رحلة العشق
علي الوباري
يبكي الصباح ولا تبتسم السماء بعد سقوط مرايا الوجوه فوق التراب، الشمس تحرس الأجساد والقمر في سمائه يرتل آيات التضحية والفداء. النجوم تعلن لبيت دعاء الله، فأعطاك الله من الناس هذا الهيام، والأقدام تعزف لك أنشودة الولاء والأفواه بصوت تعلن من هنا البداية والنهاية لليقين والاطمئنان.
اترك لروحك حرية الاشتياق، ودع قدميك تهرولان خلف آثار الجراح، افتح كفيك إلى السماء ما يزال شعاع الطف ينير الظلام، يمم وجهك إلى كربلاء فقد بدأت خطوات اللهفة إلى أربعينية الإباء، لا تحسب كلمات التوسل بشفتيك، انظر إلى قدميك كم علق بها من التراب يخصب النبات، ردد :يا ليتني كنت معك يوم الفداء، فالقلب يهمس متى بك اللقاء يا سيد الشهداء
في كل عام اشتاق لدربك يا حسين فقد طال الانتظار.
لم اسأل عن علامات الطريق فخريطة الاتجاهات ينبض بها قلبي، أزيحت ظلامات الدروب بضياء دعواتك منذ هممتُ المسير إلى محراب الشهادة.
أطياف البشر بقلوبها تزحف نحو محراب الأمان وألسنة تلهج بالدعاء ويزداد إيماني باستجابة حاجاتي لما فيه الخير لعمري.
كل قلب ينشد نقطة الالتقاء في القلوب..أسير وورود الشوق تفوح من أنفاس العاشقين، لا شجرة ضامرة ولا غصن متدلٍ، كل أوراق الأشجار تخضر بعد اصفرار الخريف.
أنامل تسبح دون توقف الأنفاس، السائرون هم النجاة إلى موطن الأنقاذ، بذور نثروها في طريق السلام ومن خلفي غبار ينتشر بين زهور الريحان، أمدُ يدي في ظلام الليل وتبزغ بيضاء حين أنشرها للدعاء، أتأمل طيفك يدثرني ويزيل هموم السنيين ويدفن ذنوب الأيام، تذكرت خيامًا مبعثرة في صحراء الصراخ، بقايا قماشها يهفهف على من يمر إلى درب إسعاف النجاة، زهدتُ كل متع الحياة إلا بمتعة اللقاء عند ضريح من سعى في الصلاح ورأى الموت سعادة من غير إصلاح، أناجيك وقلبي محترق من الفراق ومنذ ولادتي أحلم بتعفير الجبين في طاهر التراب.
طالما يراودني السؤال ما هذا الامتداد كل عام، ما أسباب لهفة الأفدة وتعانق الرقاب والأقدام تثير التراب؟ هل الكل عطاشى لمعين الإصلاح المنتهي بالسعادة؟ إنه السير في درب العترة إلى خيمة الكساء، إلى عبادة وسلوك خلاصته الفداء.
لن ينتهي مشوار المواكب إلى روح ما تزال ساكنة بتضحيتها لكل الأنام، اليدان قابضة مصحفًا، والثغر يتلو آيات التمام والكمال وآية الطهر والدعوة إلى الصلاح والإصلاح.