العطل الصيفية ومزالق الانحراف
صالح المرهون
العطل الصيفية واستثمار فائض الوقت فيها، فيما يعود بالنفع على الجميع، فالعطلات على نحو عام ومنها العطل الصيفية جاءت انعكاسًا لتطور قوانين العمل في العصور الحالية، ومن حق الموظفين والطلاب بموجب ذلك التمتع بإجازات سنوية وعطل صيفية وأسبوعية، من هنا يأتي السؤأل عن الكيفية التي ينبغي أن يتعامل بها الناس مع هذه الإجازات والعطل، وما إذا كان يصلح التعامل معها باعتبارها إضافة غير محسوبة من العمر!؟ إذ إن هذا ما يبدو عليه تعامل بعض الناس مع إجازاتهم وعطلهم، وتبعًا لذلك لا يبدون حريصين ولا مهتمين باستثمار هذا الوقت الثمين من حياتهم، وهذا خطأ كبير يقع فيه هذا الصنف من الناس.
إن كل لحظة وساعة ويوم من عمر الإنسان هو قطعة من حياته، وإن عليه أن يستفيد منها ويستثمرها فيما ينغعه دنيا وآخرة، ويهمنا في هذه المساحة أن تناول البرامج المخصصة لأبنائنا الطلاب خلال العطلة الصيفية، في أمرين رئيسين، يتعلق أحدهما بضرورة استثمار هذا الوقت الثمين، واستثمار طاقات أبنائنا من خلال هذا الوقت، بحيث نحول العطلة الصيفية إلى فرصة للنمو والاستفادة النوعية، وجعلها قفزة تحقق المزيد من التقدم في حياة أبنائنا وبناتنا، عوضًا عن اعتبارها وقتًا ميتًا، يجري قتله وإمضاؤه على أي نحو كان. ومع التقدم الكبير الذي شهدته البشرية في العصر الراهن، فقد بات من الممكن الاستفادة على نحو أفضل من العطل الصيفية، خاصة في ظل وجود البرامج والوسائل والتسهيلات المتاحة في هذا السبيل. أما البعد الآخر والأخطر فهو حماية الأبناء والبنات من الانزلاق خلال العطلة الصيفية إلى طريق الفساد والانحراف، ذلك أنه بحسب الدراسات الاجتماعية الميدانية، ترتفع معدلات السلوكيات الطائشة والمنحرفة، في أوساط الشباب، خلال العطل الصيفية، والعامل الجوهري الذي يقف خلف ذلك هو زيادة أوقات الفراغ عند الشباب، التي يجري التعامل معها علة نحو سليم، وقد ورد عن أميرالمؤمنين(ع) قوله:( من الفراغ تكون الصبوة) والمقصود بالصلوة هنا، هي الأعمال والممارسات الصبيانية الطائشة والمنحرفة لدى الشباب غير الواعي، خاصة غي ظل وجود من يستثمر هذا الفراغ عند الشباب لجرهم نحو الانحرافات، على رأس هؤلاء المستفيدين من المخدرات، والعصابات، والتجمعات الفاسدة، فالعطلة الصيفية عند هذه الفئات المنحرفة فرصة ثمينة لاصطياد الشباب والفتيات، وإيقاعهم في بؤر الفساد والانحراف.
وهنا يأتي الدور الحيوي للعائلات والمؤسسات الدينية والثقافية والاجتماعية،
والواعين في المجتمع، إزاء الاستفادة من العطلة الصيفية، في كسب الشباب نحو الاهتمامات المفيدة لهم ولمجتمعاتهم وأوطانهم، إن على كل عائلة أن تهتم بالتخطيط لاستثمار العطل في تنمية الأبناء، ومع بقاء الترفيه عنصر رئيسًا، ولكنه ليس كل شيئ،فهناك برامج معروفة على مستوى العالم، وعلى مستوى المنطقة، ومن ذلك الرحلات المعرفية الصيفية، التي تتضمن إلى جانب الترفيه برامج معرفية وعملية مفيدة، تطور من قدرات الأبناء والبنات، وتطور مهاراتهم، وتطلعهم على آفات جديدة مفيدة، وفضلًا عن ذلك، ينبغي على الصعيد المحلي أن يجري تصميم البرامج المتنوعة التي تستوعب جل الأبناء والبنات خلال العطلة الصيفية.