المشاجرة يستعرض أهم القراءات المنبثقة من تلقي السردية الحسينية
رباب حسين النمر: الدمام
(لم تحدثنا كتب التاريخ عن ناهض متحرك يعلم بمصيره يقينًا كما كان الحسين عليه السلام، إلا أن هذه النهضة لا تزال إلى يومنا تضجبالوهج والنور والعطاء)
بهذه العبارة انطلق سماحة الشيخ إسماعيل المشاجرة في خطابه ليلة العاشر من المحرم بمسجد الٱمام الباقر في دولة الكويت، متناولًاالقراءات المتعددة لنهضة الحسين (ع) في كربلاء، عبر خطبته بمكة [لن تشذّ عن رسول الله لحُمته، بل هي مجموعة له في حظيرة القدس تقرّبهم عينه وينجز بهم وعدُهُ، من كان باذلًا فينا مُهجتهُ ومُوَطنًا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإنني راحل مصبحًا إن شاء الله] مبينًا مشروعحركته بكل وضوح، حيث أطلقه في محفل الحجيج العام.
ثم استعرض المشاجرة أهم القراءات المنبثقة من تلقي السردية الحسينية، وما يتعلق بها من نهضته المباركة، ذكر منها:
القراءة التاريخية: التي ترى النهضة الحسينية حدثًا تاريخيًّا عابرًا عام ٦١للهجرة، حيث سارت الأمور وانتهت بمقتل الحسين (ع) وأصحابهوجملة من أهل بيته.
وقد حزنت الأمة على مقتله لأنه البقية الباقية من آل رسول الله (ص) بعد وفاة النبي وفاطمة، واستشهاد علي والحسن. فلما فقدت الأمةحسينًا شعرت بحرارة الفقد لأولئك بأجمعهم.
وبين المشاجرة أنها قراءة فاترة باردة، لم يكلف قارئها نفسه عناء التأمل والتدقيق، وأن هذه نظرة تقليل وتحجيم لعاشوراء والغرض منهالتهوين، فالمقتول هو ابن بنت النبي صلى الله عليه وآله، ولم يقتل قتلًا معتادًا، وأن ما جرى في كربلاء هو مشروع إبادة للحسين وآلالحسين، حيث قتل هو وأصحابه وأهل بيته وأطفاله، وتعرضت بنيّاته للسحق تحت حوافر الخيل.
وتناول المشاجرة بالعرض والتحليل القراءة الطائفية أو المذهبية، والقراءة الإسلامية، والقراءة الإنسانية، والقراءة التي تعده امتدادًا للنبوة،والقراءة الكونية.
وفي أثناء استعراضه، لفت المشاجرة إلى القيم العليا التي رفعها الإمام الحسين وأصَّل لها في حركته وقدمها لكل البشر، فقال:
(يؤمنون بهذه القيم التي نادى بها الإمام الحسين سلام الله عليه، فقد نادى بالعدالة وبالمساواة بالحرية وبالكرامة والإباء،
ولهذا كل من قرأ الإمام الحسين وقرأ حركته ونهضته من سائر أحرار الأرض انجذب إلى نور الإمام الحسين سلام الله عليه، ورفع الإمامالحسين شعارًا له) وذكر منهم من حضر كربلاء ومن لم يحضرها، مثل: المهاتما غاندي الهندوسي، والمسيحي(أنطوان بارا)، والمستشرقالفرنسي (لويس مايسون).
واستقطبت عاشوراء العربيان: حبيب بن مظاهر ومسلم بن عوسجة، والأفريقي جون مولى أبي ذر الغفاري، والتركي واضح مولى الإمامالحسين وخادمه، والنصراني وهب بن حباب الكلبي، والصحابي الشيخ الكبير أنس بن الحارث الكاهلي، والشاب الصغير عمرو بن جنادةالأنصاري، ليصل إلى أن مدرسة الإمام الحسين سلام الله لم تقتصر على الدائرة الإسلامية، وإنما امتدت لتتناول كل الأطياف والألوانالأخرى.
وختم المشاجرة خطابه بالإشارة إلى القراءة الكونية وتحليلها، وأن حركة الإمام الحسين ونهضته كونية
تجاوب لها الكون برمته. مستشهدًا ببعض النصوص الدينية، مثل قول أمير المؤمنين (ع) (ما بكت السماء والأرض على أحد بعد يحيى بنزكريا إلا على الحسين بن علي)، ومستنتجًا إن شهادة الحسين أعظم من أن تكون حدثًا أمميًّا أو حدثًا ٱنسانيًّا، ولذلك نرى هذه الجاذبيةالعظيمة للإمام الحسين (ع)، وتتجدد هذه الجاذبية وهذه الحرارة مع هذه الفاصلة الزمنية البعيدة بمجرد أن يهل شهر المحرم.