القرقيعانة.. قطعة من النخلة تضيف للأهازيج بهجة
رباب حسين النمر: الأحساء
تتعدد المناسبات في الشهر الفضيل، وعندما ينتصف الشهر ويصبح الهلال بدرًا تنشرح النفوس بما مضى من توفيق للصيام والطاعات وتكون الليالي مقمرة، عندها يحتفل الأهالي بتوزيع الحلوى للأطفال في منطقة الخليج، وسمي هذا الحدث بالقرقيعان، ويتزامن مع هذا التوقيت ولادة سبط النبي الأكرم الإمام الحسن الزكي عليه السلام.
في القرقيعان يجوب الأطفال مشيًا سكك المدينة والقرية في محيط منازلهم وجيرانهم وأقاربهم، يقرعون الأبواب ابتهاجٍا وفرحًا وتبريكًا لأهل البيوت الذين بدورهم يقدمون للمباركين حلويات تنوعت وتطورت بتطور الزمن.
وقبل يوم القرقيعان تستعد الأمهات بشراء الأزياء الشعبية لأطفالهن أو خياطتها، للبنات: جلابية وثوب نشل وبخنق، وبطولة أو قناع أو هامة ومصاغات ومرتعشة، وللأولاد: ثوب وصديري، أو وزار وفانيلة وطاقية، وتجهز للأطفال أكياس القرقيعان، وتُشترى التوزيعات باختلاف أنواعها وما يتعلق بها من سلال وفوانيس وإنارات ومفارش وأقمشة لتجهيز البوابات، وطاولات الاستقبال.
* صورة من سناب القارة
ومن أدوات القرقيعان التي اشتهرت في بعض قرى الأحساء القرقيعانة، التي كان يتحدث عنها الحاج شهاب الجزيري عبر تغريدتين له في تويتر، فسألناه عن ماهية هذه القرقيعانة، فقال:
“القرقيعانة قطعة من ساق عذق النخيل، وهي أداة تصدر صوت التصفيق، وترافقها أهازيج الصغار، لتتوالف ترنيمات القرقيعانة مقترنة بأجمل الأهازيج التراثية مما يردده الأطفال”.
وبين الجزيري في تغريدة له أن الحاج علي الجابر هو من أشهر الشخصيات المرتبطة بالقرقيعانة، فهو يجهزها من عذوق النخيل.
ويذكر الجزيري أن علي الجابر نجار متقاعد رجع للنخلة، ومايرتبط بها من إنشاء غرف وأسقف ثراثية من السعف ومن عصي السعف للمزارع والمنتجعات. وفي موسم القرقيعان يجهز الجابر مجموعة من القرقيعانات، وقد أهدى إحداهن للشاعر محمد الجلواح الذي أخرجها من جيبه ليكمل بها أهزوجة القرقيعان في احتفال القرقيعان بمجلس أسرة العلي بالقارة، وقد وقف أبو جلواح مذكرًا أجيال الخمسينات والستينات بِاحتفالهم عندما كانوا صغارًا بأهزوجة القرقيعان وقرقيعانة النخيل.
ويبدي الجزيري اعتداده بالنخلة هذه الشجرة المحلية المباركة، فيقول بأنهامصدر غذاء متعدد، ومادة بناء ودفء، وموقد طبخ وألعاب أطفال، وفي رمضان منها التمر للإفطار، والدبس للقيمات، ومن عذوق نبتها المبارك تُصنع القرقيعانة للأطفال.
ويتحدث الجزيري عن منشأ القرقيعان ومعناه، فيذكر أن اللفظ يعود إلى معنيين؛ الأول: أن معنى القرقيعان من قرع الأبواب، ففي هذه المناسبة يحتفل الأطفال ويطرقون أبواب منازل الجيران والأقارب، للحصول على الحلويات لذلك سمي القرقيعان
والثاني: ومن قرة عين قرة عين، وهو نشيد صدح به أطفال المدينة المنورة بمناسبة مولد الإمام الحسن، فالأطفال هم قرة عين الإنسان.
ويعد القرقيعان مناسبة تقليدية وتراثية سنوية خاصة بالأطفال، يحتفل بها في المنتصف من شهر رمضان في منطقة الخليج العربي، وتعرف بهذا الاسم في الكويت والسعودية، ولاسيما المنطقة الشرقية، وفي البصرة جنوب العراق، وفي الأحواز، وتعرف بلفظ قرقاعون في البحرين، وقرنقعوه في قطر، والقرنقشوه في عمان، بينما تعرف في بغداد بلفظ ما جينا.
وعن ذكريات القرقيعان في أيام طفولته يقول الجزيري إن الأطفال ينطلقون من عصر اليوم الرابع عشر، ويواصلون الجولة الثانية بعد إفطارهم بأذان المغرب يبدؤون في التجمع والسير حاملين حول أعناقهم أكياسًا قماشية أو سلالًا من الخوص ويرددون الأهازيج والأناشيد الشعبية، ويمرون على البيوت لتجميع المكسرات والحلوى من أهل الأحياء الشعبية، ومن الأهازيج والأناشيد التي يرددونها: قرقع قرقع قرقيعان وغيرها.
وأضاف الجزيري: أتذكر وقتها أن هناك حلوى خاصة تعملها بعض الأمهات في المنزل لهذه المناسبة تسمى (بالألواح) وهي قطع حلوى تطبخ من الرز الحساوي، ويضاف لها الزبد ودبس التمر، وتجهز في صواني مثل صواني الكنافة الحالية، وتقطع وتقدم بنفس طريقة الكنافة. تقدم للكبار والصغار ويتهاداها الجيران حيث لا يقوم الكل بتجهيزها وإعدادها.
*أبو جلواح يوقع على القرقيعانة