من مقلتيهما توضأ الأجلُ
رباب حسين النمر
حمامتان نفضتا ريشهما الأبيض إيذانًا بالرحيل في أيام حج الله الأكبر ..
إلى فاقدي (أسماء) و(بتلاء)
أهدي هذا الاحتراق
ما بالُ عينيّ منها الدمعُ ينهملُ
كالغيثِ محترقًا، والروحُ تشتعلُ
ما بالها الدمامُ الحزنُ ألبسَها
ثوبَ السوادِ، ولونُ الكربِ ينسدلُ
تبكي العنودُ سحابَ الثُّكلِ مكتويًا
وتغرفُ الجمرَ من آهاتِها المُقلُ
هزِّ المصابُ جذوعَ الصبرِ نازفةً
وكلُّ شاهقةٍ بالخطبِ تنجدلُ
للفقدِ طافت بها الأيامُ قافلةً
نحو الرحيلِ ويا لَلهِ من رحلوا..
كالشمسِ قد وضَّأت وجهَ النهارِ ضُحى
من نورِ بهجتِها يدنو فيغتسلُ
ثم انطوتْ -أسفًا – والكسفُ جللَّها
فلا هنا قمرٌ، ولا هنا زحلُ
لبَّت بمبسمها الفياضِ إشراقًا
مع الحجيجِ، وبالإحرام تبتهلُ
وطافَ موكبُها بين القبورِ وقد
زُفّّت إلى جدثٍ، والركبُ مُرتحِلُ
وزُيّّنت من بياضِ الروحِ مقلتَها
وعرسُها كفنٌ يُطوى، ومُغتَسلُ
حمامةٌ غمست في الطُّهرِ أجنحةً..
لما توضأ من أنوارِها الأجلُ..
وجنَّةٌ هبطت للأرضِ، داليةٌ
بين القطوفٍ، فيا لهفي لمن ذَبَلوا..
من لليتامى إذا ما الفقدُ ضيَعها؟
والليلُ حاصرها؟ فخطبُها جللُ ..
وجمعةٌ فقدت خشوعَ ناصيةٍ
كانت بسجدتِها الأرجاءُ تكتحلُ
كم لهفةٍ حضنت؟ وحاجةٍ سَنَدَت؟
ودمعةٍ كفكفت؟ يا نُبلَ ما نَهلوا!
وأنفسٌ بين (أسما) هرولت ألمًا
وبين (بتلا) سعت، والحجُّ مكتملُ..
يا رب فاقبل قرابين الرضا، فَلَنَا
في فيضِ جودِك من بحرِ الرجا أملُ ..
…
الفاتحة لروح
– أسماء حسين العبد الله النمر
– بتلاء علي المحمد صالح