عراقي يكتب بكلتا يديه في آن واحد
بشائر: الدمام
خالف الكاتب والخطاط العراقي مصطفى سعيد المألوف بموهبة تعدّ نادرة وغريبة إلى حدٍ ما، بامتلاكه البراعة في الكتابة باستخدام اليدين اليُمنى واليسرى في نفس الوقت.
وتكمن قدرته في الكتابة بكلتا يديه باتجاهين متساوين ومُتعاكسين في آنٍ واحد، مُعتمدا في ذلك على موهبته وخبرته في عالم الكتابة الذي يُمارسه منذ عدّة عقود. والكتابة بكلتا اليدين (ambidextrous people) صفة لا تتوافر إلا للبارعين في استخدام هذه الموهبة.
طريقة “البطرفة”
ومما يزيد من ندرة موهبة سعيد (56 عاما) أنه يمتلك القدرة على الكتابة بما يعرف بطريقة “البطرفة” (boudtrophedon)، وهي الكتابة العكسية، بمعنى الكتابة من اليمين إلى اليسار عند الكتابة باللغة العربية، وكذلك الكتابة من اليسار إلى اليمين كما الحال باللغة الإنجليزية، ويُمكن قراءة ما يكتبه بشكل صحيح وسليم.
وتُشير إحصاءات شبه رسمية إلى أن حوالي 85-90% من الناس يستعملون يدهم اليمنى في المهام اليومية وتحديدا الكتابة، إلا أن الكاتب العراقي ليس من هذه النسبة، فهو يساري الكتابة، ويُمكنه استخدام يده اليمنى في الكتابة أيضا لكن بسرعة وتركيز أقل من يده اليُسرى.
بدأ سعيد الذي يعمل مدرسا ومديرا لإحدى المدارس في قضاء كلار التابع لمحافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق، ممارسة هوايته مع فنّ الخط منذ بداية الثمانينيات من القرن المنصرم، وبالإضافة إلى أنه يُمارس وظيفة التدريس، فإنه يعدّ من أبرز الكتّاب في الإقليم، فهو صاحب 14 كتابا ما بين التأليف والترجمة.
عمّق الخطاط العراقي قدرته على هذا الأسلوب في الكتابة من خلال المُمارسة المستمرة، وعوّد نفسه أن يكتب باتجاهين متساويين ومُتعاكسين في آنٍ واحد، إلا أنه يقول في حديثه للجزيرة نت إن سرعته وتركيزه عند الكتابة باليد اليُمنى تكون أبطأ من الكتابة باليد اليُسرى.
ويُشير إلى أنه عندما يكتب باليد اليُسرى يكون تركيزه 100%، وتكون جمالية وحركات الكتابة أجمل بكثير من الكتابة باليدين أو اليد اليُمنى تحديدا.
ومن الصُدف اللافتة في مسيرة هذا الخطاط، أنه كتب بخطّ يده حتى الآن 32 ألف صفحة، كانت حصيلتها 14 مؤلفا، وهو لا يُحبّذ استخدام الأساليب التكنولوجية الحديثة مثل الكتابة بالحاسوب أو ما شابهه، بالإضافة إلى أنه يجمع منذ عام 2007 الأقلام التي بدأ الكتابة بها، وقد جمع حتى اليوم 470 قلما بعد انتهاء أحبارها.
تهميش وإقصاء
ويُسمى هذا النوع من الكتابة بـ”فن المتناظر” أيضا، ويذكر سعيد أنه لا يعرف شخصا آخر يكتبُ بهذه الطريقة في الوطن العربي، سوى الخطاط المصري خضير بوسعيدي.
ويقول رئيس تجمع فرع السليمانية لخطاطي كردستان عمر سليم إن سعيد لو كان في مجتمع أو بلد آخر لكانت له مكانة وشهرة أكبر وأوسع من التي يمتلكها الآن على المستوى المحلي، ولاستفادت منه الجهات المعنية في فتح دورات لتعليم فنون الكتابة بهذا الأسلوب والاستفادة من خبراته.
ويتساءل سليم عن أسباب تهميش وإقصاء مثل هذه المواهب من الساحة الإعلامية، وعدم إعطائها حقها الكافي مثل غيرها، سواء على مستوى الظهور أو المستوى المعنوي.
غياب عن المسابقات
أمّا الصحافي دانا لطيف، فيرى أن عدم مشاركة مصطفى سعيد في المسابقات والمهرجانات الدولية تعد من أبرز الأسباب التي تقف وراء عدم الاهتمام بموهبته حتى الآن، سواء داخل العراق أو خارجه.