المترجم: عدنان أحمد الحاجي
عندما تذكر “التوحد” ، هل يتبادر إلى ذهنك صبي؟
لو أجبت بـ “نعم” فهذا أمر مفهوم وطبيعي. أشارت التقديرات السابقة إلى أنه مقابل كل أنثى لديها طيف توحد، هناك أربعة ذكور.
لكن هذه التقديرات قد تتغير كلما زادت معرفتنا بالفتيات والنساء المصابات بالتوحد، كما تقول المعالجة النفسية للأطفال ميغان آدلي Meagan Adle الحاصلة على الدكتوراه في هذا التخصص. يؤثر التوحد في الإناث أيضًا – ولكنه يؤثر فيهن بشكل مختلف.
في بعض الأحيان لا تظهر الأعراض بنفس الطريقة التي تظهر بها عند الصبيان. في بعض الحالات قد تكون أكثر حدة؛ وفي حالات أخرى، ليست واضحة ويصعب ملاحظتها أو اكتشافها.
نتيجة لذلك، يعتقد الخبراء ن العديد من الفتيات المصابات بالتوحد لا يشخصن أو يشخصن بشكل خاطئ أو يشخصن في عمر متأخر عن العمر الذي يمكن فيه تشخيص الصبيان، وبالتالي يفقدن الدعم الذي يحتجنه.
جنس مختلف، علامات مختلفة
عندما يعمل أخصائيو الصحة السلوكية على تشخيص طفل لمعرفة ما إذا كان لديه توحد، فإنهم يبحثون عن علامات معينة. تقول الدكتورة آدلي إن علامتين من هذه العلامات تتمثلان في الاهتمامات المقيدة [أي ان يكون الاهتمام منصبًا على موضوع / شيء واحد محدد لا غير(1)]، والسلوكيات التكرارية (2).
على سبيل المثال، هل يركز الطفل على لعبة القطار علي حساب استبعاده كل شيء آخر؟ هل يمارس الطفل سلوكيات تكرارية(3)، مثل تكديس الألعاب؟ إلى جانب الصعوبات الأخرى التي يواجهها في المهارات الاجتماعية ، يمكن أن تساعد هذه العلامات الأطباء في تشخيص الطفل وتزويده بالخدمات الضرورية لتحسين حالته.
أفاد بحث حديث(4) بأن الفتيات اللاتي لديهن توحد قد لا يشخصن أو يُشخصن بحالة أخرى ، كحالتي القلق أو اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة. “قد يكون هذا صحيحًا بشكل خاص بالنسبة للفتيات المصابات بالتوحد عالي الأداء (5) اللاتي تظهر عليهن أعراضه دون أن يصاحب ذلك أي إعاقة ذهنية،” كما تقول الدكتورة آدلي. “يفيد بحث(6) بأن هذه الفتيات قد يبدين اهتمامًا اجتماعيًا أكبر ولا تظهر عليهن اهتمامات غير مقيدة(1) ولا سلوكيات تكرارية(2).”
قد لا يلتفت أيضًا إلى اهتمامات الفتيات المقيدة (1) وذلك لأنها ربما قد تكون اهتمامات مناسبة لعمرهن، مثل اهتماماتهن بالحيوانات الأليفة أو اهتماماتهن بمتابعة المشاهير، كما تقول الدكتورة آدلي .
ومع ذلك، فإن شدة اهتماماتهن تقف حجر عثرة في طريق الأنشطة الأخرى. وبالمثل، فقد تكون لدى الفتيات سلوكيات تكرارية مخفية لأنهن قادرات على التمثيل، مثل ترتيبهن للدمى أو فرزهن ونصنيفهن لها بشكل مستمر، أو تمثيل نفس المشهد مرارًا وتكرارًا.
أفادت الدراسات أيضًا إلى أن الفتيات المصابات بالتوحد عالي الأداء يمارسن “التمويه الاجتماعي(7) حيث يدركن الصعوبات الاجتماعية التي يواجهنها ويعملن بجد لدراسة كيف تتفاعل الفتيات الأخريات في محاولة منهن للتأقلم معهن. [المترجم: التموية الاجتماعي ينطوي على محاولة استخدام أساليب لاخفاء أعراض التوحد في الأوساط الاجتماعية ومنها تثبيط التحفيز الذاتي stimming أو التنميط stereotyping بغية مماثلة الغير وتكوين علاقات اجتماعية(8)”. وتوضح الدكتورة آدلي أن هذا قد يؤدي إلى مزيد من التأخر في التشخيص. والأهم من ذلك، أن الفتيات اللاتي لا يشخصن قد تظهر لديهن حالات أخرى يُخشي عليهن منها(9)، مثل القلق أو الاكتئاب أو إيذاء النفس / الاضرار بالنفس(10).
تعتمد الفروق الأخرى بين الذكور والإناث المصابين بالتوحد على حدة الأعراض وما إذا كانت هناك مخاوف إضافية من الإعاقات الذهنية أو اللغوية، كما تقول الدكتورة آدلي. على سبيل المثال ، تعاني الإناث المصابات بالتوحد منخفض الأداء من صعوبات أكثر حدة في التواصل واكتساب مهارات التواصل، فضلاً عن المستويات المعرفية المنخفضة، مقارنة بالذكور في نفس المستوى. [المترجم: تنقسم العملية المعرفية إلى ستة مستويات من الأدنى إلى الأعلى: التذكر، والفهم / الاستيعاب والتطبيق والتحلي ، والتقييم والإبداع(11)].
ماذا تعني هذه الاختلافات لأولياء الأمور والممارسين الصحيين
بالنسبة للمارسين الصحيين الذين يعملون مع الأطفال، يُعتبر فهم الاختلافات بين الذكور والإناث ذوي التوحد أمرًا مهمًا. تقول الدكتورة آدلي: “علينا تصميم مقاربة تلائم احتياجات كل منهم”.
على سبيل المثال، قد تستفيد بشكل كبير الفتيات المصابات بالتوحد منخفض الأداء اللاتي يعانين من ضعف في مهارات التواصل من الدمج الوثيق بين علاج اللغة / النطق والعلاج النفسي السلوكي(12). يجب أن يركز العلاج على تحسين مهارات التواصل والحد من تأثير السلوكيات الصعبة [المترجم:السلوكيات الصعبة هي حين يشعر الطفل أنه ليس لديه طريقة أخرى للتعبير عن مشاعره أو طريقة أخرى للحصول على ما يحتاج إليه (13)].
بالنسبة للفتيات المصابات بالتوحد عالي الأداء، خذ في الاعتبار ما قد تنطوي عليه فترة المراهقة من صعوبات. ثم تذكر أن التوحد يزيد من هذه الصعوبات. معرفة أن لدى الفتيات الاتي لديهن توحد مستوى احتمالات أعلى فيما يتعلق بمخاوف أنهن قد يعانين من اضطرابات صحة عقلية أخرى يجعل الأمر أكثر أهمية بكثير من حيث الاجتهاد في الحصول على ما يحتجنه من المساعدة والدعم السلوكي.
سيستمر البحث في الكشف عن هذه الاختلافات واستكشاف العوامل الجينية(13) التي قد تساعد في “وقاية” الفتيات من أعراض التوحد. في نفس الوقت، بالنسبة لأولياء أمورهن وغيرهم ممن يهتمون بالفتيات اللواتي تظهر عليهن علامات التوحد، توصي الدكتورة آدلي بأن يكون هذا الاهتمام استباقيًا ووقائيًا.
مصادر من داخل وخارج النص
1- https://www.massgeneral.org/children/autism/lurie-center/restricted-interests
2- https://ar.wikipedia.org/wiki/سلوكيات_متكررة_تركز_على_الجسم
3- “اضطراب الحركة التكراري أو اضطراب الحركة النمطي (أو اضطراب الحركات المتكررة أو القالبية) هو نوع من أنواع الاضطرابات الحركية يبدأ من مرحلة الطفولة وينطوي على سلوك حركي متكرر وغير وظيفي (على سبيل المثال، التلويح باليد أو قرع الرأس) يتعارض بشكل ملحوظ مع الأنشطة العادية أو يؤدي إلى حدوث إصابة بدنية. يجب التفريق بين هذا السلوك وبين السلوك المصاحب لتناول العقاقير كأثر جانبي لهذا العقار، أو أي حالة طبية أخرى؛ ولا يزال سبب هذا الاضطراب غير معروف.” مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/اضطراب_الحركة_التكراري
4- https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/23001766/
5 – التوحد عالي الأداء (HFA) هو مصطلح يطلق على الأشخاص المصابين بالتوحد والذين يُعتبرون من نوع «عالي الأداء» (من حيث حاصل الذكاء لدى الأشخاص المصابين بالتوحد حوالي 70 أو أعلى) من الأشخاص الآخرين المصابين بمثل هذا الاضطرب . من الممكن أن يعاني الأشخاص المصابون بالتوحد عالي الأداء من عجز في مجالات التواصل والتعرف على مشاعرهم الداخلية والتعبير عنها والتفاعل الاجتماعي. التوحد عالي الأداء ليس تشخيصًا مدرجًا في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، الإصدار الخامس DSM-5 أوالمراجعة العاشرة للتصنيف الدولي للأمراض ICD-10 .” قتبس من نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/التوحد_عالي_الأداء
6- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4269475/
7- https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/27899709/
8- https://molecularautism.biomedcentral.com/articles/10.1186/s13229-021-00421-1
9- https://www.spectrumnews.org/news/young-girls-autism-psychiatric-problems-boys/
10- https://ar.wikipedia.org/wiki/إيذاء_النفس
11- https://www.frontiersin.org/articles/10.3389/fpsyg.2021.661235/full
12- https://ar.wikipedia.org/wiki/علاج_سلوكي
13- https://www.naeyc.org/resources/topics/guidance-and-challenging-behaviors
المصدر الرئيس
