الشيخ البناء يحذر من تأثير الإعلام على تحرير بهيمية الإنسان
رباب حسين النمر: الأحساء
ندد الشيخ هاني البناء بما يتجه إليه إنسان اليوم من التصفيق للحرية البهيمية في مقابل تجاهل العقل، وما يحاولون إشاعته من نكاح الشذوذ ونكاح البهائم. مبينًا أن الإسلام لا يخاف من الفكر الحق، ولكنه لا يسمح بهيمنة الغرائز على العقل، بل قيد الغريزة لأن الإنسان بعقله، وليس بغرائزه.
وأشار إلى أن الإعلام يلعب على وتر الحرية، فيجعل منها عنوانًا جميلًا يطلقونه على تحرير بهيمية الإنسان، ويرون أن التقدم والنهوض لا يتم إلا برفض عبودية الله.
جاء ذلك في حديث البناء في الليلة الثانية من محرم في محاضرته اللتي جاءت بعنوان ( تأثير الإعلام على الأبناء/هوليوود- الإنمي)
واستهل حديثه بالآية الكريمة: (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ) سورة عبس (24) مبينًا أن من تأويلات طعامه (علمه الذي يأخذه) ومعرجًا على ذكر الإعلام، فقال إنه (عملية تواصلية يتم من خلالها حصول مدخلات ومخرجات، حيث تدخل إلى الذهن أفكار من الإعلام وتحرك المشاعر والقناعات.
ونحن اليوم نصغي للإعلام الذي يضر، وقد يزعم أحدهم بأنه لا يتأثر. ولكن الحقيقة أن عدم التأثر يحتاج لمقومات لا تتوافر بسهولة)
وأضاف (الإعلام اليوم ليس عبثيًّا، ومن يملك ماكنة الإعلام لديه خبراء ونفسانيون يخططون لصياغة المادة الإعلامية بحيث يصدقها الناس، وهو يبنى على دراسات وليس هملًا.)
وعرض البناء في حديثه عناصر الرسالة الإعلامية ( الرسالة الإعلامية، والمرسل، والمتلقي، ووسيلة إيصال الفكرة) مؤكدًا على الخبرات الإعلامية وانطلاقها من دراسات طويلة ولذلك
“فلإعلام يجعل الظالم مظلومًا، والمظلوم ظالمًا، ويجعل الهراء حقائق، ويجعل الحقائق هراء ودعاوى، بالتالي فالمتلقي غير المؤهل أو الذي يشك بأنه مؤهل ينصح بالاجتناب.
ويحرم الفقهاء كتب الظلال لأنها أشبه بإنسان غير محصن يجلس إلى مصابين بأمراض معدية-، فعندما نمنعه فنحن لا نقيد حريته، بل نحميه” ملفتًا إلى أن “اليوم الفن هو الذي يصيب عقول الناس”.
ثم شرح البناء على طاولة البحث الأمور التي تؤثر في سرعة التقبل للمتلقين مثل:
١- المتغيرات البيئية، والظروف المحيطة التي تجعل المتلقي يصدق أية شائعة بسرعة.
٢- متغيرات الجمهور، ومن يرغب في السيطرة عليه الناس يجعل عقولهم ضحلة،
ومتخلفة جدًا.
٣- متغيرات التفاعل، ودور العقل الجمعي في سرعة الاستجابة للفكرة.
٥- متغيرات وسيلة الإعلام: والتركيز على الأفلام والمسلسلات.
٦- محتوى الرسالة الجاذب للجماهير، فالفكرة والعنوان تجذب الجمهور،وإذا جذب العنوان فسوف يلتفت الجمهور للمحتوى.
وعن تأثير المسلسلات استشهد البناء بقول حسن عباسي الأستاذ في العلوم الإستراتيجية، بشأن كيفية تشكل المجتمع وبناء الحضارة من خلال الأفكار:
(إن صناعة الحضارات والمجتمعات تتركز على رسم خريطة لها، وفي هذه الأيام فإن العامل الرئيس لرسم هذه الخرائط يكمن في مضامين المسلسلات، وبشكل أخص في الأفلام.
لقد مضى ذلك الزمان الذي كان الفلاسفة فيه يكتبون كتبًا لإعداد المجتمعات، إذ تحول أسلوب الفلاسفة إلى ما يشبه أسلوب المخرجين أو الممثلين أو كتاب السيناريوهات، ففي الواقع إن الرائدين في مجال إعداد حضارة المجتمع هم الممثلون والفنانون في ساحة التمثيل اليوم). واستشهد البناي بقول الباحث ألكسن صاري بشان
تاثر الجمهور بالخيال الذي يشاهدونه، حيث يقول الباحث:
(في دماغ الإنسان طبقتان عليا وسفلى، ويتم استغباء البشر عبر مشاهدة التلفزيون بصورة أخرى من خلال إلغاء نشاطات الطبقة العليا في الدماغ، أي القشرة المخية الحديثة، وتحفيز الجهات السفلى في الدماغ، أي الجهاز الحوفي، وهذا المشروع يسمى بدماغ الزواحف، لأنه( القسم السفلي من الدماغ) يرتبط بردود الأفعال البدائية للحيوانات الزاحفة كالمواجهة والهروب، لأن دماغ الزواحف ليس لديه القدرة على تمييز الصور الحقيقية من الصور المجازية أو المزيفة، ونتيجة لذلك فإننا نعرف أن ما نشاهده من أفلام هو مجرد أفلام. أما في العقل الباطن اللاوعي فإننا نؤمن بأن ما نراه حقيقة)
وأضاف موضحًا: (فإننا نؤمن بأن ما يراه الوعي حقيقة، وعندما نشاهد إعلانًا ترويجيًّا عن بضاعة معينة نعرف أن المنتجين المصنعين لهذه البضاعة يريدون من خلال الإعلان تصريف بضاعتهم، ولكننا في الوقت نفسه لا نشعر بالراحة حتى نشتري تلك البضاعة، وإلا فإننا سنشعر في أعماقنا بالنقص، لأن تأثير الإعلان قوي يعمل على أعمق محطات ردود الأفعال لدى الإنسان.
فدماغ الزواحف يجعلنا طيعين أمام منتجي البرامج، ومن هنا يتأتى لهؤلاء أن يستخدموا قدراتنا العاطفية لأجل السيطرة على عقولنا. وفي العادة لا نستطيع أن نكتشف كيف يسيروننا بواسطة العقل الباطن).
وعرج البناء على تناول أفلام هوليوود وتاثيرها السام، وبين بانه لا يوجد فيلم يقدم شرًّا مطلقًا، لأن المشاهد يرفض تلقي الشر المطلق، ولكن الباطل يغلف بغلاف الحق، والضار يغلف بغلاف النافع،
ولذا لابد من دس المنفعة حتى نُخدَع. ولكن ليس المعيار وجود المنفعة، بل غلبة المنافع، وأما إذا كان الضرر خطيرًا يغلب فذلك محرم.
فلسنا في صدد القول أن من إيجابيات الأفلام التسلية والترفيه، والتعرف على الثقافة الأمريكية، واكتساب اللغة الإنجليزية باللكنة الأمريكية. هذه فوائد تسويقية للأفلام، ولكنها أمام المفاسد والمخاطر لا تستحق المشاهدة.
واستشهد بدراسة للدكتور حيدر محمد الكعبي رصد خلالها أفلام هوليوود لمدة ١٥ سنة، (من ٢٠٠٠-٢٠١٥) وأطلق عليها عنوان (هوليوود تستهدف الدين)، ذاكرًا *ملاحظاته من خلال ما شاهده* أن هذه الأفلام تركز على المآسي التي تنتاب البشر، فتوصل توصل رسالة للمشاهد بأن هذه البلاءات والمآسي تدلل على أن خالقه عبثي، وأنها تشجع على التحرر الفكري، وما ترتب عليه من الشذوذ وبهيمية الغرائز، والتركيز على تفسير نشوء الحياة بنظرية دارون،
وتركز على نظرية الانفجار الكبير، وتجعل من التطرف صبغة دينية، مثل اللحية الطويلة التي توحي لا شعوريًّا بالإرهاب، لأن المسلسل الفلاني غذاك دون أن تشعر بهذا الإحساس والاتجاه، وتصوير الدين على أنه تطرف، وتجعل من الظواهر الغيبية وكأنها أمور مادية، فتصور الملائكة والجن والشياطين والجنة والنار بشكل مادي وليس غيبيًّا، لأنهم يخلدون إلى الأرض، وليس لديهم إلا التجربة التي تجري على المادة، وهم يعدون هذه الأمور الغيبية في حياتهم مجسمات، ويخلقون ثقافة أنه لا يوجد خير محض ولا شر محظ، كذلك الإله ليس خير محض، والشيطان ليس شر محض بل قد يكون نافعًا،
و الترويج لمحورية الدنيا، ولا وجود للآخرة، مع استخدام الكوميديا للسخرية من المقدسات، كالسخرية من الملائكة، ومن الإله، والاعتماد في هذه الأفلام على الثقافة الدينية التوراتية الإنجيلية المزورة، وبالتالي فهم يتقولون على الله وعلى المسيح بصور مشوهة،
ويصوغون الدين بطريقة ثلاثية ويجعلون الله ثالث ثلاثة.
ويختم البناء محاضرته بالإشارة إلى أن استثمار الإعلام لضرب الدين ليس بجديد، فمن أكبر الموازين التي قلبت الحقائق في زمن الحسين (ع) هو الإعلام الذي كان يتحرك لما يلي:
١- منع ذكر علي (ع) وآل علي بأي مدح. واستبعاد الحق، ومدح الطلقاء وأبناء الطلقاء.
٢- تفتيت المجتمع حيث يرسل لهم من يقول شعرًا يحرك فيهم الأوس على الخزرج والخزرج على الأوس.
٣- في حركة مسلم الإعلام يروج لقدوم جيش الشام، وزيادة العطاء، ويأتي بأكاذيب ليست واقعية.
لذا استطاع تغيير مجريات الأحداث.