طقوس فرضها كورونا.. توزيع الوجبات بدلا من موائد الرحمن التقليدية في الكويت
بشائر: الدمام
في شهر رمضان المبارك لا يحمل أحد هَم طعام أو شراب.. يمحو البسطاء بند الأكل والشرب من ميزانياتهم المتواضعة ولكن صورة الحصول على الطعام المجاني قبيل الإفطار اختلفت عن الماضي، فقبل الجائحة كانت موائد الرحمن منتشرة في كافة مناطق الكويت والعالم العربي أما الآن فبات توزيع الوجبات هو السمة العامة.
وتضاءلت في الكويت الصورة التقليدية لموائد الرحمن من طاولات متراصة عليها وجبات ساخنة ومشروبات باردة وأصبحت الصورة الحديثة عبارة عن سيارات محملة بالصناديق الكرتونية تقف وأمامها طابور من الراغبين يتسلمون وجباتهم، وذلك بعد قرار وزارة الأوقاف الكويتية الاقتصار على الوجبات المعلبة بدلا من موائد الرحمن وفقا لاشتراطات وزارة الصحة وإجراءاتها الوقائية.
وجبات مكدسة
محمد يعقوب حارس عقار في منطقة السالمية يتجه إلى مسجد بميدان قريب من سكنه قبل أذان المغرب بساعة ويقف في طابور مع زملاء المهنة والمعارف.. يمضي الوقت سريعا حتى تظهر الحافلة المنشودة وفي انتظارها موظفان ينظمان التوزيع، أما الوجبات التي كانت مكدسة في أرضية الحافلة فقد تلاشت في لمح البصر والجمع انفض مستبشرا بما حملته أيديهم.
يقول يعقوب للجزيرة نت “قبل كورونا كنا نفطر داخل المسجد على التمر والحليب المعلب ثم نصلي المغرب ونعود لنجد مفارش ممتدة وعليها الطعام الساخن واللحوم ونأكل معا ونساعد في تنظيف المكان ثم نمضي وكأننا في أيام العيد والآن نتسلم كما ترى الوجبة ونمضي للغرفة التي جئنا منها والشعور غير زمان”.
تنشط الجمعيات الخيرية في هذا المجال لاعتماد مراكز توزيع وجبات جديدة في منطقة السالمية والوفرة وكذلك الرميثية والفنيطيس، بدلا من موائد الرحمن التقليدية في منطقة سلوى.
زي موحد
ويرتدي موزع الوجبات في العادة جلبابا أبيض عليه صدرية تشبه صدرية الشرطة سوداء مع خطين فسفوريين، وأمام مسجد الصقعبي بالقرب من منطقة النقرة الشمالي تستقر سيارة المحسنين ويحدث بعض الهرج عندما يحاول البعض منع شخص من الاستحواذ على أكثر من وجبة بالاشتراك مع آخر من نفس الجنسية.
يقول المهندس طاهر عبد الله من منظمي موائد الرحمن مفسرا ما حدث: بعض البسطاء يتجهون إلى المساجد لجلب وجبات ليس لهم فقط وإنما أيضا لعائلاتهم أو جيرانهم الذين لا يستطيعون لسبب من الأسباب الحضور بأنفسهم، لكن الناس ليسوا سواسية في تقبل هذا خاصة من يقف في طابور ويخشى أن تنفد الوجبات قبل أن يصيبه الدور ويحصل على وجبته.
ويوضح طاهر أن العمل منتظم في التوزيع والسيارات تأتي في مواعيدها والفريق التطوعي يقوم بواجبه بدقة، لكن خلف كل هذا إدارة حاسمة وجنود مجهولون ومتبرعون أصحاب أياد بيضاء لا يحبون أن يظهروا للعيان.
الأنشطة والمساهمات والمبادرات التي تخدم المجتمع الكويتي تزداد بالطبع في الشهر الكريم، ومن ذلك إيصال الوجبات إلى الأسر المتعففة في مشروعي “إفطار صائم”، و”ماجلة رمضان” بسلة مواد غذائية واستهلاكية خلال الشهر، وهذا النشاط تتميز به جمعيات ومؤسسات بنكية بعينها تقوم بحصر الأسر المتعففة وترسل إليها الوجبات الساخنة، في ظاهرة طيبة جديرة بالتوثيق.