حبوب فيتامين C الفوارة في منظور النقد الصيدلاني
د. غسان بوخمسين
انتشر مقطعٌ فيديو بوسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الماضية، حيث يتحدث أحد الأشخاص عن حبوب فيتامين C الفوارة، وكونها عديمة الفائدة لعدم امتصاصها وقلة الفائدة منها، ودعوته لاستعمال الفيتامينات المستخلصة.
وتتميز الصيغة الصيدلانية التي تكون على شكل حبوب فوارة، تتميز بطعم جيد وامتصاص أفضل بكثير من الحبوب والكبسولات، وتحل مشكلة الابتلاع عند من يعاني صعوبة بلع الحبوب والكبسولات، لذلك فهي توفر امتصاصًا أفضل من الحبوب، لأن الحبوب قد لا تذوب جيدًا في السبيل الهضمي، مما يضعف امتصاصها والاستفادة منها، لذلك فإن حبوب الفوار بشكل عام جيدة من ناحية الامتصاص، وأفضل من باقي الصيغ الصيدلانية كالحبوب والكبسولات.
ويبقى أمر مهم، وهو قوله “الفيتامينات المستخلصة” ويقصد بها الفيتامينات الطبيعية المستخلصة من الفواكه والخضروات الطازجة، وهي أفضل أنواع الفيتامينات على الإطلاق. لكن ما يعيبها أنها سريعة الفساد والتحلل بسبب تأثرها بالحرارة والرطوبة والتأكسد، وبقية العوامل الفيزيائية والكيمائية، ولهذا لايمكن حفظها وتخزينها لمدة طويلة، بل يجب استهلاكها بسرعة.
لذلك تُعد الفيتامينات الطبيعية الموجودة في الخضروات والفواكه، أفضل وأكثر ملائمة للجسم من ناحية الامتصاص والأثر الفسيولوجي، ولذلك ينبغي استهلاك الأطعمة الطبيعية الطازجة للاستفادة من الفيتامينات التي تحتويها مباشرة، وهذا أفضل من النوعين من الفيتامينات، سواءً الفيتامينات المستخلصة أو المصنعة.
مثلاً، فيتامين C الذي عليه الكلام هنا، كيميائيٍا هو عبارة أسكوربيك أسيد، ويمكن تصنيعه بسهوله مخبريًا وبسعر زهيد، وهو مكافئ تركيبيًا للفيتامين الطبيعي الموجود في الغذاء بدرجة كبيرة، ولكن الفيتامين الطبيعي الموجود في الأغذية لايكون مادة عضوية معزولة لوحدها، أي مركب حمض الأسكوربيك فقط، بل يكون مقترنًا بعوامل مساعدة أخرى معه conjugate كالفلافويندات والبكتين، وغيرها من المواد العضوية التي تساعد على الامتصاص الجيد للفيتامين والقيام بالأثر الفسيولوجي الأمثل.
أي أن الجسم مهيأ لامتصاص الفيتامين الطبيعي مقترنًا بالعوامل المساعدة، وقيامه بأثره الفسيولوجي أكثر من الفيتامين المصنع.
ولكن من جهة أخرى، فيتامين C الموجود في الغذاء -كما أسرنا سابقاً – مشكلته أنه سريع التحلل والفساد بسبب تأثره بالحرارة والتأكسد، ولذلك تفضل بعض الجهات الصحية الفيتامينات المصنعة على الطبيعية؛ لإمكانية ضمان وجودها بشكل متماسك وبنسبة ثابتة معروفة ومحددة.
ويمكن القول في المجمل، أن المصدر الغذائي من الأطعمة الطازجة والطبيعية غير المعالجة هو المصدر المفضل للفيتامينات للشخص السليم، أما الفيتامينات المصنعة من حبوب وكبسولات وغيرها، تكون فقط لمن يحتاجها من ذوي الأمراض المزمنة، مثل حالات سوء الامتصاص من الأمعاء، وخلال فترة الحمل، وعمليات السمنة، والغسيل الكلوي، وبعض الأمراض الأيضية الوراثية.