خطاب حسيني بلغة الإشارة يشعل الشمعة الثالثة عشرة
رباب حسين النمر: الأحساء
يسمعون بقلوبهم، ويفهمون بلغة الإشارة، ويتحدثون بصمت. يتفاعلون فتنحدر الدموع ساخنة على وجناتهم، ويتابعون الخطيب الحسيني بتأثر واضح، ويتلقون السردية الحسينية بشغف.
استقطبتهم الحسينية العلوية بالجبيل في مبادرة سابقة من نوعها، بتوجه إنساني يهدف إلى إشراك فئة الصم والبكم في الحضور، ويعمد إلى دمجهم بكافة الجماهير، واستقبالهم هذا العام للمرة الثالثة عشرة على التوالي.
وعن انطلاقة الحسينية في هذا التوجه، وبدايات الفكرة والتأسيس قال فارس العمراني:
” انطلقت بداية فكرة استقبال فئة الصم والبكم عام ١٤١٨ للهجرة في حسينية الزهراء بالرميلة، وكان المشرف ومترجم إشارات الصم والبكم الذي تولى الترجمة هو محمد الحنون، من الرميلة.
ثم بدأت مرحلة التنقل إلى أكثر من حسينية، مثل الحسينية العباسية والحسينية الفاطمية بالرميلة اللتان استضافتا الصم من بدايات الأيام الحسينية بعد حسينية الزهراء وانطلاق الترجمة مع الخطبة اليومية.
وحدث بعد هذه المرحلة تواصل مع إدارة الحسينية العلوية على حضور فئة الصم والبكم، وكان ذلك حوالي ١٥ عامًا (من عام ١٤٢٩للهجرة على وجه التقريب)، وقد رحبت إدارة الحسينية بحضورهم ووفرت لهم نقلًا مباشرًا، وجهاز تصوير خاص، وشاشات خاصة لنقل الترجمة إلى قاعة النساء، واستمر ذلك حتى هذا العام، مع التوقف فترة جائحة كورونا ( سنتين) بسب محدودية عدد الحضور المسموح به، فلم يكن هناك مجال لاستضافتهم.
ومنذ عام ١٤٢٩ للهجرة بدأ الأخوة والأخوات من هذه الفئة العزيزة يترددون على الحسينية العلوية في جميع المناسبات والمواسم الدينية من احتفالات ووفيات، باستثناء شهر رمضان المبارك، بسبب شغل المكان ببرامج نسائية.
ويعزى سبب اختيار الحسينية العلوية لتنفيذ هذه الفكرة، ما يتوافر بها من مميزات مهمة من وجهة نظرهم، أهمها: موقعها المتوسط بالأحساء، فهي قريبة من القرى كافة ومن المدن الأحسائية، ولاتساع مساحتها المكانية في كلا القاعتين: الرجالية والنسائية، وتوافر مواقف السيارات.
والشكر للأخوة الصم الذين أتاحوا لنا فرصة خدمتهم فهم لحمة المجتمع، وعلينا واجب دمجهم في المجتمع لينتج عن ذلك التلاؤم والتحاب، ومحو الطبقية بين هذه الفئة وكافة أفراد المجتمع.
وتلافيًا للازدحام في شهر محرم الحرام نخصص لهم مكان ويتواجد فيه غيرهم من أبناء المجتمع. أما بقية المناسبات الدينية فيتواجدون دون فصل مع الجمهور عامة”.
وعن المترجمين المتعاونين مع الحسينية العلوية قال العمراني: ” المترجمون في الأحساء ثلاثة، هم: سيد نجيب العلي، ومحمد الحنون، وياسر الرقة”.
وحول حضور الصم والبكم في المأتم تشير إدارة الحسينية العلوية إلى أن الٱخوة من فئة الصم والبكم عند حضورهم للحسينية متعاونون جدًّا والتعامل معهم سلس، يبدأ بالاستقبال والترحيب والتوجيه.
ويؤخذ بعين الاعتبار أن تكرار حضورهم للحسينية أكسب الكوادر مهارة تعلم لغة الإشارة وحفظ بعض الكلمات للتعامل معهم.
وعن ردود الأفعال المختلفة لحضورهم علقت الإدارة بقولها: ” في البداية كان تواجدهم محل استغراب من الحضور، وأن شخص ( المترجم) يتحدث بلغة الإشارة ليوصل المعلومة للاخوة الصم و البكم، وكان يشتت انتباه المستمعين بهؤلاء الضيوف الجدد.
ومع مرور الوقت اندمجوا معهم، وكانت فرصة للبعض أن يتعلموا لغة الاشارة ويتعرفوا على تفاصيلها”.
وعن خطوة الانتقال من كونهم متلقين في الحسينية إلى جعلهم فاعلين يقول مترجم لغة الإشارة محمد الحنون:
“لا تقصر هذه الفئة العزيزة في خدمة آل البيت عليهم السلام . بإمكانهم كبداية لمرحلة إشراكهم كفاعلين من الممكن تعيين أربعة أشخاص لتوزيع المشروبات والبركة داخل الحسينية في القسم المخصص لهم.
ثم يمكن توسيع النطاق بجعلهم يتولون مهمة التوزيعات لكافة جمهور الحسينية قبل القراءة، أو المشاركة في النواحي التنظيمية لتوزيع أكياس الأحذية، أو تخصيص جزء من مواقف السيارات لفئة الصم يقومون هم بإدارتها.”
ومن المأمول أن تنحو بقية الحسينيات في المنطقة هذا النحو، وتسير على النهج ذاته.