أقلام

الشيخ صنقور ونقد المشهورات المنبريّة

السيد أمير العلي

يشكّل دخول سماحة العلّامة الشيخ محمّد صنقور عالم نقد الموروث المتداول في تفاصيل واقعة كربلاء علامة فارقة في الخطاب الدينيّ المعاصر في العالم العربيّ، ولا أراني مبالغًا في توصيف المشهد، إذا لاحظنا عدّة أمور، هي:

١- المكانة العلميّة العالية والحضور الحوزويّ الوازن، الذي أعطى سماحته مصداقيّة، تجعل لكلمته قيمة تختلف عن كلمات غيره.

٢- انتماؤه لبيئة المنبر الحسينيّ في البحرين، وهو منبر معروف بالتركيز إلى حدّ كبير على جانب المأساة، وتصويرها شعريًّا بنحو تفصيليّ، وأدائها بفنّ النعي الشجيّ، الذي يجعلها راسخة في ذاكرة الأجيال.

٣- هبّة مجموعة من علماء ورموز البحرين للتعبير عن احترامهم لشخصيّته الفاضلة، وترجيحهم لحريّة التعبير عن الرأي العلميّ، أمام حملة المواجهة غير المنصفة التي قام بها بعض الخطباء أو ما يعرفون بالملالي، ضدّ ما طرحه الشيخ من آراء نقديّة، ممّا غيّر طبيعة المعادلة المتوقّعة؛ حيث أدّت في فترات ماضية إلى تخويف العلماء والباحثين، من الإدلاء بما يصلون إليه من نتائج مخالفة للسائد في ذهنيّات الجماهير.

٤- استمراره منذ سنوات في هذا المسار، وشمول دائرة نقده وتوجيهه مساحات تتجاوز إثبات الأحداث التاريخيّة؛ فانتقد ووجّه توصياته فيما يرتبط بطرق عرض مبادى وشعارات ومصائب واقعة الطفّ، في المنابر والمواكب، وبإدارة المراكز والمؤسّسات والبرامج الحسينيّة، ودعا إلى تنويع أشكال الإحياء، وإلى تحمّل مختلف أفراد ونخب وطبقات المجتمع مسؤوليّة نجاح الموسم العاشورائيّ كلّ عام.

٥- محافظة سماحته على هدوئه وتوازنه، رغم أنّه دخل منطقة خطر حسّاسة، وهذا ما أسهم في تقديم نموذج جميل للنقد العلميّ والاجتماعيّ الهادف.

ختامًا، إنّني إذ أدعو إلى قراءة ومتابعة تجربة سماحة الشيخ صنقور في هذا المجال، لا أجدني بحاجة إلى التأكيد على أنّ الإشادة بأيّ محاولة نقديّة لا تعني قبول جميع نتائجها، ولا جميع أدواتها، وأرجو أن تتكلّل جهود سماحته بالنجاح، كخطوات في مسار يمتدّ، إلى تحقيق الأهداف والطموحات الكبيرة، في تكوين وعيٍ دينيّ شامل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى