أقلام

دروس وعِبر من قضيّة جوني ديب وآمبر هيرد.. !

علي خضر غاشي

تتمثّل فكرة القضاء الرئيسة في إيجاد جناح للسلطة، للفصل في منازعات النّاس المتعلقة بشؤون حياتهم، ولكن شيئًا من لحظات القضاء يتحرر من طابع الخصوصيّة ليعكس مشهدًا مؤثّرًا على العموم الإنساني، تمامًا كما هي محاكمة عالم الفلك جاليليو، أو الفيلسوف اليوناني سقراط.

في زماننا المعاصر، يمكن أن تشكّل لنا قضيّة جوني وأمبر مؤشرًا معياريًّا حول زخم العالم الورقي الذي نعيش فيه.
بصفتي طالبًا في كليّة الحقوق، اهتممت بملاحظة سياقات وزوايا هذه القضيّة التي شغلت أذهان الجماهير، ولقيت رواجًا إعلاميًّا منقطع النظير، ولكنّ الأهم من التحيز لآمبر أو التعاطف مع جوني، كيف يمكن أن نستلهم واقع العالَم المشغول بالتفكير في النزاع بين فنّانيْ هوليوود؟!

أولًا: الفنّان ليس قُدوة
فلماذا هذه القضيّة بدلًا من كلّ قضيّة؟ ولماذا لا يسارع الناس للاهتمام بالحق المهدور على وجه البسيطة، حيث الفقر والحرب والجوع، ببساطة، لأننا اعتدنا أن نعطي الصدارة للصورة على المضمون.

الجيّد أنّ ملابسات هذه القضيّة، كشفت لنا بوضوح أنّ الفنان أو المُبدع ” المشهور ” ليس قدوة دائمًا، مما يفترض بمجتمع العقلاء أن يبتعد عن ” ترميز التافهين ” وتقديمهم كمنظرين في الإصلاح الاجتماعي، ما معنى أن تستعير من فنّان أو سنابرز مبادئ وقيم حياتك! لقد مرّ الزمن وكشف لنا كم من المصائب تخفي حياة من نتقمّص أدوارهم، إنها مسرحيّة فاشلة من المثاليّة مفضوحة الكواليس.

ثانيًا: الأسرة في الغرب
نواة ميّتة للمجتمع نتيجتها فردانيّة مطبقة، مغادرة لكل طعم روحي وانجذاب أخلاقي. إنّ نواة المجتمع لا تتبلور إلا بالسمو عن المادّة والأنانيّة، هذه بالضبط خطوة ” الحداثة ” إلى الرأسماليّة. القائمة على محوريّة العمل والإنتاج والمال في مقابل محوريّة الإنسان والمشاعر والأخلاق « الممتدة من محوريّة الله ».

ثالثًا: ماكنة إعلام تجارية
يافطة برّاقة “حريّة “،”حقوق “، ” المرأة “، “الإنسان “، وراءها حقيقة وحشيّة ” استغلال “،” دجل”، ” خداع “. من أجل توجيه الرأي العام الإنساني إلى التفاهة والغباء، واستغلاله في غفلة عن مطامحه الكبرى التي لا تناسب الاستبداد الكوني.

رابعًا: بطلان الانحياز
الإفراط في كل شيء مذموم، ولربما هو غير مذموم في شيء واحد هو القيمة الإعلائيّة لـ ” العدل “، الحكم في القضايا دون تأمّل ونظر لصالح أي طرف على طرف آخر تعسّف وشطط، الحق ليس دائمًا مع ” المرأة ” على الرجل، ولا مع ” الأقلية ” على الأكثريّة، ولا مع ” الوافد ” على المواطن، ولا مع ” العامل ” على صاحب العمل.
الحق له قانونه الكلّي الذي لا يتم إلا بقياسه معياريًّا بدقّة الأمانة ورصانة عدم الانحياز.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى