكم ومساكينكم ووقرو كباركم وارحمو صغاركم وتحننوا على أيتام الناس يتحنن على أيتامكم….. ومن أكرم فيه يتيماً أكرمه الله يوم يلقاه”
رابعاً: البرنامج الثقافي
حيث ورد في النصوص الدينية لا خير في عبادة بلا تفقه ولا في تلاوة بلا تدبر؛ لذا على المؤمن أن يخصص وقتاً لمطالعة الكتب النافعة أو الحضور للمحاضرات والدروس التي تعقد في هذا الشهر.
وختم حديثه، بمقطع من دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام في استقبال شهر رمضان:
(وأعنّا على صيامه بكفّ الجوارح عن معاصيك واستعمالها فيما يرضيك حتى لا نصغي بأسماعنا إلى لغو ولا نسرع بأبصارنا إلى لهو وحتى لا نبسط أيدينا إلى محظور ولا نخطو بأقدامنا إلى محجور وحتى لا تعي بطوننا إلا ما أحللت ولا تنطق ألسنتنا إلا بما مثلت ولا نتكلف إلا ما يدني من ثوابك ولا نتعاطى إلا الذي يقي من عقابك).