جدار الدعاء .. في رحيل الحاج حسين النمر
منى يوسف النمر
يدق منبه الساعة الذي ضبطته على نغمة (حي على الصلاة) هذا وقتها قد حان .. هيا انهضي من رقدتك و استقبلي رباً بالدين حباك . فأقوم وقد ثقل جفنيّ ولا يزال يداعبهما الكرى لأغادر سريري الرغد الوثير فأتوضأ و أزيل النعاس الطاغي . أقف على سجادتي لأتم الركعات و نيتي مبيتة للرجوع إلى الرقاد مرة أخرى بعد إتمام فريضتي .
عندما أنتهي من التسبيحات أغادر غرفتي إلى غرفة صغاري لأطمئن عليهم و لأغطي أجسادهم التي سقط عنها اللحاف .
أدلف إلى غرفتهم الملاصقة لغرفة جديهم المؤمنَين المستقيمين ، فأقوم بما يجب من عمل أمومي لمن يحتاجه من الأطفال .
لكني أمكث في غرفتهم بفعل جذب مغناطيسي دون شعور حيث أبقى لأستمع إلى مناجاة و أدعية و تراتيل تتلى بصوت خاشع وبروحانية أسمعها من خلف الجدار . يرتله خالي و تردد من بعده خالتي في انسجام.
الدعاء تلو الدعاء و أنا أكرر خلفهم ما يقرآن و أتمتم ما أسمع من عذب أدعيتهما المعهودة في كل يوم فلا أبرح مكاني إلا مع شروق الشمس لتقول لي : حياك في يوم مبارك جديد مليء ببركة الجدين الطيبين.
أنظر لذلك الجدار و ألمسه بحنان شاكرة له لأنه لم يحجب صوتيهما المبتهلين عن مسامعي، و لأحمد الله على عطاياه الكريمة بتفضله علي بمثل تلك الأسرة.
أما الآن لم يعد ذلك الصوت ينير عتمة ليلنا الأظلم، ولم تعد تلك التراتيل تؤنس وحشتنا، لكن بقايا نفحات ذلك الرجل المؤمن تحفنا، تشعرنا بالدفئ والطمآنينة. وسيبقى فراقه الصعب.