سايبور 3 أشهر عند أعلى مستوى منذ 14 عاما .. يتداول فوق 4 % للمرة الأولى في 2022
بشائر: الدمام
لفتت القفزات الكبيرة في مستويات أسعار الاقتراض بين البنوك السعودية أنظار العاملين في القطاع المالي خلال الأيام الماضية، عقب أحدث رفع للفائدة الأمريكية أواخر الشهر الماضي. وأصبح “سايبور ثلاثة أشهر” يتداول عند أعلى مستويات له منذ ما يقارب 14 عاما، الذي يعد بمنزلة مرجع تسعيري لقروض الأفراد والشركات القائمة على الفائدة المتغيرة.
وبات “سايبور ثلاثة أشهر” يتداول فوق 4 في المائة، للمرة الأولى هذا العام، وهو ما يعد حدثا ائتمانيا استثنائيا بعد رفع الاحتياطي الفيدرالي الفائدة. وأغلق “سايبور ثلاثة أشهر” بنهاية أيلول (سبتمبر) عند 4.11 في المائة، “ووفقا لرصد وحدة التقارير في صحيفة “الاقتصادية”، فإن آخر مره تجاوز هذه المستويات كان في أوائل نوفمبر 2008 “أي منذ 13 عاما و11 شهرا”.
يذكر أن “سايبور ثلاثة أشهر” هو أكثر مرجع تسعيري يستخدمه القطاع المصرفي مع القروض الخاصة بالقطاع الخاص. وفي الإطار ذاته، تضاعفت فائدة السايبور “لشهر واحد” بأكثر من خمس مرات “بنهاية سبتمبر” مقارنة بما كانت عليه مطلع العام الجاري. وقفزت معدلات سايبور “الشهر الواحد” من 0.70 في المائة، أوائل 2022 إلى 3.69 في المائة، بنهاية سبتمبر.
وبشكل عام، صعدت ثلاثة من آجال السايبور بنسبة راوحت بين 356 و427 في المائة، منذ بداية العام، مع العلم أن سايبور “ستة أشهر” أصبح يتداول عند 4.56 في المائة، وذلك بعد أن ارتفع بمقدار 359 نقطة أساس خلال تسعة أشهر من العام الجاري.
وتأتي الحركة الاستباقية لارتفاع أسعار السايبور في الوقت الذي يقوم فيه المتعاملون في سوق النقد السعودية بإعادة تسعير آجال السايبور الأربعة، وذلك بعد الأخذ في الحسبان عدد مرات رفع الفائدة الأمريكية خلال 2022. واعتمدت الصحيفة في تحليلاتها على بيانات منصة “ماكرو بوند”.
نمو الودائع المصرفية
نشرت “الاقتصادية” تحليلا في 3 يوليو 2022 أشارت فيه إلى أن أسعار الاقتراض بين البنوك السعودية بكل آجالها الأربعة تراجعت خلال يونيو، وذلك من أعلى قمة سجلتها في وقت سابق خلال النصف الأول. وجاء الانخفاض المفاجئ، حينها، “لآجال السايبور” بعد نمو الودائع المصرفية بشكل لافت في يونيو. وذكر حينها التحليل أنه لا توجد ضمانات بأنه لن تعاود أسعار السايبور صعودها مرة أخرى، وذلك بسبب الاجتماعات المجدولة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي “البنك المركزي الأمريكي”، التي من المرجح أن يتم رفع أسعار الفائدة فيها.
ومفعول الزيادة الاستثنائية في الودائع المصرفية ظهر مع معدلات السايبور بعد 22 يونيو الماضي، وذلك بانخفاضها “أي معدلات السايبور” على شكل تدريجي في ذلك الوقت.
الودائع عند أعلى معدل
سجلت الودائع الادخارية والآجلة لدى المصارف العاملة في السعودية أعلى نمو منذ أكتوبر 2016 بارتفاعها 22 في المائة بنهاية يونيو على أساس سنوي. وبحسب تقرير “الاقتصادية” المنشور في 7 أغسطس 2022، بلغت الودائع الادخارية والآجلة مستوى تاريخيا عند 542.9 مليار ريال، بزيادة سنوية بلغت 97.8 مليار ريال، أما على أساس شهري، فقد أضافت نحو 25.6 مليار ريال مقارنة بمايو بنمو 4.9 في المائة.
وتنقسم الودائع الآجلة والادخارية إلى ودائع الأفراد والشركات وكذلك ودائع الهيئات الحكومية، حيث تشكل الأولى نحو 50.05 في المائة من إجمالي الودائع الآجلة والادخارية في المصارف، مقابل 49.95 في المائة للهيئات والمؤسسات الحكومية.
وسجلت ودائع الأفراد والشركات نموا بلغ 20.3 في المائة على أساس سنوي بنهاية يونيو لتصل إلى 271.7 مليار ريال، في حين نمت الودائع للجهات الحكومية بنحو 23.7 في المائة، لتبلغ مستوى قياسيا عند 271.2 مليار ريال.
وخلال الربع الثاني زاد معدل النمو السنوي لودائع الأفراد والشركات الادخارية بشكل ملحوظ، ما يرجح ميل هذه الفئة إلى استغلال معدل الفائدة المرتفع على الودائع الادخارية.
قفزة بعد ركود
يذكر أن أسعار الفائدة بين البنوك السعودية قفزت بوتيرة قياسية خلال الربع الأول من العام وذلك بعد فترة ركود لمستويات السايبور خلال العامين الماضيين.
وبذلك تسجل مؤشرات فائدة الإقراض بين البنوك أسرع ارتفاعاتها السنوية منذ بداية العام الحالي، في مؤشر على إغلاق نافذة الاستدانة المتدنية التكلفة على الشركات والأفراد. وتأتي تحركات السايبور وسط توقعات المستثمرين بتشديد الاحتياطي الفيدرالي السياسة النقدية ورفع الفائدة مجددا. حيث من الطبيعي أن تتفاعل آجال السايبور الأربعة مع أي رفع فعلي للفائدة خلال هذا العام.
وبحكم ربط العملة السعودية بالدولار فإن المراقبين يولون اهتماما كبيرا بتحركات الليبور “سعر الفائدة المعروض بين البنوك في لندن” وبين قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي حول زيادة أسعار الفائدة التي ابتدأت مع مارس 2022.
وجاءت أسعار السايبور خلال العامين الماضيين لمصلحة قروض الشركات والقروض الشخصية والقروض العقارية وغيرها من القروض. حيث أسهمت بيئة الفائدة المتدنية في خفض دفعات القروض على المقترضين وفي تحفيز النشاط الاقتصادي.
الفائدة الثابتة
يعني تسعير أدوات الدين أو القروض بفائدة ثابتة أن المستثمر أو الجهة التمويلية يعرف حجم الفوائد، التي سيتسلمها خلال فترة معينة، وتميل الجهات المصدرة للصكوك نحو الفائدة الثابتة من أجل إغلاق lock in نسبة العائد الثابت خلال الأوقات، التي تكون فيها أسعار الفائدة منخفضة.
أما أدوات الدين أو القروض المسعرة بفائدة متحركة أو متغيرة فإنه يعاد تسعيرها، كل ثلاثة أو ستة أشهر، بحسب مؤشر القياس المستخدم. فعالميا يتم استخدام الفائدة المعروضة بين البنوك في لندن (الليبور)، إذ يعد “الليبور” نظير “السايبور” للفائدة المقومة بعملة الدولار.
وتم التوقف عن إصدار أدوات الدين السيادية بالفائدة المتغيرة في 2016 وتلك السندات المحلية مدرجة في البورصة المحلية لدى “تداول”.
«الفيدرالي» يرفع الفائدة
في 16 مارس 2022، وافق مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على رفع سعر الفائدة الرئيس بمقدار ربع نقطة مئوية “وكانت تلك الزيادة حينها أول زيادة منذ أكثر من ثلاثة أعوام”. وتوقع المجلس أن تكون الفائدة في نطاق من 1.75 و2 في المائة بحلول نهاية العام الجاري، دفعة إضافية لمعالجة التضخم المتصاعد، وذلك للحيلولة دون إعاقة النمو الاقتصادي.
وبعد رفع الفائدة من الفيدرالي، قرر البنك المركزي السعودي رفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء “الريبو” بمقدار 0.25 في المائة من 1 إلى 1.25 في المائة، كذلك رفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس “الريبو العكسي” بمقدار 0.25 في المائة من 0.5 إلى 0.75 في المائة. وجاء القرار بهدف المحافظة على الاستقرار النقدي ودعم استقرار القطاع المالي في ظل التطورات النقدية في الأسواق المحلية والعالمية.
وقرر “ساما” في الرابع من مايو 2022، رفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس “الريبو العكسي” من 75 نقطة أساس إلى 125 نقطة أساس، ورفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء “الريبو” من 125 نقطة أساس إلى 175 نقطة أساس. وذلك بعد قيام الفيدرالي الأمريكي برفع معدل الفائدة بـ50 نقطة أساس “في أكبر وتيرة زيادة للفائدة في عقدين من الزمن” إلى النطاق بين 0.75 في المائة، و1 في المائة. ويعد رفع الفائدة الذي تم في مايو ثاني تغيير لسعر الفائدة خلال العام الجاري.
وفي 15 يونيو، رفع “ساما” معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس “الريبو العكسي” بمقدار 50 نقطة أساس من 125 نقطة أساس إلى 175 نقطة أساس “إلى 1.75 في المائة”، ورفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء “الريبو” بمقدار 50 نقطة أساس من 175 نقطة أساس إلى 225 نقطة أساس “إلى 2.25 في المائة”.
وكان الفيدرالي الأمريكي قد قام في الوقت ذاته برفع معدل الفائدة بـ75 نقطة أساس إلى النطاق بين 1.5 في المائة، و1.75 في المائة، ويعد رفع يونيو ثالث تغيير لسعر الفائدة خلال العام الجاري بعد أن تم رفعه في مارس ومايو الماضيين.
وفي أواخر يوليو، قرر البنك المركزي السعودي، رفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس “الريبو العكسي” بمقدار 75 نقطة أساس من 175 نقطة أساس إلى 250 نقطة أساس “إلى 2.50 في المائة”، ورفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء “الريبو” بمقدار 75 نقطة أساس من 225 نقطة أساس إلى 300 نقطة أساس “إلى 3 في المائة”. يأتي ذلك بعد قيام الفيدرالي الأمريكي برفع معدل الفائدة بـ75 نقطة أساس إلى النطاق بين 1.75 في المائة، و2.50 في المائة.
وفي أواخر سبتمبر 2022، زاد البنك معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس “الريبو العكسي” بمقدار 75 نقطة أساس من 250 نقطة أساس إلى 325 نقطة أساس “إلى 3.25 في المائة”، ورفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء “الريبو” بمقدار 75 نقطة أساس من 300 نقطة أساس إلى 375 نقطة أساس “إلى 3.75 في المائة”.
وكان “الفيدرالي الأمريكي”، في الوقت ذاته قام برفع معدل الفائدة بـ75 نقطة أساس إلى النطاق بين 3 في المائة، و3.25 في المائة، مقارنة بمستواه السابق عند 2.25 في المائة، و2.50 في المائة. ويعد الرفع خامس تغيير لسعر الفائدة بعد أن تم رفعه في مارس ومايو ويونيو ويوليو.
فترة الفائدة المنخفضة
قبل الرفع الحالي للفائدة في 2022، خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة للمرة الثانية خلال أقل من أسبوعين في مارس 2020، في خطوة استثنائية جديدة لدعم اقتصاد الولايات المتحدة وسط جائحة فيروس كورونا الآخذة في التسارع في أنحاء العالم.
وقال البنك المركزي في بيان “إنه قرر خفض النطاق المستهدف لأسعار الفائدة إلى بين الصفر و0.25 في المائة”. وخفض مجلس الاحتياطي بالفعل أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية أثناء اجتماع عاجل في الثالث من مارس، في أول خفض خارج جدول اجتماعات السياسة العادي منذ الأزمة المالية في 2008.
وجاء رد “ساما” على خفض الفائدة الثاني من قبل الفيدرالي الأمريكي خلال آذار (مارس) عندما خفض “ساما” معدل إعادة الشراء من 1.75 في المائة إلى 1 في المائة ومعدل إعادة الشراء المعاكس من 1.25 في المائة إلى 0.50 في المائة، ويعد ذلك خامس خفض لأسعار الفائدة السعودية خلال ثمانية أشهر.
وقبل خفض الفائدة مرتين في 2020، قام “ساما” أواخر أكتوبر بخفض أسعار الفائدة الأساسية في أعقاب قيام “الفيدرالي” بخفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة خلال 2019. يذكر أن معظم البنوك المركزية حول العالم، التي تربط عملتها بالدولار، خفضت أسعار الفائدة المحلية لتنضم بذلك إلى دورة التيسير النقدي، التي يقودها مجلس الاحتياطي الاتحادي جنبا إلى جنب مع نظراء خليجيين.
3 مراجع لتسعير الائتمان
يعتمد القطاع المالي السعودي على ثلاثة مراجع تسعيرية، أولها وأقدمها الفائدة المعروضة بين البنوك السعودية “السايبور”، وثانيها “عقود المبادلة المقومة بالريال”، التي تستخدم لتسعير الائتمان في السوق المحلية، ويستخدم القطاع المالي هذا المؤشر في تسعير بعض عمليات الاقتراض الخاصة بالشركات، ويستخدم كذلك بدرجة نادرة “كمرجع تسعيري” مع تسعير الصكوك المحلية للقطاعين الخاص والحكومي، وثالث المراجع “عوائد الصكوك الحكومية لكل آجال الاستحقاق”، ويعد آخر مراجع التسعير للائتمان، التي ظهرت في الآونة الأخيرة.
ما السايبور؟
تستعين البنوك السعودية بمؤشر السايبور عندما تحاول الاقتراض من بعضها بعضا. والسايبور هو سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية لثلاثة أشهر. وتتفاوت أسعار السايبور وفقا لآجال الاقتراض “قصيرة الأجل” التي قد تراوح ما بين شهر إلى عام. وتعد أسعار السايبور بمنزلة العمود الفقري الذي تقوم عليه قروض الأفراد والشركات وكذلك بعض إصدارات السندات السيادية “التي تسعر بالفائدة المتغيرة” في السوق المحلية. فعلى أساسها، يتم تحديد الفوائد / الأرباح التي يدفعها المقترضون للبنوك. وتتم عملية احتسابه بعد أن يقدم 15 بنكا سعر الفائدة ويتم بعدها حذف أعلى وأقل رقمين ومن ثم ننتهي بمعدل نسبة الفائدة. وعندما ترتفع معدلات السايبور، يرتفع كذلك الهامش الربحي للبنوك التي قدمت قروضا لعملاء بفائدة متغيرة. وحدهم العملاء الذين اختاروا الفائدة الثابتة يصبحون في مأمن من تقلبات أسعار الفائدة.
وأعلن البنك المركزي السعودي في أواخر 2016 موافقته على ما تم الاتفاق عليه بين القطاع المصرفي وشركة “تومسون رويترز” بأن تكون الشركة مديرا لاحتساب وإدارة سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية “سايبور”.
وقال “ساما”، “إن هذه الخطوة تأتي في إطار الدور الإشرافي والرقابي الذي يقوم به على القطاع المصرفي، وسعيا منه إلى تعزيز الشفافية والمصداقية في آلية احتساب سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية (سايبور)”.
وتشارك اللجنة المشتركة الممثلة من البنوك في احتساب معدل “سايبور” الذي ستقوم “تومسون رويترز” باحتسابه، استنادا إلى منهجية وإجراءات تتوافق مع المبادئ والإرشادات التي وضعتها المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية “الأيسكو”.