الشيخ اليوسف: ضرب الزوجة أو إهانتها أمر شائن ومحرم
وأضاف: من علامات سوء الخُلُق: اعتلال النفس، وضيق الصدر، وشدة العصبية والتعصب، وسرعة الغضب والهيجان، وحدة المزاج، وخشونة الطبع، وفظاظة التعامل مع الآخرين.
وأوضح أنه كما تمرض الأجسام وتظهر عليها علامات الاعتلال والمرض من شحوب في الوجه، وضعف في الجسم، وهزال في الهيئة؛ كذلك تمرض الأنفس وتبدو عليها علائم الاعتلال الأخلاقي من تصرفات شائنة، وصفات مذمومة، وأفعال سيئة؛ ولكنها قابلها للعلاج عبر ترويض النفس وتهذيبها تماماً كقابلية الأجسام للمعالجة والاستشفاء، وإن كانت معالجة النفس أشد وأصعب من معالجة البدن.
وبيّن أن أخلاق الإنسان تعبّر عن الطباع والصفات والسمات والخصال التي يتصف بها، والتي تُلازم أقواله وأفعاله وسلوكه، بحيث إنّ أي قول أو فعل أو سلوك يصدر منه يكون معبّراً عن صفة من صفاته الأخلاقية، فمثلاً من كان متّصفاً بالعصبية، فإنّ أقواله التي يتفوه بها، وأفعاله التي تصدر منه، ومواقفه تجاه أي قضية ستكون مصبوغة بالعصبية والتعصب وعدم تقبُّل رأي الآخر ولو كان صواباً؛ وأما من كان متّصفاً باللين والرحمة والتسامح، فإنّه يعفو عن المسيء إليه ويصفح عنه، ولا يقابل الإساءة بالإساءة، بل بالإحسان.
واعتبر أن سوء الخُلُق مفتاح للذنوب، وهو منشأ لكثير من الأعمال الإجرامية والقبيحة والمحرمة، فصاحب الأخلاق السيئة يقترف الذنب تلو الآخر، فتراه يغتاب هذا، ويفتري على ذاك، ويسيء للآخرين من حوله.
وتابع: إن من أبرز الآثار السيئة لسوء الأخلاق هو وقوع الضرر على صاحبه، فيعذب نفسه بنفسه، لأن نفسه منه في تعب؛ كما أن صاحب الخُلُق السيئ يعيش في نكد وشقاء وتعاسة، فتراه مهموماً مغموماً، متنغص العيش، فلا يشعر براحة ولا اطمئنان نفسي بخلاف صاحب الأخلاق الحسنة فيعيش عيشة طيبة سعيدة.
وأكد على أن سوء الأخلاق من أهم أسباب فشل الحياة الزوجية والعائلية، فما ساد في بيت إلا وخرب، فحتى أقرب الناس إليه، وهم أهله وعائلته وأسرته لا يتحملون سيئ الخُلُق، ولذلك ورد النهي عن تزويج الشاب سيء الخلق، فقد ورد عن الحسين بن بشّار الواسطي قال: كَتَبتُ إلى أبِي الحَسَنِ الرِّضا : إنَّ لي قَرابَةً قَد خَطَبَ إلَيَّ وفي خُلُقِهِ شَيءٌ. فَقالَ: «لا تُزَوِّجهُ إن كانَ سَيِّئَ الخُلُقِ».
وذكر وصايا النبي بالتعامل مع العائلة بالأخلاق الحسنة، والعشرة الطيبة، فقد روي عنه أنه قال: «أقرَبُكُم مِنّي مَجلِساً يَومَ القِيامَةِ أحسَنُكُم خُلُقاً وخَيرُكُم لِأَهلِهِ» وعنه (صلى الله عليه وآله) قال: «أحسَنُ النّاسِ إيماناً أحسَنُهُم خُلُقاً وألطَفُهُم بِأَهلِهِ، وأنا ألطَفُكُم بِأَهلي».
كما أشار إلى حرمة إهانة الزوجة سواء من خلال الألفاظ النابية أو الأفعال العنفية كلطمها أو ضربها، وأن ذلك من الأمور المحرمة والمفسدة للحياة الزوجية.
ولفت إلى أن الناس تنفر من أصحاب الأخلاق السيئة وتبتعد عنه، وتتجنب مجالسته ومصاحبته حتى لا يبقى له صديق ولا رفيق، وأن سوء الخُلُق يثمر التباغض والتنافر والتباعد بينما حسن الخُلُق يثمر التآلف والتقارب والتوافق.
وأضاف: إن صاحب الأخلاق السيئة يكون منبوذاً اجتماعياً، وتقطع الناس علاقتهم به، ويعيش في عزلة لوحده، ويخسر أقرب الناس إليه؛ لأن طبيعة النفس الإنسانية تمقت المعاملة السيئة، وتنجذب إلى المعاملة الحسنة.
ودعا إلى معالجة سوء الخُلُق لأن أمراض النفس قابلة للعلاج والتخلص منها بعد تشخيص مسبباتها ومعالجتها بما يناسبها، وسوء الأخلاق يمكن تعديله عبر ترويض النفس وتهذيبها، ومجاهدتها بمقاومة أهواء النفس ونزواتها، والتغلب على رذائل الأخلاق ومساوئها.
وأوضح أن الأخلاق الحسنة قابلة للاكتساب والاتصاف بها، وتعديل السلوك أمر ممكن مع مجاهدة النفس وتهذيبها، وترويضها على الأخلاق الحسنة.
وتابع: إن من طرق العلاج للأخلاق السيئة أيضاً: مجالسة أهل الأخلاق الحسنة ومصاحبتهم حتى يتأثر بهم؛ فالكائن الإنساني قابل للتأثر والتأثير، فمن يعاشر أهل الأخلاق المذمومة يتأثر بأخلاقهم، ومن يجالس أهل الأخلاق الفاضلة يتأثر بهم ولو بعد حين من الزمن.
وأشار إلى أن كثيراً من الأخلاق المذمومة ناتجة من عدم ضبط الانفعالات النفسية وعدم السيطرة على الأعصاب، فيغضب بسرعة، وينفعل بسرعة، ويتصرف من دون تفكير أو تريث مما يوقعه في ارتكاب أفعال مستنكرة شرعاً وعقلاً؛ ولتلافي ذلك ينبغي التدرب والتمرن على ضبط الأعصاب والانفعالات النفسية، والتحلي بالحلم والهدوء والتعقل، والتفكير العميق في كل قول أو فعل يصدر منه، والتغلب على كل نزوات الخُلُق السيئ حتى لا يصدر منه إلا الخُلُق الجميل والحسن، وكما قال الإمام الحسن : «إنّ أحسَنَ الحَسَنِ الخُلقُ الحَسَنُ».