أقلام

إعادة تكييف التخصص الأكاديمي وسوق العمل المتغير والمتسارع

أمير الصالح

تخصصي المهني أو الأكاديمي غير مرغوب بسوق العمل في القطاع العام والخاص في الوقت الراهن، فما هو الحل للالتحاق بسوق العمل؟ هذا هو لسان حال البعض من حديثي التخرج لبعض التخصصات التي لم يعد عليها طلب لتسارع متغيرات مداخل ومخرجات سوق العمل، أو لعدة ظروف اقتصادية أخرى.
في هذه المقال سنتعرف على مفهوم المرونة والتكييف لمواكبة متطلبات سوق العمل المستحدثة والمتغيرة. وليس هناك أي حل سحري لأية معضلة وإنما هي محاولات جادة لتشخيص تحديات ومحاولة لاستكشاف حلول عملية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.

في البداية أفترض أن الشخص المتخرج أقدم على الالتحاق بمعهد أو جامعة ما في تخصص هو مُحب له وليس مفروضًا عليه، أو بسبب تدني درجاته، أو بسبب تأثير أصدقاء الثانوية علية، أو سعيًا لتحقيق لقب يرتضيه والديه، أو لأجل حمل لقب أكاديمي. فإن كان افتراضي صحيح بأن الشغف هو الدافع لاختيار التخصص، فان مجال النمو لدى المتخرج الجديد كبير وثقته بنفسه عالية، فقد يبتكر ويُبدع في تنشيط استخدام معارفه التخصصية المكتسبة لاكتساب معيشته، وإشباع شغفه، وزيادة نموه المهني
والأكاديمي، وهذا هو الخيار ” أ”.

وإن كان افتراضي غير صحيح فاني غير منصدم، لأن الاحصاءات المنقولة عن بعض المراكز الرسمية تقول ان 40٪؜ من خريجي الثانوية لا يعلمون أي تخصص يختارون، وأي مسار ينتقون. وللحق هناك عدة مبادرات رسمية وأهلية تم إطلاقها لتثقيف خريجي الثانوية في فن اختيار التخصص الأكاديمي والمهني المتوافق مع ميولهم وإمكاناتهم العقلية والعاطفية والنفسية. ولعل مبادرة ” مسك ” إحدى أفضل- إن لم تكن هي الافضل- في هذا السياق كما شاهدت حتى اللحظة. ولعل من المهم أن يُشخص ويعرف كل طالب نفسه في مراحل الثانوية، وكذلك الطالب الجامعي في مراحل دراسته الأولى عن مدى نضجه وسديد اختياراته. وشخصيًّا أطلقت عدة كتابات ومحاضرات في هذا المضمار تحت عنوان ” اعرف نفسك أولًا ” و” النضج ” و” صناعة القرار ” على سبيل المثال. فهناك قرارات في الحياة قد لا تجد فيها منافذ رجعة (U -Turn ) وإن وجدت منافذ رجعة فتكون بعد خسارة موارد وجهود وأوقات زمنية ذهبية وفرص كثيرة. وصناعة سعادة للشخص منا عبارة عن حسن توظيف وقت وحسن توظيف للموارد المتاحة لبلوغ مناطق ومكاسب الاستحقاق.

خيار ” ب “: قد يلجأ البعض من حديثي التخرج لطلب النصيحة والإرشاد والتوجيه من الأقارب والأصدقاء بعد أن يتخرج، أو قد يضطر البعض لطرح تساؤل عام في المواقع أو القروبات طلبًا للمساعدة في التوظيف أو التوجيه أو الاقتراح عليه بعد مرحلة التخرج لأسباب عدة، منها متغيرات سوق العمل وانكفاء أو تشبع السوق من تخصصات معينة، أو سوء الاختيار للتخصص من قبل المتخرج، أو ظروف اقتصادية عامة متغيرة منها انطلاق صناعات جديدة بمتطلبات عمل متجددة.
فيسمع ذلك المتخرج حديثًا عدة إرشادات واقتراحات، ونذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر:

‏- تعلم لغة إنجليزية فهي لغة التواصل في الأعمال.

– اكتب سيرة ذاتية CV بالإنجليزية وضع كلمة (بكالوريوس) دون ذكر التخصص، أو قدم سيرة ذاتية تتوافق مع متطلبات الوظيفة التي تود أن تقدم عليها مع الأمانة في إيجاد المشتركات مع إعلانات متطلبات الوظيفة.

‏- إكمال دراسة ماجستير في مجال لا يتطلب أن يكون امتداد لتخصصك الحالي، بحيث أن الباحث عن العمل يستشرق توجهات سوق العمل بعد تخرجه، ويكون تخصصه في الماجستير مرغربًا مع توجهات السوق، مع مراعاة الحرص على الانتهاء من إنجاز الشهادة بأسرع وقت ممكن لركوب قطار سوق العمل.

‏- دراسة دبلوم من جامعة أو مركز تدريب معتمد بتخصص مطلوب والانخراط في سوق العمل بناء على الشهادة الجديدة.

‏- البحث المكثف عن وظيفة بناء على توسيع رقعة البحث جغرافيًّا لتشمل مناطق أخرى (فاسعوا في مناكبها و كلوا من رزقه) الآية.

-في بداية المسيرة قد يكون من الحكمة قبول الالتحاق بوظيفة ذات مرتب متواضع واعتبار تلكم الفترة ضمن فترة اكتساب خبرة وتكوين صورة شاملة عن متطلبات سوق العمل، وعقد علاقات عمل مهنية لفتح آفاق الالتحاق بالشركات المميزة في ذات المضمار بعد صقل المهارات المطلوبة.

‏- تطوير مهارات معينة واستحصال شهادات منظمات علمية مرموقة بدورات متعددة خلال عملية التقديم على الوظائف وأثناء أوقات الفراغ عند الالتحاق بمهنة أقل من طموح الفرد.

-إجادة تطبيقات مثل الإكسل excel ومزجه بشغف المعرفة المالية والمحاسبة، فقد تتيح فرص الالتحاق بسوق عمل التحصيل الضرائبية الخارجية وهي من المهن الجديدة في سوق العمل المحلي.

طبعًا يعرف معظم الناس وجود سوق عمل جديد تحت اسم القطاع الثالث وهو رديف لسوق العمل في القطاعين الخاص والعام في سوق العمل المحلي، وهو سوق يكون أصحابه موسومين بأنهم freelancer . وهذا السوق في نمو ملحوظ، ويعتمد على السمعة المهنية المكتسبة عن الشخص في أوساط القطاع المهني الذي يعمل فيه، وفنون تسويق الذات عبر المنتجات الابداعية للفرد من خلال شبكات التواصل وتطبيقات مثل 𝐋𝐢𝐧𝐤𝐞𝐝𝐢𝐧. ويوجد بهذا القطاع الثالث تحديات عدة، وفي ذات الوقت جاذبية مميزة أهمها الديناميكية المستمرة والتكييف السريع مع عدة بيئات عمل، واختلاف مستوى الأمان الوظيفي.
وقد يبدأ المتخرج الجديد في بداية المشوار المهني في هذا القطاع الثالث بمرتب بخس نوعًا ما، ولكن مع الوقت تزداد قيمة ما يتم دفعه لذات الشخص لبروز أهمية مشاركته وإضافاته المستدامة والمميزة.
أكتفي بهذا القدر وأتمنى لكل متخرج/ متخرجة النجاح في المجال المهني والعلمي والأدبي والأخلاقي في حياته والتغلب على أي مشاعر سلبية قد تخالجه. ودعائي بجميل الحفظ للبلاد والعباد فأنتم جميعًا كبارًا وصغارًا محل اعتزازنا وفخرنا واستشراق المستقبل على تراب وطننا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى